( فإن تولوا فقد أبلغتكم ما أرسلت به إليكم ويستخلف ربي قوما غيركم ولا تضرونه شيئا إن ربي على كل شيء حفيظ     ( 57 ) ولما جاء أمرنا نجينا هودا والذين آمنوا معه برحمة منا ونجيناهم من عذاب غليظ    ( 58 ) وتلك عاد جحدوا بآيات ربهم وعصوا رسله واتبعوا أمر كل جبار عنيد    ( 59 ) وأتبعوا في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة ألا إن عادا كفروا ربهم ألا بعدا لعاد قوم هود    ( 60 ) . 
( فإن تولوا ) أي : تتولوا ، يعني : تعرضوا عما دعوتكم إليه ، ( فقد أبلغتكم ما أرسلت به إليكم ويستخلف ربي قوما غيركم ) أي : إن أعرضتم يهلككم الله عز وجل ويستبدل بكم قوما غيركم أطوع منكم ، يوحدونه ويعبدونه ، ( ولا تضرونه شيئا    ) بتوليكم وإعراضكم ، إنما تضرون أنفسكم . وقيل : لا تنقصونه شيئا إذا أهلككم لأن وجودكم وعدمكم عنده سواء ، ( إن ربي على كل شيء حفيظ    ) أي : لكل شيء حافظ ، يحفظني من أن تنالوني بسوء . 
قوله تعالى : ( ولما جاء أمرنا ) عذابنا ، ( نجينا هودا والذين آمنوا معه    ) وكانوا أربعة آلاف . ( برحمة ) بنعمة ( منا ونجيناهم من عذاب غليظ    ) وهو الريح التي أهلك بها عادا ، وقيل : العذاب الغليظ عذاب يوم القيامة ، أي : كما نجيناهم في الدنيا من العذاب كذلك نجيناهم في الآخرة . 
( وتلك عاد    ) رده إلى القبيلة ، ( جحدوا بآيات ربهم وعصوا رسله    ) يعني : هودا  وحده ، ذكره بلفظ الجمع لأن من كذب رسولا كان كمن كذب جميع الرسل ، ( واتبعوا أمر كل جبار عنيد    ) أي : واتبع السفلة والسقاط أهل التكبر والعناد ، والجبار : المتكبر ، والعنيد : الذي لا يقبل الحق ، يقال : عند الرجل يعند عنودا إذا أبى أن يقبل الشيء وإن عرفه . قال أبو عبيدة  العنيد والعاند والعنود والمعاند : المعارض لك بالخلاف . 
( وأتبعوا في هذه الدنيا لعنة    ) أي : أردفوا لعنة تلحقهم وتنصرف معهم واللعنة : هي الإبعاد والطرد عن الرحمة ، ( ويوم القيامة ) أي : وفي يوم القيامة أيضا لعنوا كما لعنوا في الدنيا والآخرة ،   [ ص: 185 ]   ( ألا إن عادا كفروا ربهم    ) أي : بربهم ، يقال : كفرته وكفرت به ، كما يقال : شكرته وشكرت له ونصحته ونصحت له . ( ألا بعدا لعاد قوم هود    ) قيل : بعدا من رحمة الله . وقيل : هلاكا . وللبعد معنيان : أحدهما : ضد القرب ، يقال منه : بعد يبعد بعدا ، والآخر : بمعنى الهلاك ، يقال منه : بعد يبعد بعدا وبعدا . 
				
						
						
