[ ص: 24 ]   ( تنزيل من رب العالمين    ( 80 ) أفبهذا الحديث أنتم مدهنون    ( 81 ) وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون    ( 82 ) ) 
( تنزيل من رب العالمين    ) أي القرآن منزل من عند رب العالمين    . سمي المنزل : تنزيلا على اتساع اللغة ، كما يقال للمقدور : قدر ، وللمخلوق : خلق . ( أفبهذا الحديث    ) يعني القرآن ( أنتم ) يا أهل مكة    ( مدهنون ) قال ابن عباس    : مكذبون . وقال مقاتل بن حيان    : كافرون ، نظيره : " ودوا لو تدهن فيدهنون    " ( القلم - 9 ) والمدهن والمداهن : الكذاب والمنافق وهو من الإدهان وهو الجري في الباطن على خلاف الظاهر هذا أصله ، ثم قيل للمكذب : مدهن وإن صرح بالتكذيب والكفر . ( وتجعلون رزقكم    ) حظكم ونصيبكم من القرآن ( أنكم تكذبون    ) قال الحسن  في هذه الآية : خسر عبد لا يكون حظه من كتاب الله إلا التكذيب به . وقال جماعة من المفسرين : معناه وتجعلون شكركم أنكم تكذبون . 
وقال الهيثم بن عدي    : إن من لغة أزد شنوءة    : ما رزق فلان بمعنى ما شكر وهذا في الاستسقاء بالأنواء  ، وذلك أنهم كانوا يقولون إذا مطروا : مطرنا بنوء كذا ، ولا يرون ذلك من فضل الله تعالى ، فقيل لهم : أتجعلون رزقكم ، أي : شكركم بما رزقتم ، يعني شكر رزقكم التكذيب ، فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه . 
أخبرنا أبو الحسن السرخسي  أخبرنا زاهر بن أحمد ،  أخبرنا أبو إسحاق الهاشمي  أخبرنا أبو مصعب  عن مالك ،  عن صالح بن كيسان ،  عن  عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود ،  عن زيد بن خالد الجهني  قال : صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة الصبح بالحديبية على أثر سماء كانت من الليل ، فلما انصرف أقبل على الناس فقال : " هل تدرون ماذا قال ربكم ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم قال : قال : أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر ، فأما من قال : مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي وكافر بالكواكب ، وأما من قال : مطرنا بنوء كذا وكذا ، فذلك كافر بي ومؤمن بالكواكب "   . ورواه ابن عباس  عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وزاد : فنزلت هذه الآية " فلا أقسم بمواقع النجوم    " إلى قوله : " وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون    " ( الواقعة - 82 ) .   [ ص: 25 ] 
أخبرنا إسماعيل بن عبد القاهر ،  أخبرنا عبد الغافر بن محمد ،  أخبرنا محمد بن عيسى الجلودي  أخبرنا إبراهيم بن محمد بن سفيان ،  حدثنا مسلم بن الحجاج ،  حدثني محمد بن سلمة المرادي  حدثنا  عبد الله بن وهب  عن عمرو بن الحارث ،  أخبرنا أبو يونس  حدثه عن  أبي هريرة  عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " ما أنزل الله من السماء من بركة إلا أصبح فريق من الناس بها كافرين ، ينزل الله تعالى الغيث فيقولون : مطرنا بكوكب كذا وكذا "   . 
				
						
						
