( ولكن الله سلم إنه عليم بذات الصدور إذ يريكهم الله في منامك قليلا ولو أراكهم كثيرا لفشلتم ولتنازعتم في الأمر ( 43 ) وإذ يريكموهم إذ التقيتم في أعينكم قليلا ويقللكم في أعينهم ليقضي الله أمرا كان مفعولا وإلى الله ترجع الأمور ( 44 ) )
قوله تعالى : ( إذ يريكهم الله ) يريك يا محمد المشركين ، ( في منامك ) أي : نومك . وقال الحسن : في منامك أي في عينك ، لأن العين موضع النوم ، ( قليلا ولو أراكهم كثيرا لفشلتم ) لجبنتم ( ولتنازعتم ) أي : اختلفتم ( في الأمر ) أي : في الإحجام والإقدام ، ( ولكن الله سلم ) أي سلمكم من المخالفة والفشل ، ( إنه عليم بذات الصدور ) قال ابن عباس : علم ما [ ص: 364 ] في صدوركم من الحب لله - عز وجل - :
( وإذ يريكموهم إذ التقيتم في أعينكم قليلا ) قال مقاتل : وذلك أن ، وأخبر أصحابه بما رأى ، فلما التقوا النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى في المنام أن العدو قليل قبل لقاء العدو ببدر قلل الله المشركين في أعين المؤمنين .
قال ابن مسعود رضي الله عنه : لقد قللوا في أعيننا حتى قلت لرجل إلى جنبي أتراهم سبعين؟ قال : أراهم مائة ، فأسرنا رجلا فقلنا كم كنتم؟ قال : ألفا .
( ويقللكم ) يا معشر المؤمنين ( في أعينهم ) قال : قال ناس من المشركين : إن العير قد انصرفت فارجعوا ، فقال السدي أبو جهل : الآن إذ برز لكم محمد وأصحابه؟ فلا ترجعوا حتى تستأصلوهم ، إنما محمد وأصحابه أكلة جزور ، فلا تقتلوهم ، واربطوهم بالحبال - يقوله من القدرة التي في نفسه - : قال الكلبي : استقل بعضهم بعضا ليجترئوا على القتال ، فقلل المشركين في أعين المؤمنين لكي لا يجبنوا ، وقلل المؤمنين في أعين المشركين لكي لا يهربوا ، ( ليقضي الله أمرا ) من إعلاء الإسلام وإعزاز أهله وإذلال الشرك وأهله . ( كان مفعولا ) كائنا ، ( وإلى الله ترجع الأمور )