( وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون    ( 129 ) يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا شهدنا على أنفسنا وغرتهم الحياة الدنيا وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين    ( 130 ) ) 
( وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون     ) [ قيل : أي ] كما خذلنا عصاة الجن والإنس حتى استمتع بعضهم ببعض نولي بعض الظالمين بعضا ، أي : نسلط بعضهم على بعض ، فنأخذ من الظالم بالظالم ، كما جاء : " من أعان ظالما سلطه الله عليه " . 
وقال قتادة    : نجعل بعضهم أولياء بعض ، فالمؤمن ولي المؤمن [ أين كان ] والكافر ولي الكافر حيث كان . وروي عن معمر  عن قتادة    : نتبع بعضهم بعضا في النار ، من الموالاة ، وقيل : معناه نولي ظلمة الإنس ظلمة الجن ، ونولي ظلمة الجن ظلمة الإنس ، أي : نكل بعضهم إلى بعض ، كقوله تعالى : ( نوله ما تولى    ) ( النساء ، 115 ) ، وروى الكلبي  عن أبي صالح  عن ابن عباس  رضي الله عنهما في تفسيرها هو : أن الله تعالى إذا أراد بقوم خيرا ولى أمرهم خيارهم ، وإذا أراد بقوم شرا ولى أمرهم شرارهم   . 18   [ ص: 190 ] 
قوله - عز وجل - : ( يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم     ) اختلفوا في أن الجن هل أرسل إليهم منهم رسول ؟  فسئل الضحاك  عنه ، فقال : بلى ألم تسمع الله يقول ( ألم يأتكم رسل منكم    ) يعني بذلك رسلا من الإنس ورسلا من الجن . قال الكلبي    : كانت الرسل من قبل أن يبعث محمد    - صلى الله عليه وسلم - يبعثون إلى الجن وإلى الإنس جميعا   . 
قال مجاهد    : الرسل من الإنس ، والنذر من الجن ، ثم قرأ ( ولوا إلى قومهم منذرين    ) ( الأحقاف ، 29 ) ، وهم قوم يسمعون كلام الرسل فيبلغون الجن ما سمعوا ، وليس للجن رسل ، فعلى هذا قوله " رسل منكم    " ينصرف إلى أحد الصنفين وهم الإنس ، كما قال تعالى : ( يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان    ) ( الرحمن ، 22 ) وإنما يخرج من الملح دون العذب ، قال : ( وجعل القمر فيهن نورا    ) ( نوح ، 16 ) ، وإنما هو في سماء واحدة . 
( يقصون عليكم    ) أي : يقرءون عليكم ، ( آياتي    ) كتبي ( وينذرونكم لقاء يومكم هذا    ) وهو يوم القيامة ، ( قالوا شهدنا على أنفسنا    ) أنهم قد بلغوا ، قال مقاتل    : وذلك حين شهدت عليهم جوارحهم بالشرك والكفر . قال الله - عز وجل - : ( وغرتهم الحياة الدنيا    ) حتى لم يؤمنوا ، ( وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين    ) . 
				
						
						
