قَوْلُهُ : ( وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُؤْتَى ) مَعْنَاهُ تَأْتِيهِ الْمَلَائِكَةُ وَالْوَحْيُ ، كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ ( nindex.php?page=hadith&LINKID=3506915إِنِّي أُنَاجِي مَنْ لَا تُنَاجِي ، وَأَنَّ الْمَلَائِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ بَنُو آدَمَ ) وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتْرُكُ الثُّومَ دَائِمًا ؛ لِأَنَّهُ يَتَوَقَّعُ مَجِيءَ الْمَلَائِكَةِ وَالْوَحْيِ كُلَّ سَاعَةٍ .

وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي حُكْمِ nindex.php?page=treesubj&link=23674الثُّومِ فِي حَقِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَكَذَلِكَ الْبَصَلُ وَالْكُرَّاثُ وَنَحْوُهَا ، فَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا : هِيَ مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِ ، وَالْأَصَحُّ عِنْدَهُمْ أَنَّهَا مَكْرُوهَةٌ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ ، لَيْسَتْ مُحَرَّمَةً لِعُمُومِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) : لَا ، فِي جَوَابِ قَوْلِهِ أَحَرَامٌ هُوَ ؟ وَمَنْ قَالَ بِالْأَوَّلِ يَقُولُ : مَعْنَى الْحَدِيثِ لَيْسَ بِحَرَامٍ فِي حَقِّكُمْ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

قَوْلُهُ : ( nindex.php?page=hadith&LINKID=3506916كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أُتِيَ بِطَعَامٍ أَكَلَ مِنْهُ ، وَبَعَثَ بِفَضْلِهِ إِلَيَّ ) قَالَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذَا : إِنَّهُ يُسْتَحَبُّ nindex.php?page=treesubj&link=27214لِلْآكِلِ وَالشَّارِبِ أَنْ يُفْضِلَ مِمَّا يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ فَضْلَةً لِيُوَاسِيَ بِهَا مَنْ بَعْدَهُ ، لَا سِيَّمَا إِنْ كَانَ مِمَّنْ يُتَبَرَّكُ بِفَضْلَتِهِ ، وَكَذَا إِذَا كَانَ فِي الطَّعَامِ قِلَّةً ، وَلَهُمْ إِلَيْهِ حَاجَةٌ ، وَيَتَأَكَّدُ هَذَا فِي حَقِّ الضَّيْفِ ، لَا سِيَّمَا إِنْ كَانَتْ عَادَةُ أَهْلِ الطَّعَامِ أَنْ يُخْرِجُوا كُلَّ مَا عِنْدَهُمْ وَتَنْتَظِرُ عِيَالُهُمُ الْفَضْلَةَ ، كَمَا يَفْعَلُهُ كَثِيرٌ [ ص: 208 ] مِنَ النَّاسِ . وَنَقَلُوا أَنَّ السَّلَفَ كَانُوا يَسْتَحِبُّونَ إِفْضَالَ هَذِهِ الْفَضْلَةِ الْمَذْكُورَةِ ، وَهَذَا الْحَدِيثُ أَصْلُ ذَلِكَ كُلِّهِ .

قَوْلُهُ : ( nindex.php?page=hadith&LINKID=3506917نَزَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي السُّفْلِ وَأَبُو أَيُّوبَ فِي الْعُلْوِ ، ثُمَّ ذَكَرَ كَرَاهَةَ أَبِي أَيُّوبَ لِعُلْوِهِ وَمَشْيِهِ فَوْقَ رَأْسِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحَوَّلَ إِلَى الْعُلْو ) أَمَّا نُزُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوَّلًا فِي السُّفْلِ فَقَدْ صَرَّحَ بِسَبَبِهِ ، وَأَنَّهُ أَرْفَقُ بِهِ وَبِأَصْحَابِهِ وَقَاصِدِيهِ ، وَأَمَّا كَرَاهَةُ أَبِي أَيُّوبَ فَمِنَ الْأَدَبِ الْمَحْبُوبِ الْجَمِيلِ ، وَفِيهِ nindex.php?page=treesubj&link=18075_25031إِجْلَالُ أَهْلِ الْفَضْلِ ، وَالْمُبَالَغَةُ فِي الْأَدَبِ مَعَهُمْ . وَالسُّفْلُ وَالْعُلْوُ بِكَسْرِ أَوَّلِهِمَا وَضَمِّهِ لُغَتَانِ . وَفِيهِ مَنْقَبَةٌ ظَاهِرَةٌ nindex.php?page=showalam&ids=50لِأَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنْ أَوْجُهٍ : مِنْهَا نُزُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ( عِنْدَهُ ) وَمِنْهَا أَدَبُهُ مَعَهُ ، وَمِنْهَا مُوَافَقَتُهُ فِي تَرْكِ الثُّومِ .

وَقَوْلُهُ : ( إِنِّي أَكْرَهُ مَا تَكْرَهُ ) nindex.php?page=treesubj&link=18066_18067وَمِنْ أَوْصَافِ الْمُحِبِّ الصَّادِقِ أَنْ يُحِبَّ مَا أَحَبَّ مَحْبُوبُهُ ، وَيَكْرَهَ مَا كَرِهَ .

قَوْلُهُ : ( nindex.php?page=hadith&LINKID=3506918فَكَانَ يَصْنَعُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَعَامًا ، فَإِذَا جِيءَ بِهِ إِلَيْهِ سَأَلَ عَنْ مَوْضِعِ أَصَابِعِهِ ، فَيَتَتَبَّعُ مَوْضِعَ أَصَابِعِهِ ) يَعْنِي إِذَا بَعَثَ إِلَيْهِ فَأَكَلَ مِنْهُ حَاجَتَهُ ، ثُمَّ رَدَّ الْفَضْلَةَ ، أَكَلَ أَبُو أَيُّوبَ مِنْ مَوْضِعِ أَصَابِعِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَبَرُّكًا ، فَفِيهِ nindex.php?page=treesubj&link=28691التَّبَرُّكُ بِآثَارِ أَهْلِ الْخَيْرِ فِي الطَّعَامِ وَغَيْرِهِ .

قَوْلُهُ : ( فَقِيلَ لَهُ : لَمْ يَأْكُلْ ، فَفَزِعَ ) يَعْنِي فَزِعَ لِخَوْفِهِ أَنْ يَكُونَ حَدَثَ مِنْهُ أَمْرٌ أَوْجَبَ الِامْتِنَاعَ مِنْ طَعَامِهِ .

قَوْلُهُ : ( حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ ، وَأَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَا : حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ فِي رِوَايَةِ حَجَّاجِ بْنِ يَزِيدَ أَخُو زَيْدٍ الْأَحْوَلِ ) هَكَذَا هُوَ فِي مُعْظَمِ النُّسَخِ بِبِلَادِنَا : ( أَخُو زَيْدٍ ) بِالْخَاءِ ، وَهُوَ غَلَطٌ بِاتِّفَاقِ الْحُفَّاظِ ، وَصَوَابُهُ ( أَبُو زَيْدٍ ) بِالْبَاءِ كُنْيَةً لِثَابِتٍ ، وَكَذَا نَقَلَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ عَلَى الصَّوَابِ عَنْ جَمِيعِ شُيُوخِهِمْ وَنُسَخِ بِلَادِهِمْ ، وَأَنَّهُ فِي كُلِّهَا ( أَبُو زَيْدٍ ) بِالْبَاءِ . قَالَ : وَوَقَعَ لِبَعْضِهِمْ ( أَخُو زَيْدٍ ) ، وَهُوَ خَطَأٌ مَحْضٌ ، وَإِنَّمَا هُوَ ثَابِتُ بْنُ زَيْدٍ أَوْ زَيْدُ الْأَنْصَارِيُّ الْبَصْرِيُّ الْأَحْوَلُ . وَحَكَى nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ عَنْ nindex.php?page=showalam&ids=14724أَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ أَنَّهُ قَالَ : ثَابِتُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ : وَالْأَصَحُّ ( ثَابِتُ بْنُ يَزِيدَ ) بِالْيَاءِ أَبُو زَيْدٍ .

[ ص: 209 ] وَقَوْلُهُ : فِي أَصْلِ كِتَابِ مُسْلِمٍ : ( الْأَحْوَلُ ) مَرْفُوعٌ صِفَةٌ لِثَابِتٍ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .