باب استحباب تواضع الآكل وصفة قعوده

2044 حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو سعيد الأشج كلاهما عن حفص قال أبو بكر حدثنا حفص بن غياث عن مصعب بن سليم حدثنا أنس بن مالك قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم مقعيا يأكل تمرا

التالي السابق

الشرح

فِيهِ أَنَسٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ( رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُقْعِيًا يَأْكُلُ تَمْرًا ) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى : ( أُتِيَ بِتَمْرٍ فَجَعَلَ ، النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْسِمُهُ ، وَهُوَ مُحْتَفِزٌ يَأْكُلُ مِنْهُ أَكْلًا ذَرِيعًا ) ، وَفِي رِوَايَةٍ : ( أَكْلًا حَثِيثًا ) .

قَوْلُهُ : ( مُقْعِيًا ) أَيْ جَالِسًا عَلَى أَلْيَتَيْهِ نَاصِبًا سَاقَيْهِ ( وَمُحْتَفِزٌ ) هُوَ بِالزَّايِ أَيْ مُسْتَعْجِلٌ مُسْتَوْفِزٌ غَيْرُ مُتَمَكِّنٍ فِي جُلُوسِهِ ، وَهُوَ بِمَعْنَى قَوْلِهِ : ( مُقْعِيًا ) وَهُوَ أَيْضًا مَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ " لَا آكُلُ مُتَّكِئًا " عَلَى مَا فَسَّرَهُ الْإِمَامُ الْخَطَّابِيُّ فَإِنَّهُ قَالَ : الْمُتَّكِئُ فِي جُلُوسِهِ مِنَ التَّرَبُّعِ ، وَشِبْهِهِ الْمُعْتَمِدُ عَلَى الْوِطَاءِ تَحْتَهُ ، قَالَ : وَكُلُّ مَنِ اسْتَوَى قَاعِدًا عَلَى وِطَاءٍ فَهُوَ مُتَّكِئٌ ، وَمَعْنَاهُ : لَا آكُلُ أَكْلَ مَنْ يُرِيدُ الِاسْتِكْثَارَ مِنَ الطَّعَامِ وَيَقْعُدُ لَهُ مُتَمَكِّنًا ، بَلْ أَقْعُدُ مُسْتَوْفِزًا ، وَآكُلُ قَلِيلًا .

فيه أنس - رضي الله عنه - ( رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مقعيا يأكل تمرا ) وفي الرواية الأخرى : ( أتي بتمر فجعل ، النبي صلى الله عليه وسلم يقسمه ، وهو محتفز يأكل منه أكلا ذريعا ) ، وفي رواية : ( أكلا حثيثا ) .

قوله : ( مقعيا ) أي جالسا على أليتيه ناصبا ساقيه ( ومحتفز ) هو بالزاي أي مستعجل مستوفز غير متمكن في جلوسه ، وهو بمعنى قوله : ( مقعيا ) وهو أيضا معنى قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر في صحيح البخاري وغيره " لا آكل متكئا " على ما فسره الإمام الخطابي فإنه قال : المتكئ في جلوسه من التربع ، وشبهه المعتمد على الوطاء تحته ، قال : وكل من استوى قاعدا على وطاء فهو متكئ ، ومعناه : لا آكل أكل من يريد الاستكثار من الطعام ويقعد له متمكنا ، بل أقعد مستوفزا ، وآكل قليلا .