( إذ قالت امرأة عمران رب إني نذرت لك ما في بطني محررا فتقبل مني إنك أنت السميع العليم    ( 35 ) ) 
قوله تعالى : ( إذ قالت امرأة عمران    ) وهي حنة بنت قافوذا  أم مريم ، وعمران هو عمران بن ماثان  وليس بعمران أبي موسى  عليه السلام ، وبينهما ألف وثمانون سنة ، وكان بنو ماثان  رءوس بني إسرائيل  وأحبارهم وملوكهم وقيل : عمران بن أشهم    . 
قوله تعالى : ( رب إني نذرت لك ما في بطني محررا    ) أي جعلت الذي في بطني محررا نذرا مني لك ( فتقبل مني إنك أنت السميع العليم    ) والنذر : ما يوجبه الإنسان على نفسه ( محررا ) أي عتيقا خالصا لله مفرغا لعبادة الله ولخدمة الكنيسة لا أشغله بشيء من الدنيا ، وكل ما أخلص فهو محرر يقال : حررت العبد إذا أعتقته وخلصته من الرق 
قال الكلبي   ومحمد بن إسحاق  وغيرهما : كان المحرر إذا حرر جعل في الكنيسة يقوم عليها ويكنسها ويخدمها ولا يبرحها حتى يبلغ الحلم ، ثم يخير إن أحب أقام وإن أحب ذهب حيث شاء وإن أراد أن يخرج بعد التخيير لم يكن له ذلك ، ولم يكن أحد من الأنبياء والعلماء إلا ومن نسله محررا لبيت المقدس ،  ولم يكن محررا إلا الغلمان ، ولا تصلح له الجارية لما يصيبها من الحيض والأذى ، فحررت أم مريم  ما في بطنها ، وكانت القصة في ذلك أن زكريا  وعمران  تزوجا أختين ، وكانت أشياع بنت قافوذا  أم يحيى  عند زكريا ،  وكانت حنة بنت قافوذا  أم مريم  عند عمران ،  وكان قد أمسك عن حنة  الولد حتى أسنت وكانوا أهل بيت من الله بمكان ، فبينما هي في ظل شجرة بصرت بطائر يطعم فرخا فتحركت بذلك نفسها للولد فدعت الله أن يهب لها ولدا وقالت : اللهم لك علي إن رزقتني ولدا أن أتصدق به على بيت المقدس   [ ص: 30 ] فيكون من سدنته وخدمته ، فحملت بمريم  فحررت ما في بطنها ، ولم تعلم ما هو فقال لها زوجها : ويحك ما صنعت ، أرأيت إن كان ما في بطنك أنثى لا تصلح لذلك؟ فوقعا جميعا في هم من ذلك فهلك عمران  وحنة  حامل بمريم    . 
				
						
						
