( واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق إذ قربا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر قال لأقتلنك قال إنما يتقبل الله من المتقين    ( 27 ) ) 
قوله تعالى : ( واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق    )  وهما هابيل  وقابيل  ويقال له قابين ، ( إذ قربا قربانا    ) وكان سبب قربانهما على ما ذكره أهل العلم أن حواء كانت تلد لآدم  عليه السلام في كل بطن غلاما وجارية ، وكان جميع ما ولدته أربعين ولدا في عشرين بطنا أولهم قابيل  وتوأمته أقليما  ، وآخرهم عبد المغيث  وتوأمته أمة المغيث  ، ثم بارك الله عز وجل في نسل آدم  عليه السلام ، قال ابن عباس    : لم يمت آدم  حتى بلغ ولده وولد ولده أربعين ألفا . 
واختلفوا في مولد قابيل  وهابيل  ، فقال بعضهم : غشي آدم  حواء  بعد مهبطهما إلى الأرض بمائة سنة ، فولدت له قابيل  وتوأمته أقليما  في بطن واحد ، ثم ولدت هابيل  وتوأمته لبودا  في بطن .   [ ص: 42 ] 
وقال محمد بن إسحاق  عن بعض أهل العلم بالكتاب الأول : إن آدم  كان يغشى حواء  في الجنة قبل أن يصيب الخطيئة ، فحملت فيها بقابيل  وتوأمته أقليما  ، فلم تجد عليهما وحما ولا وصبا ولا طلقا حتى ولدتهما ، ولم تر معهما دما فلما هبط إلى الأرض تغشاها فحملت بهابيل  وتوأمته ، فوجدت عليهما الوحم والوصب والطلق والدم ، وكان آدم  إذا شب أولاده يزوج غلام هذا البطن جارية بطن أخرى ، فكان الرجل منهم يتزوج أية أخواته شاء إلا توأمته التي ولدت معه لأنه لم يكن يومئذ نساء إلا أخواتهم ، فلما ولد قابيل  وتوأمته أقليما  ثم هابيل  وتوأمته لبودا ، وكان بينهما سنتان في قول الكلبي  وأدركوا ، أمر الله تعالى آدم عليه السلام أن ينكح قابيل  لبودا  أخت هابيل  وينكح هابيل  أقليما أخت قابيل  ، وكانت أخت قابيل  أحسن من أخت هابيل  ، فذكر ذلك آدم  لولده فرضي هابيل  وسخط قابيل  ، وقال : هي أختي أنا أحق بها ، ونحن من [ ولادة ] الجنة وهما من [ ولادة ] الأرض ، فقال له أبوه : إنها لا تحل لك فأبى أن يقبل ذلك ، وقال : إن الله لم يأمره بهذا وإنما هو من رأيه ، فقال لهما آدم  عليه السلام : فقربا قربانا فأيكما يقبل قربانه فهو أحق بها ، وكانت القرابين إذا كانت مقبولة نزلت نار من السماء بيضاء فأكلتها ، وإذا لم تكن مقبولة لم تنزل النار وأكلته الطير والسباع ، فخرجا ليقربا [ قربانا ] وكان قابيل  صاحب زرع فقرب صبرة من الطعام من أردأ زرعه وأضمر في نفسه ما أبالي أيقبل مني أم لا ، لا يتزوج أختي أبدا ، وكان هابيل  صاحب غنم فعمد إلى أحسن كبش في غنمه فقرب به وأضمر في نفسه رضا الله عز وجل فوضعا قربانهما أعلى الجبل ، ثم دعا آدم  عليه السلام فنزلت نار من السماء وأكلت قربان هابيل  ولم تأكل قربان قابيل  فذلك قوله عز وجل : ( فتقبل من أحدهما    ) [ يعني هابيل    ] ( ولم يتقبل من الآخر    ) يعني : قابيل  فنزلوا على الجبل وقد غضب قابيل  لرد قربانه وكان يضمر الحسد في نفسه إلى أن أتى آدم  مكة  لزيارة البيت ، فلما غاب آدم أتى قابيل  هابيل  وهو في غنمه ، ( قال لأقتلنك    ) قال : ولم؟ قال : لأن الله تعالى قبل قربانك ورد قرباني ، وتنكح أختي الحسناء وأنكح أختك الدميمة ، فيتحدث الناس أنك خير مني ويفتخر ولدك على ولدي ، ( قال ) هابيل    : وما ذنبي؟ ( إنما يتقبل الله من المتقين    ) . 
				
						
						
