[ ص: 187 ]   ( فلما جاء أمرنا نجينا صالحا والذين آمنوا معه برحمة منا ومن خزي يومئذ إن ربك هو القوي العزيز     ( 66 ) وأخذ الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين    ( 67 ) كأن لم يغنوا فيها ألا إن ثمود كفروا ربهم ألا بعدا لثمود    ( 68 ) ولقد جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا سلاما قال سلام فما لبث أن جاء بعجل حنيذ    ( 69 ) . 
قوله تعالى : ( فلما جاء أمرنا نجينا صالحا والذين آمنوا معه برحمة منا ) بنعمة منا ، ( ومن خزي يومئذ    ) أي : من عذابه وهوانه . قرأ أبو جعفر  ونافع   والكسائي    : " خزي يومئذ " و " عذاب يومئذ " بفتح الميم . وقرأ الباقون بالكسر . ( إن ربك هو القوي العزيز    ) . 
( وأخذ الذين ظلموا    ) كفروا ، ( الصيحة ) وذلك أن جبريل  عليه السلام صاح عليهم صيحة واحدة فهلكوا جميعا . وقيل : أتتهم صيحة من السماء فيها صوت كل صاعقة وصوت كل شيء في الأرض ، فتقطعت قلوبهم في صدورهم . وإنما قال : " وأخذ " الصيحة مؤنثة ، لأن الصيحة بمعنى الصياح . ( فأصبحوا في ديارهم جاثمين ) صرعى هلكى . 
( كأن لم يغنوا فيها ) يقيموا ويكونوا فيها ( ألا إن ثمود كفروا ربهم ألا بعدا لثمود    ) قرأ حمزة  وحفص  ويعقوب    : " ثمود " غير منون ، وكذلك في سورة الفرقان والعنكبوت والنجم ، وافق أبو بكر  في النجم ، وقرأ الباقون بالتنوين ، وقرأ الكسائي    : " لثمود    " بخفض الدال والتنوين ، والباقون بنصب الدال ، فمن جره فلأنه اسم مذكر ، ومن لم يجره جعله اسما للقبيلة . 
قوله تعالى : ( ولقد جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى )  أراد بالرسل الملائكة . واختلفوا في عددهم ، فقال ابن عباس   وعطاء    : كانوا ثلاثة جبريل ،  وميكائيل ،  وإسرافيل    . 
وقال الضحاك    : كانوا تسعة . 
وقال مقاتل    : كانوا اثني عشر ملكا . 
وقال محمد بن كعب    : كان جبريل  ومعه سبعة . 
وقال  السدي    : كانوا أحد عشر ملكا على صورة الغلمان الوضاء وجوههم . 
( بالبشرى ) بالبشارة بإسحاق  ويعقوب    . وقيل : بإهلاك قوم لوط .   [ ص: 188 ]   ( قالوا سلاما ) أي : سلموا سلاما ، ( قال ) إبراهيم    ( سلام ) أي : عليكم سلام : وقيل : هو رفع على الحكاية ، كقوله تعالى : " وقولوا حطة " [ البقرة 85 والأعراف 161 ] ، وقرأ حمزة   والكسائي    " سلم " هاهنا وفي سورة الذاريات بكسر السين بلا ألف . قيل : هو بمعنى السلام . كما يقال : حل وحلال ، وحرم وحرام . وقيل : هو بمعنى الصلح ، أي : نحن سلم أي صلح لكم غير حرب . 
( فما لبث أن جاء بعجل حنيذ    ) والحنيذ والمحنوذ : هو المشوي على الحجارة في خد من الأرض ، وكان سمينا يسيل دسما ، كما قال في موضع آخر : " فجاء بعجل سمين " ( الذاريات - 26 )  : قال قتادة    : كان عامة مال إبراهيم  البقر . 
				
						
						
