( أولئك الذين حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وما لهم من ناصرين    ( 22 ) ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يدعون إلى كتاب الله ليحكم بينهم ثم يتولى فريق منهم وهم معرضون    ( 23 ) ) 
( أولئك الذين حبطت    ) بطلت ( أعمالهم في الدنيا والآخرة وما لهم من ناصرين    ) وبطلان العمل في الدنيا أن لا يقبل وفي الآخرة ألا يجازى عليه    . 
قوله تعالى : ( ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب     ) يعني اليهود    ( يدعون إلى كتاب الله    ) اختلفوا في هذا الكتاب ، فقال قتادة    : هم اليهود  دعوا إلى حكم القرآن فأعرضوا عنه 
وروى الضحاك  عن ابن عباس  رضي الله عنهما في هذه الآية : إن الله تعالى جعل القرآن حكما فيما بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم فحكم القرآن على اليهود  والنصارى  أنهم على غير الهدى فأعرضوا عنه ، وقال الآخرون : هو التوراة 
وروى سعيد بن جبير  وعكرمة  عن ابن عباس  رضي الله عنهما قال : دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم بيت المدراس على جماعة من اليهود ،  فدعاهم إلى الله عز وجل . فقال له نعيم بن عمرو  والحارث بن زيد    : على أي دين أنت يا محمد؟  فقال : على ملة إبراهيم ،  قالا إن إبراهيم  كان يهوديا ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :   [ ص: 22 ]   " فهلموا إلى التوراة فهي بيننا وبينكم " فأبيا عليه ، فأنزل الله تعالى هذه الآية 
وروى الكلبي  عن أبي صالح  عن ابن عباس  رضي الله عنهما أن رجلا وامرأة من أهل خيبر  زنيا وكان في كتابهم الرجم ، فكرهوا رجمهما لشرفهما فيهم فرفعوا أمرهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجوا أن يكون عنده رخصة فحكم عليهما بالرجم فقال له النعمان بن أوفى  وبحري بن عمرو    : جرت عليهما يا محمد  ليس عليهما الرجم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " بيني وبينكم التوراة " قالوا : قد أنصفتنا قال " فمن أعلمكم بالتوراة " قالوا رجل أعور يسكن فدك  يقال له ابن صوريا ،  فأرسلوا إليه فقدم المدينة ،  وكان جبريل  قد وصفه لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم " أنت ابن صوريا؟    " قال : نعم ، قال : " أنت أعلم اليهود    " ؟ قال : كذلك يزعمون قال : فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء من التوراة ، فيها الرجم مكتوب ، فقال له : " اقرأ " فلما أتى على آية الرجم وضع كفه عليها وقرأ ما بعدها على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال  عبد الله بن سلام    : يا رسول الله قد جاوزها فقام فرفع كفه عنها ثم قرأ على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى اليهود  بأن المحصن والمحصنة إذا زنيا وقامت عليهما البينة رجما ، وإن كانت المرأة حبلى تربص بها حتى تضع ما في بطنها ، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم باليهوديين فرجما ، فغضب اليهود  لذلك وانصرفوا فأنزل الله عز وجل ( ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يدعون إلى كتاب الله ليحكم بينهم ثم يتولى فريق منهم وهم معرضون    )   . 
				
						
						
