الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
4841 حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17072مسدد nindex.php?page=showalam&ids=13941وموسى بن إسمعيل قالا حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16496عبد الواحد بن زياد حدثنا عاصم بن كليب عن أبيه عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة nindex.php?page=hadith&LINKID=676124عن النبي صلى الله عليه وسلم قال nindex.php?page=treesubj&link=33684_30904كل خطبة ليس فيها تشهد فهي كاليد الجذماء
( كل خطبة ) : بضم الخاء ، وقال القاري بكسر الخاء ، وهي التزوج ، والظاهر هو الأول ( nindex.php?page=treesubj&link=939ليس فيها تشهد ) : وفي رواية شهادة ، وأراد الشهادتين من إطلاق الجزء على الكل قاله المناوي .
وقال القاري : أي حمد وثناء على الله . ونقل عن التوربشتي أن أصل التشهد قولك أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم - ( فهي كاليد الجذماء ) : أي المقطوعة التي لا فائدة فيها لصاحبها . والجذم سرعة القطع ، وقيل الجذماء من الجذام وهو داء معروف تنفر عنه الطباع .
قال المنذري : وأخرجه الترمذي وقال حسن غريب . انتهى .
فائدة : اعلم أن nindex.php?page=treesubj&link=27366السنة في ابتداء جميع الأمور الحسنة أن يقول : بسم الله الرحمن الرحيم لما رواه nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=3508704كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم أقطع وهو حديث حسن كما ستقف عليه ولا يقتصر على بسم الله إلا في المواضع التي ثبت فيها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الاقتصار على بسم الله ، فالسنة في [ ص: 153 ] هذه المواضع الاقتصار على لفظ بسم الله . والتفصيل أن الأحاديث الواردة في التسمية على أربعة أقسام .
الأول : ما وقع فيه بسم الله الرحمن الرحيم تاما كحديث علي - رضي الله عنه - مرفوعا " إذا وقعت في ورطة فقل بسم الله الرحمن الرحيم " رواه nindex.php?page=showalam&ids=12769ابن السني في عمل اليوم والليلة . وكحديث nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان بن عفان - رضي الله عنه - قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=3508706 " مرضت فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعوذني فعوذني يوما فقال بسم الله الرحمن الرحيم أعيذك بالله الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد " الحديث رواه nindex.php?page=showalam&ids=12769ابن السني .
وكحديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة الذي رواه nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي وابن خزيمة والسراج nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان وغيرهم من طريق سعيد بن أبي هلال عن نعيم المجمر قال : صليت وراء nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم ثم قرأ بأم القرآن حتى بلغ ولا الضالين فقال آمين وقال الناس : آمين " الحديث وفي آخره " nindex.php?page=hadith&LINKID=3508707إني لأشبهكم صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم - " ذكره الحافظ في الفتح .
والقسم الثاني : ما وقع فيه لفظ بسم الله فقط من غير زيادة عليه ، كحديث عبد الرحمن بن جبير أنه حدثه رجل خدم النبي صلى الله عليه وسلم ثماني سنين أنه كان يسمع النبي صلى الله عليه وسلم nindex.php?page=hadith&LINKID=3508708إذا قرب إليه طعاما يقول بسم الله فإذا فرغ من طعامه قال : " اللهم أطعمت وسقيت " الحديث رواه nindex.php?page=showalam&ids=12769ابن السني .
قال النووي في الأذكار بإسناد حسن . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لربيبه عمر بن أبي سلمة nindex.php?page=hadith&LINKID=3508709 " قل بسم الله وكل بيمينك " الحديث رواه مسلم .
وقال صلى الله عليه وسلم لأسامة بن عمير nindex.php?page=hadith&LINKID=3508710 " لا تقل هكذا ( أي تعس الشيطان ) : فإنه يتعاظم حتى يكون كالبيت ، ولكن قل بسم الله فإنه يصغر حتى يكون كالذبابة " رواه nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي في اليوم والليلة ، وابن مردويه في تفسيره . كذا في تفسير ابن كثير رحمه الله .
والقسم الثالث : ما وقع فيه بسم الله مع زيادة معه غير لفظ الرحمن الرحيم كحديث ابن عمر - رضي الله عنه - مرفوعا nindex.php?page=hadith&LINKID=3508711nindex.php?page=treesubj&link=33095إذا وضعتم موتاكم في القبر فقولوا بسم الله وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وسلم - رواه أحمد في مسنده nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان في صحيحه nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني في الكبير nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم في المستدرك nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي في السنن .
وكحديث nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان - رضي الله عنه - مرفوعا nindex.php?page=hadith&LINKID=3508712 " ما من عبد يقول في صباح كل يوم ومساء كل ليلة بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء " الحديث رواه الترمذي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه وأبو داود .
[ ص: 154 ] وكحديث ابن عباس مرفوعا nindex.php?page=hadith&LINKID=3508713لو أن أحدكم nindex.php?page=treesubj&link=33092_24721إذا أراد أن يأتي أهله قال بسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا الحديث رواه الشيخان .
وكحديث أنس - رضي الله عنه - قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=3508714ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكبشين أملحين أقرنين ذبحهما بيده وسمى وكبر قال رأيته واضعا قدمه على صفاحهما ويقول بسم الله والله أكبر رواه الشيخان .
والقسم الرابع : ما وقع فيه ذكر اسم الله من غير تصريح بلفظ بسم الله الرحمن الرحيم ولا بلفظ بسم الله كحديث عائشة - رضي الله عنها - مرفوعا " nindex.php?page=hadith&LINKID=3508715إذا أكل أحدكم طعاما فليذكر اسم الله " الحديث رواه أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي .
وكحديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة - رضي الله عنه - قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : nindex.php?page=hadith&LINKID=3508716لا صلاة لمن لا وضوء له ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه رواه أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه nindex.php?page=showalam&ids=14269والدارقطني nindex.php?page=showalam&ids=12757وابن السكن nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي قاله الحافظ .
وكحديث جابر nindex.php?page=hadith&LINKID=3508717إذا سمعتم نباح الكلاب ونهيق الحمر بالليل فتعوذوا بالله من الشيطان واذكروا اسم الله عليها رواه أحمد في مسنده nindex.php?page=showalam&ids=12070والبخاري في الأدب المفرد وأبو داود في سننه nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان في صحيحه nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم في المستدرك وغير ذلك من الأحاديث .
ففي المواضع التي ثبت فيها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم القول ببسم الله الرحمن الرحيم بتمامه لا يحصل السنة إلا بقوله تاما وكاملا ، وإن اقتصر في تلك المواضع على بسم الله أو على بسم الله الرحمن لا يحصل السنة البتة .
وفي المواضع التي ثبت فيها الاقتصار على لفظ بسم الله من غير زيادة عليه فالمسنون في تلك المواضع القصر بفعل النبي صلى الله عليه وسلم والتكميل بقوله صلى الله عليه وسلم لأن هذه المواضع داخلة تحت عموم قوله صلى الله عليه وسلم : nindex.php?page=hadith&LINKID=3508718كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم أقطع .
فكيف يكون من قال في هذه المواضع بسم الله الرحمن الرحيم تاما وكاملا مبتدعا ، وكيف يكون قوله بدعة بل يكون سنة قوليا .
وفي الاختيارات العلمية في اختيارات الشيخ ابن تيمية ويقول عند الأكل بسم الله الرحمن الرحيم كاملا فإنه أكمل بخلاف الذبح . انتهى .
[ ص: 155 ] وأما المواضع التي ورد فيها بسم الله مع زيادة عليه غير لفظ الرحمن الرحيم فالمسنون فيها أن يقتصر على بسم الله مع تلك الزيادة ، وليس لأحد أن يزيد بين بسم الله وبين تلك الزيادة لفظ الرحمن الرحيم ؛ لأن مجموع بسم الله وتلك الزيادة دعاء واحد أو ذكر واحد ولم يثبت جواز زيادة بين كلمات دعاء النبي صلى الله عليه وسلم وذكره فلا يجوز لأحد أن يقول عند الذبح بسم الله الرحمن الرحيم والله أكبر .
وأما المواضع التي جاء فيها ذكر اسم الله من غير تصريح ببسم الله الرحمن الرحيم أو ببسم الله فالأفضل أن يقول فيها بسم الله الرحمن الرحيم بتمامه من ثلاثة وجوه :
الأول : أنه إذا أتى في هذه المواضع ببسم الله الرحمن الرحيم بتمامه كان محرزا ما ورد في القول ببسم الله الرحمن الرحيم بتمامه من الفضيلة .
والوجه الثاني : أنه إذا قال بسم الله الرحمن الرحيم بتمامه فقد أتى بما هو المراد من ذكر اسم الله بيقين ، وأما إذا أتى ببسم الله فقط أو بلفظ آخر مثلا بالرب أو بالخالق فلا شك أنه أتى بذكر اسم الله ، لكن فيه احتمال أن يكون المراد من ذكر اسم الله هو القول ببسم الله الرحمن الرحيم بتمامه وكماله كما هو المعهود في كثير من المواضع .
والوجه الثالث : عموم قوله صلى الله عليه وسلم nindex.php?page=hadith&LINKID=3508719كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم أقطع وهو حديث حسن .
قال النووي في الأذكار : وروينا في سنن أبي داود nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه ومسند أبي عوانة والتزويج المخرج على صحيح مسلم - رحمهم الله - عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة - رضي الله عنه - عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=3508720كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بالحمد لله أقطع وفي رواية " بحمد الله " وفي رواية " بالحمد فهو أقطع " وفي رواية nindex.php?page=hadith&LINKID=3508721 " كل كلام لا يبدأ فيه بالحمد لله فهو أجذم " وفي رواية " nindex.php?page=hadith&LINKID=3508722كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم أقطع " روينا هذه الألفاظ كلها في كتاب الأربعين للحافظ nindex.php?page=showalam&ids=14391عبد القادر الرهاوي وهو حديث حسن ، وقد روي موصولا كما ذكرنا وروي مرسلا ، ورواية الموصول جيدة الإسناد ، وإذا روي الحديث موصولا ومرسلا فالحكم للاتصال عند جمهور العلماء لأنها زيادة ثقة وهي مقبولة عند الجماهير . انتهى .
وقال في شرح صحيح مسلم : وإنما بدأ بالحمد لله لحديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=3508723كل أمر ذي بال لا يبدأ بالحمد لله فهو أقطع وفي رواية " بحمد الله " [ ص: 156 ] وفي رواية " بالحمد فهو أقطع " وفي رواية " أجذم " وفي رواية " لا يبدأ فيه بذكر الله تعالى " وفي رواية " ببسم الله الرحمن الرحيم " روينا كل هذه في كتاب الأربعين للحافظ nindex.php?page=showalam&ids=14391عبد القادر الرهاوي بسماعنا من صاحبه الشيخ أبي محمد عبد الرحمن بن سالم الأنباري عنه ورويناه فيه أيضا من رواية nindex.php?page=showalam&ids=331كعب بن مالك الصحابي رضي الله عنه ، والمشهور رواية nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، وهذا الحديث حسن رواه أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه في سننهما ، ورواه nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي في كتابه عمل اليوم والليلة ، وروي موصولا ومرسلا ، ورواية الموصول إسنادها جيد . انتهى .
وفي فتح المجيد شرح كتاب التوحيد ابتدأ كتابه بالبسملة اقتداء بالكتاب العزيز وعملا بحديث nindex.php?page=hadith&LINKID=3508724كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم فهو أقطع أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان من طريقين .
قال ابن الصلاح : والحديث حسن . ولأبي داود nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه nindex.php?page=hadith&LINKID=3508725كل ذي بال لا يبدأ فيه بالحمد لله أو بالحمد فهو أقطع ، nindex.php?page=showalam&ids=12251ولأحمد nindex.php?page=hadith&LINKID=3508726كل أمر ذي بال لا يفتتح بذكر الله فهو أبتر وأقطع . انتهى .
فالحاصل أن هذه الوجوه تدل على أن في هذه المواضع الأفضل أن يقول بسم الله الرحمن الرحيم بتمامه ، وإن قال بسم الله فقط فقد ذكر اسم الله بلا شبهة وكفاه ، ولذلك قال النووي في الأذكار : من أهم ما ينبغي أن يعرف nindex.php?page=treesubj&link=27366صفة التسمية وقدر المجزئ منها فاعلم أن الأفضل أن يقول بسم الله الرحمن الرحيم ، فإن قال بسم الله كفاه وحصلت السنة ، وسواء في هذا الجنب والحائض وغيرهما . انتهى .
وأما تعقب الحافظ بن حجر على كلام النووي هذا في فتح الباري بقوله : وأما قول النووي في أدب الأكل من الأذكار صفة التسمية من أهم ما ينبغي معرفته ، والأفضل أن يقول بسم الله الرحمن الرحيم ، فإن قال بسم الله كفاه وحصلت السنة ، فلم أر لما ادعاه من الأفضلية دليلا خاصا انتهى . فمتعقب ، كيف وقد رأيت وجوها ثلاثة للأفضلية . هذا عندي والله تعالى أعلم .