( قالوا لقد علمت ما لنا في بناتك من حق وإنك لتعلم ما نريد     ( 79 ) قال لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد    ( 80 ) قالوا يا لوط إنا رسل ربك لن يصلوا إليك فأسر بأهلك بقطع من الليل ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك إنه مصيبها ما أصابهم إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب    ( 81 ) . 
( قالوا لقد علمت    ) يا لوط ،    ( ما لنا في بناتك من حق    ) أي : لسن أزواجا لنا فنستحقهن بالنكاح . وقيل : معناه ما لنا فيهن من حاجة وشهوة . ( وإنك لتعلم ما نريد    ) من إتيان الرجال . 
( قال ) لهم لوط  عند ذلك : ( لو أن لي بكم قوة    ) أراد قوة البدن ، أو القوة بالأتباع ،   ( أو آوي إلى ركن شديد    )  أي : أنضم إلى عشيرة مانعة . وجواب " لو " مضمر أي لقاتلناكم وحلنا بينكم وبينهم . قال  أبو هريرة    : ما بعث الله بعده نبيا إلا في منعة من عشيرته . 
أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ،  أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ،  أخبرنا محمد بن يوسف  ، حدثنا  محمد بن إسماعيل ،  أنبأنا أبو اليمان ،  أنبأنا شعيب بن أبي حمزة ،  أنبأنا أبو الزناد  عن  الأعرج  عن  أبي هريرة  رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " يغفر الله للوط  إن كان ليأوي إلى ركن شديد   " . 
قال ابن عباس  وأهل التفسير : أغلق لوط  بابه والملائكة معه في الدار ، وهو يناظرهم ويناشدهم من وراء الباب وهم يعالجون تسور الجدار ، فلما رأت الملائكة ما يلقى لوط بسببهم : 
  ( قالوا يا لوط    ) إن ركنك لشديد ، ( إنا رسل ربك لن يصلوا إليك    ) فافتح الباب ودعنا وإياهم ، ففتح الباب فدخلوا فاستأذن جبريل  ربه عز وجل في عقوبتهم ، فأذن له ، فقام في الصورة التي   [ ص: 193 ] يكون فيها فنشر جناحه وعليه وشاح من در منظوم ، وهو براق الثنايا ، أجلى الجبين ، ورأسه حبك مثل المرجان ، كأنه الثلج بياضا وقدماه إلى الخضرة ، فضرب بجناحه وجوههم فطمس أعينهم وأعماهم ، فصاروا لا يعرفون الطريق ولا يهتدون إلى بيوتهم ، فانصرفوا وهم يقولون : النجاء النجاء ، فإن في بيت لوط  أسحر قوم في الأرض سحرونا ، وجعلوا يقولون : يا لوط  كما أنت حتى تصبح فسترى ما تلقى منا غدا . يوعدونه ، فقال لوط  للملائكة : متى موعد إهلاكهم؟ فقالوا : الصبح ، فقال : أريد أسرع من ذلك فلو أهلكتموهم الآن ، فقالوا ( أليس الصبح بقريب    ) ثم قالوا ، ( فأسر ) يا لوط ،    ( بأهلك ) . 
قرأ أهل الحجاز    " فاسر " و " أن اسر " بوصل الألف حيث وقع في القرآن من سرى يسري ، وقرأ الباقون بقطع الألف من أسرى يسري ، ومعناهما واحد وهو المسير بالليل . 
( بقطع من الليل ) قال ابن عباس    : بطائفة من الليل . وقال الضحاك    : ببقية . وقال قتادة    : بعد مضي أوله وقيل : إنه السحر الأول . 
( ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك ) قرأ ابن كثير  وأبو عمرو    : " امرأتك " برفع التاء على الاستثناء من الالتفات ، أي : لا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك فإنها تلتفت فتهلك ، وكان لوط  قد أخرجها معه ونهى من تبعه ، ممن أسرى بهم أن يلتفت ، سوى زوجته ، فإنها لما سمعت هدة العذاب التفتت ، وقالت : يا قوماه ، فأدركها حجر فقتلها . 
وقرأ الآخرون : بنصب التاء على الاستثناء من الإسراء ، أي : فأسر بأهلك إلا امرأتك فلا تسر بها وخلفها مع قومها ، فإن هواها إليهم ، وتصديقه قراءة ابن مسعود    " فأسر بأهلك بقطع من الليل إلا امرأتك ولا يلتفت منكم أحد " . 
( إنه مصيبها ما أصابهم    ) من العذاب ، ( إن موعدهم الصبح    ) أي : موعد هلاكهم وقت الصبح ، فقال لوط :  أريد أسرع من ذلك ، فقالوا ( أليس الصبح بقريب    ) . 
				
						
						
