( وجاءت سيارة فأرسلوا واردهم فأدلى دلوه قال يا بشرى هذا غلام وأسروه بضاعة والله عليم بما يعملون    ( 19) ) . 
( وجاءت سيارة    ) وهم القوم المسافرون ، سموا سيارة لأنهم يسيرون في الأرض ، كانت رفقة من مدين  تريد مصر  فأخطئوا الطريق فنزلوا قريبا من الجب ، وكان الجب في [ قفر بعيد ] من العمران للرعاة والمارة ، وكان ماؤه مالحا فعذب حين ألقي يوسف  عليه السلام فيه ، فلما نزلوا أرسلوا رجلا من أهل مدين  يقال له مالك بن ذعر  ، [ لطلب الماء ] فذلك قوله عز وجل : ( فأرسلوا واردهم    ) والوارد الذي يتقدم الرفقة إلى الماء فيهيئ الأرشية والدلاء . 
( فأدلى دلوه    ) أي : أرسلها في البئر ، يقال : أدليت الدلو إذا أرسلتها في البئر ، ودلوتها إذا أخرجتها ، فتعلق يوسف  بالحبل فلما خرج إذا هو بغلام أحسن ما يكون . 
قال النبي صلى الله عليه وسلم :   "أعطي يوسف  شطر الحسن"    .  [ ص: 224 ] 
ويقال : إنه ورث ذلك الجمال من جدته سارة  وكانت قد أعطيت سدس الحسن . 
قال ابن إسحاق  ذهب يوسف  وأمه بثلثي الحسن . 
فلما رآه مالك بن ذعر    ( قال يا بشرى    ) قرأ الأكثرون هكذا بالألف وفتح الياء ، بشر المستقي أصحابه يقول : أبشروا . وقرأ أهل الكوفة    : يا بشرى ، بغير إضافة ، يريد نادى المستقي رجلا من أصحابه اسمه بشرى . ( هذا غلام    ) وروى ابن مجاهد  عن أبيه : أن جدران البئر كانت تبكي على يوسف  حين أخرج منها .   ( وأسروه ) أخفوه ( بضاعة ) قال مجاهد    : أسره مالك بن ذعر  وأصحابه من التجار الذين معهم وقالوا : هو بضاعة استبضعها بعض أهل الماء إلى مصر  خيفة أن يطلبوا منهم فيه المشاركة . 
وقيل : أراد أن إخوة يوسف  أسروا شأن يوسف  وقالوا هذا عبد لنا [ أبق ] . 
قال الله تعالى : ( والله عليم بما يعملون    ) فأتى يهوذا  يوسف  بالطعام فلم يجده في البئر ، فأخبر بذلك إخوته ، فطلبوه فإذا هم بمالك وأصحابه نزولا فأتوهم فإذا هم بيوسف  فقالوا هذا عبد آبق منا . ويقال : إنهم هددوا يوسف  حتى لم يعرف حاله . وقال مثل قولهم ، ثم باعوه ، فذلك قوله عز وجل : 
				
						
						
