( إنه لا ييئس من روح الله إلا القوم الكافرون يا بني اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ولا تيأسوا من روح الله ( 87 ) فلما دخلوا عليه قالوا يا أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر وجئنا ببضاعة مزجاة فأوف لنا الكيل وتصدق علينا إن الله يجزي المتصدقين ( 88 ) .
قوله عز وجل : ( يا بني اذهبوا فتحسسوا ) تخبروا واطلبوا الخبر ( من يوسف وأخيه ) والتحسس بالحاء والجيم لا يبعد أحدهما من الآخر ، إلا أن التحسس بالحاء في الخير وبالجيم في الشر والتحسس هو طلب الشيء بالحاسة . قال ابن عباس : معناه التمسوا ( ولا تيئسوا ) ولا تقنطوا ( من روح الله ) أي : من رحمة الله ، وقيل : من فرج الله . ( إنه لا ييئس من روح الله إلا القوم الكافرون .
( فلما دخلوا عليه ) وفيه إضمار تقديره : فخرجوا راجعين إلى مصر حتى وصلوا إليها فدخلوا على يوسف عليه السلام . ( قالوا يا أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر ) أي : الشدة والجوع ( وجئنا ببضاعة مزجاة ) أي : قليلة رديئة كاسدة ، لا تنفق في ثمن الطعام إلا بتجوز من البائع فيها ، وأصل الإزجاء : السوق والدفع . وقيل : للبضاعة مزجاة لأنها غير نافقة ، وإنما تجوز على دفع من آخذها . [ ص: 272 ]
واختلفوا فيها ، فقال ابن عباس : كانت دراهم رديئة زيوفا .
وقيل : كانت خلق الغرائر والحبال .
وقيل : كانت من متاع الأعراب من الصوف والأقط .
وقال الكلبي ، ومقاتل : كانت الحبة الخضراء .
وقيل : كانت من سويق المقل .
وقيل : كانت الأدم والنعال .
( فأوف لنا الكيل ) أي : أعطنا ما كنت تعطينا قبل بالثمن الجيد الوافي .
( وتصدق علينا ) أي : تفضل علينا بما بين الثمنين الجيد والرديء ولا تنقصنا . هذا قول أكثر المفسرين .
وقال ابن جريج ، والضحاك : وتصدق علينا برد أخينا إلينا .
( إن الله يجزي ) يثيب ( المتصدقين ) .
وقال الضحاك : لم يقولوا إن الله يجزيك; لأنهم لم يعلموا أنه مؤمن .
وسئل سفيان بن عيينة : عليه الصلاة والسلام فقال هل حرمت الصدقة على أحد من الأنبياء سوى نبينا سفيان : ألم تسمع قوله تعالى : ( وتصدق علينا إن الله يجزي المتصدقين ) ، يريد أن الصدقة كانت حلالا لهم .
وروي أن الحسن سمع رجلا يقول : اللهم تصدق علي ، فقال : إن الله لا يتصدق وإنما يتصدق من يبغي الثواب ، قل : اللهم أعطني أو تفضل علي .