الْحَدِيثُ الثَّالِثُ حَدِيثُ الْبَرَاءِ " أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِسَبْعٍ " .

قَوْلُهُ : ( وَعَنِ الشُّرْبِ فِي الْفِضَّةِ أَوْ قَالَ فِي آنِيَةِ الْفِضَّةِ ) شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي . زَادَ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنِ الْبَرَاءِ فَإِنَّهُ مَنْ شَرِبَ فِيهَا فِي الدُّنْيَا لَمْ يَشْرَبْ فِيهَا فِي الْآخِرَةِ وَمِثْلُهُ فِي حَدِيثِ nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ nindex.php?page=hadith&LINKID=848939مَنْ شَرِبَ فِي آنِيَةِ الْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ فِي الدُّنْيَا لَمْ يَشْرَبْ فِيهَا فِي الْآخِرَةِ ، وَآنِيَةُ أَهْلِ الْجَنَّةِ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ أَخْرَجَهُ nindex.php?page=showalam&ids=15397النَّسَائِيُّ بِسَنَدٍ قَوِيٍّ ، وَسَيَأْتِي شَرْحُ حَدِيثِ الْبَرَاءِ مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ الْأَدَبِ ، وَيَأْتِي مَا يَتَعَلَّقُ بِاللِّبَاسِ مِنْهُ فِي كِتَابِ اللِّبَاسِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ - تَعَالَى - . وَفِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ تَحْرِيمُ nindex.php?page=treesubj&link=18367الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ رَجُلًا كَانَ أَوِ امْرَأَةً ، وَلَا يَلْتَحِقُ ذَلِكَ بِالْحُلِيِّ لِلنِّسَاءِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنَ التَّزَيُّنِ الَّذِي أُبِيحَ لَهَا فِي شَيْءٍ ، قَالَ الْقُرْطُبِيُّ وَغَيْرُهُ : فِي الْحَدِيثِ تَحْرِيمُ nindex.php?page=treesubj&link=18367اسْتِعْمَالِ أَوَانِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فِي الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ ، وَيُلْحَقُ بِهِمَا مَا فِي مَعْنَاهُمَا مِثْلُ التَّطَيُّبِ وَالتَّكَحُّلِ وَسَائِرِ وُجُوهِ الِاسْتِعْمَالَاتِ ، وَبِهَذَا قَالَ الْجُمْهُورُ ، وَأَغْرَبَتْ طَائِفَةٌ شَذَّتْ فَأَبَاحَتْ ذَلِكَ مُطْلَقًا ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَصَرَ التَّحْرِيمَ عَلَى الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَصَرَهُ عَلَى الشُّرْبِ لِأَنَّهُ لَمْ يَقِفْ عَلَى الزِّيَادَةِ فِي الْأَكْلِ ، قَالَ : وَاخْتُلِفَ فِي عِلَّةِ الْمَنْعِ فَقِيلَ : إِنَّ ذَلِكَ يَرْجِعُ إِلَى عَيْنِهِمَا ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ هِيَ لَهُمْ وَإِنَّهَا لَهُمْ ، وَقِيلَ : لِكَوْنِهِمَا الْأَثْمَانَ وَقِيَمَ الْمُتْلَفَاتِ ، فَلَوْ أُبِيحَ اسْتِعْمَالُهَا لَجَازَ اتِّخَاذُ الْآلَاتِ مِنْهُمَا فَيُفْضِي إِلَى قِلَّتِهِمَا بِأَيْدِي النَّاسِ فَيُجْحَفُ بِهِمْ ، وَمَثَّلَهُ nindex.php?page=showalam&ids=14847الْغَزَالِيُّ بِالْحُكَّامِ الَّذِينَ وَظِيفَتُهُمُ التَّصَرُّفُ لِإِظْهَارِ الْعَدْلِ بَيْنَ النَّاسِ ، فَلَوْ مُنِعُوا التَّصَرُّفَ لَأَخَلَّ ذَلِكَ بِالْعَدْلِ ، فَكَذَا فِي اتِّخَاذِ الْأَوَانِي مِنَ النَّقْدَيْنِ حَبْسٌ لَهُمَا عَنِ التَّصَرُّفِ الَّذِي يَنْتَفِعُ بِهِ النَّاسُ . وَيَرُدُّ عَلَى هَذَا جَوَازُ الْحُلِيِّ لِلنِّسَاءِ مِنَ النَّقْدَيْنِ ، وَيُمْكِنُ الِانْفِصَالُ عَنْهُ . وَهَذِهِ الْعِلَّةُ هِيَ الرَّاجِحَةُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ ، وَبِهِ صَرَّحَ أَبُو عَلِيٍّ السَّنْجِيُّ وَأَبُو مُحَمَّدٍ الْجُوَيْنِيُّ . وَقِيلَ : عِلَّةُ التَّحْرِيمِ السَّرَفُ وَالْخُيَلَاءُ ، أَوْ كَسْرُ قُلُوبِ الْفُقَرَاءِ . وَيَرُدُّ عَلَيْهِ جَوَازُ nindex.php?page=treesubj&link=18367اسْتِعْمَالِ الْأَوَانِي مِنَ الْجَوَاهِرِ النَّفِيسَةِ وَغَالِبُهَا أَنْفَسُ وَأَكْثَرُ قِيمَةً مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ ، وَلَمْ يَمْنَعْهَا إِلَّا مَنْ شَذَّ . وَقَدْ نَقَلَ ابْنُ الصَّبَّاغِ فِي " الشَّامِلِ " الْإِجْمَاعَ عَلَى الْجَوَازِ ، وَتَبِعَهُ الرَّافِعِيُّ وَمَنْ بَعْدَهُ . لَكِنْ فِي " زَوَائِدِ الْعُمْرَانِيِّ " عَنْ صَاحِبِ " الْفُرُوعِ " نَقَلَ وَجْهَيْنِ . وَقِيلَ : الْعِلَّةُ فِي الْمَنْعِ التَّشَبُّهُ بِالْأَعَاجِمِ ، وَفِي ذَلِكَ نَظَرٌ لِثُبُوتِ الْوَعِيدِ لِفَاعِلِهِ ، وَمُجَرَّدُ التَّشَبُّهِ لَا يَصِلُ إِلَى ذَلِكَ . وَاخْتُلِفَ فِي اتِّخَاذِ الْأَوَانِي دُونَ اسْتِعْمَالِهَا كَمَا تَقَدَّمَ ، وَالْأَشْهَرُ الْمَنْعُ وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ ، وَرَخَّصَتْ فِيهِ طَائِفَةٌ ، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْعِلَّةِ فِي مَنْعِ الِاسْتِعْمَالِ ، وَيَتَفَرَّعُ عَلَى ذَلِكَ غَرَامَةُ أَرْشِ مَا أُفْسِدَ مِنْهَا وَجَوَازُ الِاسْتِئْجَارِ عَلَيْهَا .

[ ص: 101 ]