[ ص: 51 ]   ( شاكرا لأنعمه اجتباه وهداه إلى صراط مستقيم     ( 121 ) وآتيناه في الدنيا حسنة وإنه في الآخرة لمن الصالحين    ( 122 ) ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين    ( 123 ) إنما جعل السبت على الذين اختلفوا فيه وإن ربك ليحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون    ( 124 ) ) 
( شاكرا لأنعمه اجتباه    ) اختاره ، ( وهداه إلى صراط مستقيم    ) أي : إلى دين الحق . ( وآتيناه في الدنيا حسنة    ) يعني الرسالة والخلة وقيل : لسان الصدق والثناء الحسن . 
وقال مقاتل بن حيان    : يعني الصلوات ، في قول هذه الأمة : اللهم صل على محمد  وعلى آل محمد  ، كما صليت على إبراهيم    . 
وقيل : أولادا أبرارا على الكبر . 
وقيل : القبول العام في جميع الأمم . 
( وإنه في الآخرة لمن الصالحين ) مع آبائه الصالحين في الجنة . وفي الآية تقديم وتأخير ، مجازه : وآتيناه في الدنيا والآخرة حسنة ، وإنه لمن الصالحين . ( ثم أوحينا إليك    ) يا محمد  ، ( أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا    ) حاجا مسلما ، ( وما كان من المشركين ) 
وقال أهل الأصول : كان النبي صلى الله عليه وسلم مأمورا بشريعة إبراهيم  إلا ما نسخ في شريعته ، وما لم ينسخ صار شرعا له . قوله تعالى : ( إنما جعل السبت على الذين اختلفوا فيه    ) قيل : معناه إنما جعل السبت لعنة على الذين اختلفوا فيه أي : خالفوا فيه . 
وقيل : معناه ما فرض الله تعظيم السبت وتحريمه إلا على الذين اختلفوا فيه أي : خالفوا فيه فقال قوم : هو أعظم الأيام ، لأن الله تعالى فرغ من خلق الأشياء يوم الجمعة ثم سبت يوم السبت . 
وقال قوم : بل أعظم الأيام يوم الأحد ، لأن الله تعالى ابتدأ فيه خلق الأشياء ، فاختاروا تعظيم غير ما فرض الله عليهم ، وقد افترض الله عليهم تعظيم يوم الجمعة .   [ ص: 52 ] 
قال الكلبي    : أمرهم موسى  عليه السلام بالجمعة ، فقال : تفرغوا لله في كل سبعة أيام يوما فاعبدوه يوم الجمعة ، ولا تعملوا فيه لصنعتكم ، وستة أيام لصناعتكم ، فأبوا وقالوا : لا نريد إلا اليوم الذي فرغ الله فيه من الخلق يوم السبت ، فجعل ذلك اليوم عليهم وشدد عليهم فيه ثم جاءهم عيسى  عليه السلام بيوم الجمعة ، فقالوا لا نريد أن يكون عيدهم بعد عيدنا - يعنون اليهود    - فاتخذوا الأحد فأعطى الله الجمعة هذه الأمة ، فقبلوها وبورك لهم فيها   . 
أخبرنا أبو علي حسان بن سعيد المنيعي  ، أخبرنا أبو طاهر محمد بن محمد بن محمش الزيادي  ، حدثنا أبو بكر محمد بن الحسين القطان  ، حدثنا  أحمد بن يوسف السلمي  ، أنبأنا عبد الرزاق  ، أنبأنا معمر  عن  همام بن منبه  قال : حدثنا  أبو هريرة  عن محمد  رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " نحن الآخرون السابقون يوم القيامة  ، بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا ، وأوتيناه من بعدهم ، فهذا يومهم الذي فرض عليهم فاختلفوا فيه ، فهدانا الله له ، فهم لنا فيه تبع ، فاليهود  غدا ، والنصارى  بعد غد   " . 
قال الله تعالى : ( إنما جعل السبت على الذين اختلفوا فيه    ) قال قتادة    : الذين اختلفوا فيه هم اليهود  ، استحله بعضهم ، وحرمه بعضهم . 
( وإن ربك ليحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون    ) 
				
						
						
