قَوْلُهُ : ( حَدَّثَنَا عَبْدَانُ ) هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ الْمَرْوَزِيُّ أَخْبَرَنَا nindex.php?page=showalam&ids=16418عَبْدُ اللَّهِ هُوَ ابْنُ الْمُبَارَكِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ هُوَ ابْنُ يَزِيدَ الْأَيْلِيُّ .

[ ص: 41 ] قَوْلُهُ : ( أَخْبَرَنَا يُونُسُ وَمَعْمَرٌ نَحْوَهُ ) أَيْ : أَنَّ nindex.php?page=showalam&ids=16418عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْمُبَارَكِ حَدَّثَ بِهِ عَبْدَانَ عَنْ يُونُسَ وَحْدَهُ ، وَحَدَّثَ بِهِ بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ يُونُسَ وَمَعْمَرٍ مَعًا ، أَمَّا بِاللَّفْظِ فَعَنْ يُونُسَ وَأَمَّا بِالْمَعْنَى فَعَنْ مَعْمَرٍ .

قَوْلُهُ ( nindex.php?page=showalam&ids=16523عُبَيْدُ اللَّهِ ) هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ الْآتِي فِي الْحَدِيثِ الَّذِي بَعْدَهُ .

قَوْلُهُ : ( أَجْوَدَ النَّاسِ ) بِنَصْبِ أَجْوَدَ ; لِأَنَّهَا خَبَرُ كَانَ ، وَقَدَّمَ ابْنُ عَبَّاسٍ هَذِهِ الْجُمْلَةَ عَلَى مَا بَعْدَهَا - وَإِنْ كَانَتْ لَا تَتَعَلَّقُ بِالْقُرْآنِ - عَلَى سَبِيلِ الِاحْتِرَاسِ مِنْ مَفْهُومِ مَا بَعْدَهَا . وَمَعْنَى أَجْوَدِ النَّاسِ : أَكْثَرَ النَّاسِ جُودًا ، وَالْجُودُ الْكَرَمُ ، وَهُوَ مِنَ الصِّفَاتِ الْمَحْمُودَةِ . وَقَدْ أَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ سَعْدٍ رَفَعَهُ " nindex.php?page=hadith&LINKID=883352إِنَّ اللَّهَ جَوَادٌ يُحِبُّ الْجُودَ " الْحَدِيثَ . وَلَهُ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ رَفَعَهُ " nindex.php?page=hadith&LINKID=883353أَنَا أَجْوَدُ وَلَدِ آدَمَ ، وَأَجْوَدُهُمْ بَعْدِي رَجُلٌ عَلِمَ عِلْمًا فَنَشَرَ عِلْمَهُ ، وَرَجُلٌ جَادَ بِنَفْسِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ " وَفِي سَنَدِهِ مَقَالٌ ، وَسَيَأْتِي فِي الصَّحِيحِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَنَسٍ " nindex.php?page=hadith&LINKID=883354كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَشْجَعَ النَّاسِ وَأَجْوَدَ النَّاسِ " الْحَدِيثَ .

قَوْلُهُ : ( وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ ) هُوَ بِرَفْعِ أَجْوَدَ هَكَذَا فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ ، وَأَجْوَدُ اسْمُ كَانَ وَخَبَرُهُ مَحْذُوفٌ ، وَهُوَ نَحْوُ أَخْطَبُ مَا يَكُونُ الْأَمِيرُ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ . أَوْ هُوَ مَرْفُوعٌ عَلَى أَنَّهُ مُبْتَدَأٌ مُضَافٌ إِلَى الْمَصْدَرِ وَهُوَ " مَا يَكُونُ " وَمَا مَصْدَرِيَّةٌ وَخَبَرُهُ فِي رَمَضَانَ ، وَالتَّقْدِيرُ أَجْوَدُ أَكْوَانِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي رَمَضَانَ ، وَإِلَى هَذَا جَنَحَ nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ فِي تَبْوِيبِهِ فِي كِتَابِ الصِّيَامِ إِذْ قَالَ " بَابُ nindex.php?page=treesubj&link=2333أَجْوَدَ مَا كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَكُونُ فِي رَمَضَانَ " ، وَفِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ " أَجْوَدَ " بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ كَانَ ، وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ خَبَرُهَا اسْمَهَا ، وَأُجِيبَ بِجَعْلِ اسْمِ كَانَ ضَمِيرَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَجْوَدَ خَبَرَهَا ، وَالتَّقْدِيرُ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُدَّةَ كَوْنِهِ فِي رَمَضَانَ أَجْوَدَ مِنْهُ فِي غَيْرِهِ ، قَالَ النَّوَوِيُّ : الرَّفْعُ أَشْهَرُ ، وَالنَّصْبُ جَائِزٌ . وَذَكَرَ أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ مَالِكٍ عَنْهُ فَخَرَّجَ الرَّفْعَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ وَالنَّصْبَ مِنْ وَجْهَيْنِ . وَذَكَرَ nindex.php?page=showalam&ids=12671ابْنُ الْحَاجِبِ فِي أَمَالِيهِ لِلرَّفْعِ خَمْسَةَ أَوْجُهٍ ، تَوَارَدَ ابْنُ مَالِكٍ مِنْهَا فِي وَجْهَيْنِ وَزَادَ ثَلَاثَةً وَلَمْ يُعَرِّجْ عَلَى النَّصْبِ . قُلْتُ : وَيُرَجِّحُ الرَّفْعَ وُرُودُهُ بِدُونِ كَانَ عِنْدَ الْمُؤَلِّفِ فِي الصَّوْمِ .

قَوْلُهُ : ( فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ ) قِيلَ الْحِكْمَةُ فِيهِ أَنَّ nindex.php?page=treesubj&link=2333مُدَارَسَةَ الْقُرْآنِ تُجَدِّدُ لَهُ الْعَهْدَ بِمَزِيدِ غِنَى النَّفْسِ ، وَالْغِنَى سَبَبُ الْجُودِ . وَالْجُودُ فِي الشَّرْعِ إِعْطَاءُ مَا يَنْبَغِي لِمَنْ يَنْبَغِي ، وَهُوَ أَعَمُّ مِنَ الصَّدَقَةِ . وَأَيْضًا فَرَمَضَانُ مَوْسِمُ الْخَيْرَاتِ ; لِأَنَّ نِعَمَ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ فِيهِ زَائِدَةٌ عَلَى غَيْرِهِ ، فَكَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُؤْثِرُ مُتَابَعَةَ سُنَّةِ اللَّهِ فِي عِبَادِهِ . فَبِمَجْمُوعِ مَا ذُكِرَ مِنَ الْوَقْتِ وَالْمَنْزُولِ بِهِ وَالنَّازِلِ وَالْمُذَاكَرَةِ حَصَلَ الْمَزِيدُ فِي الْجُودِ . وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى .

قَوْلُهُ : ( فَلَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ) الْفَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ ، وَاللَّامُ لِلِابْتِدَاءِ وَزِيدَتْ عَلَى الْمُبْتَدَأِ تَأْكِيدًا ، أَوْ هِيَ جَوَابُ قَسَمٍ مُقَدَّرٍ . وَالْمُرْسَلَةُ أَيِ : الْمُطْلَقَةُ يَعْنِي أَنَّهُ فِي الْإِسْرَاعِ بِالْجُودِ أَسْرَعُ مِنَ الرِّيحِ ، وَعَبَّرَ بِالْمُرْسَلَةِ إِشَارَةً إِلَى دَوَامِ هُبُوبِهَا بِالرَّحْمَةِ ، وَإِلَى عُمُومِ النَّفْعِ بِجُودِهِ كَمَا تَعُمُّ الرِّيحُ الْمُرْسَلَةُ جَمِيعَ مَا تَهُبُّ عَلَيْهِ . وَوَقَعَ عِنْدَ أَحْمَدَ فِي آخِرِ هَذَا الْحَدِيثِ " nindex.php?page=hadith&LINKID=883355لَا يُسْأَلُ شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاهُ " وَثَبَتَتْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ " nindex.php?page=hadith&LINKID=883356مَا سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَيْئًا فَقَالَ لَا " . وَقَالَ النَّوَوِيُّ : فِي الْحَدِيثِ فَوَائِدُ : مِنْهَا nindex.php?page=treesubj&link=19913الْحَثُّ عَلَى الْجُودِ فِي كُلِّ وَقْتٍ ، وَمِنْهَا الزِّيَادَةُ فِي رَمَضَانَ وَعِنْدَ الِاجْتِمَاعِ بِأَهْلِ الصَّلَاحِ . وَفِيهِ زِيَارَةُ الصُّلَحَاءِ وَأَهْلِ الْخَيْرِ ، وَتَكْرَارُ ذَلِكَ إِذَا كَانَ الْمَزُورُ لَا يَكْرَهُهُ ، وَاسْتِحْبَابُ nindex.php?page=treesubj&link=2443الْإِكْثَارِ مِنَ الْقِرَاءَةِ فِي رَمَضَانَ وَكَوْنُهَا أَفْضَلَ [ ص: 42 ] مِنْ سَائِرِ الْأَذْكَارِ ، إِذْ لَوْ كَانَ الذِّكْرُ أَفْضَلَ أَوْ مُسَاوِيًا لَفَعَلَاهُ . فَإِنْ قِيلَ : الْمَقْصُودُ تَجْوِيدُ الْحِفْظِ ، قُلْنَا الْحِفْظُ كَانَ حَاصِلًا ، وَالزِّيَادَةُ فِيهِ تَحْصُلُ بِبَعْضِ الْمَجَالِسِ ، وَأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ رَمَضَانُ مِنْ غَيْرِ إِضَافَةٍ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا يَظْهَرُ بِالتَّأَمُّلِ . قُلْتُ : وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ nindex.php?page=treesubj&link=28858ابْتِدَاءَ نُزُولِ الْقُرْآنِ كَانَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ ; لِأَنَّ نُزُولَهُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا جُمْلَةً وَاحِدَةً كَانَ فِي رَمَضَانَ كَمَا ثَبَتَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، فَكَانَ جِبْرِيلُ يَتَعَاهَدُهُ فِي كُلِّ سَنَةٍ فَيُعَارِضُهُ بِمَا نَزَلَ عَلَيْهِ مِنْ رَمَضَانَ إِلَى رَمَضَانَ ، فَلَمَّا كَانَ الْعَامُ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ عَارَضَهُ بِهِ مَرَّتَيْنِ كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ فَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا . وَبِهَذَا يُجَابُ مَنْ سَأَلَ عَنْ مُنَاسَبَةِ إِيرَادِ هَذَا الْحَدِيثِ فِي هَذَا الْبَابِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ .