الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
965 حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=12418إسحاق قال حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17282وهب بن جرير قال أخبرنا nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة عن محمد بن أبي بكر عن عباد بن تميم عن nindex.php?page=showalam&ids=4804عبد الله بن زيد nindex.php?page=hadith&LINKID=650955أن النبي صلى الله عليه وسلم nindex.php?page=treesubj&link=32851استسقى فقلب رداءه
[ ص: 578 ]
[ ص: 578 ] قوله : ( باب تحويل الرداء في الاستسقاء ) ترجم لمشروعيته خلافا لمن نفاه ، ثم ترجم بعد ذلك لكيفيته كما سيأتي .
قوله : ( حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=12418إسحاق ) هو ابن راهويه كما جزم به أبو نعيم في المستخرج وأخرجه من طريقه .
قوله : ( عن محمد بن أبي بكر ) أي ابن محمد بن عمرو بن حزم ، وهو أخو عبد الله بن أبي بكر المذكور في الطريق الثانية من هذا الباب ، وقد حدث به عن عباد أبوهما أبو بكر بن محمد بن عمرو كما سيأتي بعد خمسة عشر بابا .
قوله : ( استسقى فقلب رداءه ) ذكر الواقدي أن طول ردائه - صلى الله عليه وسلم - كان ستة أذرع في ثلاثة أذرع وطول إزاره أربعة أذرع وشبرين في ذراعين وشبر ، كان يلبسهما في الجمعة والعيدين . ووقع في " شرح الأحكام لابن بزيزة " ذرع الرداء كالذي ذكره الواقدي في فرع الإزار ، والأول أولى . قال الزين بن المنير : ترجم بلفظ التحويل ، والذي وقع في الطريقين اللذين ساقهما لفظ القلب ، وكأنه أراد أنهما بمعنى واحد . انتهى .
ولم تتفق الرواة في الطريق الثانية على لفظ القلب ، فإن رواية أبي ذر " حول " وكذا هو في أول حديث في الاستسقاء ، وكذلك أخرجه مسلم من طريق مالك عن عبد الله بن أبي بكر ، وقد وقع بيان المراد من ذلك في " باب الاستسقاء بالمصلى " في زيادة سفيان عن المسعودي عن nindex.php?page=showalam&ids=11949أبي بكر بن محمد ، ولفظه " قلب رداءه جعل اليمين على الشمال " وزاد فيه ابن ماجه وابن خزيمة من هذا الوجه " والشمال على اليمين " والمسعودي ليس من شرط الكتاب وإنما ذكر زيادته استطرادا ، وسيأتي بيان كون زيادته موصولة أو معلقة في الباب المذكور إن شاء الله تعالى . وله شاهد أخرجه أبو داود من طريق الزبيدي عن الزهري عن عباد بلفظ " nindex.php?page=hadith&LINKID=856975فجعل عطافه الأيمن على عاتقه الأيسر ، وعطافه الأيسر على عاتقه الأيمن " وله من طريق عمارة بن غزية عن عباد " nindex.php?page=hadith&LINKID=856976استسقى وعليه خميصة سوداء ، فأراد أن يأخذ بأسفلها فيجعله أعلاها ، فلما ثقلت عليه قلبها على عاتقه " وقد استحب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في الجديد فعل ما هم به - صلى الله عليه وسلم - من تنكيس الرداء مع التحويل الموصوف ، وزعم القرطبي كغيره أن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي اختار في الجديد تنكيس الرداء لا تحويله ، والذي في " الأم " ما ذكرته . والجمهور على استحباب التحويل فقط ، ولا ريب أن الذي [ ص: 579 ] استحبه nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي أحوط [1] . وعن أبي حنيفة وبعض المالكية لا يستحب شيء من ذلك ، واستحب الجمهور أيضا أن يحول الناس بتحويل الإمام ، ويشهد له ما رواه أحمد من طريق أخرى عن عباد في هذا الحديث بلفظ " وحول الناس معه " وقال الليث وأبو يوسف : يحول الإمام وحده . واستثنى ابن الماجشون النساء فقال : لا يستحب في حقهن . ثم إن ظاهر قوله : فقلب رداءه " أن التحويل وقع بعد فراغ الاستسقاء ، وليس كذلك ، بل المعنى nindex.php?page=treesubj&link=32851فقلب رداءه في أثناء الاستسقاء . وقد بينه مالك في روايته المذكورة ولفظه " nindex.php?page=hadith&LINKID=856977حول رداءه حين استقبل القبلة " ولمسلم من رواية يحيى بن سعيد عن nindex.php?page=showalam&ids=11949أبي بكر بن محمد " nindex.php?page=hadith&LINKID=856978وإنه لما أراد أن يدعو استقبل القبلة وحول رداءه " وأصله للمصنف كما سيأتي بعد أبواب ، وله من رواية الزهري عن عباد nindex.php?page=hadith&LINKID=856979فقام فدعا الله قائما ، ثم توجه قبل القبلة وحول رداءه ، فعرف بذلك أن التحويل وقع في أثناء الخطبة عند إرادة الدعاء . واختلف في حكمة هذا التحويل : فجزم المهلب بأنه للتفاؤل بتحويل الحال عما هي عليه ، وتعقبه nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي بأن من شرط الفأل أن لا يقصد إليه . قال : وإنما التحويل أمارة بينه وبين ربه ، قيل له حول رداءك ليتحول حالك . وتعقب بأن الذي جزم به يحتاج إلى نقل ، والذي رده ورد فيه حديث رجاله ثقات أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم من طريق nindex.php?page=showalam&ids=15639جعفر بن محمد بن علي عن أبيه عن جابر ، ورجح nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني إرساله . وعلى كل حال فهو أولى من القول بالظن . وقال بعضهم : إنما حول رداءه ليكون أثبت على عاتقه عند رفع يديه في الدعاء فلا يكون سنة في كل حال . وأجيب بأن التحويل من جهة إلى جهة لا يقتضي الثبوت على العاتق ، فالحمل على المعنى الأول أولى ، فإن الاتباع أولى من تركه لمجرد احتمال الخصوص ، والله أعلم .