باب ما يستحب من الأكفان

994 حدثنا قتيبة حدثنا بشر بن المفضل عن عبد الله بن عثمان بن خثيم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم البسوا من ثيابكم البياض فإنها من خير ثيابكم وكفنوا فيها موتاكم وفي الباب عن سمرة وابن عمر وعائشة قال أبو عيسى حديث ابن عباس حديث حسن صحيح وهو الذي يستحبه أهل العلم وقال ابن المبارك أحب إلي أن يكفن في ثيابه التي كان يصلي فيها وقال أحمد وإسحق أحب الثياب إلينا أن يكفن فيها البياض ويستحب حسن الكفن

التالي السابق

الشرح

قَوْلُهُ : ( الْبَسُوا ) بِفَتْحِ الْبَاء ( مِنْ ثِيَابِكُمْ ) ( مِنْ ) تَبْعِيضِيَّةٌ أَوْ بَيَانِيَّةٌ مُقَدَّمَةٌ ( الْبَيَاضُ ) أَيْ : ذَاتِ [ ص: 63 ] الْبَيَاضِ ( فَإِنَّهَا ) أَيْ : الثِّيَابَ الْبِيضَ ( وَكَفِّنُوا فِيهِمَا مَوْتَاكُمْ ) قَالَ الْقَارِّيُّ : الْأَمْرُ فِيهِ لِلِاسْتِحْبَابِ ، قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ : وَأَحَبُّهَا الْبَيَاضُ وَلَا بَأْسَ بِالْبُرُدِ وَالْكَتَّانِ لِلرِّجَالِ ، وَيَجُوزُ لِلنِّسَاءِ الْحَرِيرُ ، وَالْمُزَعْفَرُ ، وَالْمُعَصْفَرُ اعْتِبَارًا لِلْكَفَنِ بِاللِّبَاسِ فِي الْحَيَاةِ . انْتَهَى ، قَالَ النَّوَوِيُّ : اسْتِحْبَابُ التَّكْفِينِ فِي الْبَيَاضِ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ .

قَوْلُهُ : ( وَفِي الْبَابِ عَنْ سُمْرَةَ ) أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ ، وَالنَّسَائِيُّ ، وَالتِّرْمِذِيُّ ( وَابْنِ عُمَرَ ) أَخْرَجَهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ ( وَعَائِشَةَ ) أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ بِلَفْظِ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُفِّنَ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ يَمَانِيَّةٍ بِيضٍ سُحُولِيَّةٍ إِلَخْ ، وَفِي الْبَابِ أَحَادِيثُ أُخْرَى ذَكَرَهَا الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْلِ .

قَوْلُهُ : ( حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ) أَخْرَجَهُ الْخَمْسَةُ إِلَّا النَّسَائِيَّ كَذَا فِي الْمُنْتَقَى ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ ( وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يُكَفَّنَ فِي ثِيَابِهِ الَّتِي كَانَ يُصَلِّي فِيهَا ) ؛ لِأَنَّهَا ثِيَابُ عِبَادَةٍ قَدْ تَعَبَّدَ فِيهَا ، ورَوَى ابْنُ سَعْدٍ عَنْ طَرِيقِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ : كَفِّنُونِي فِي ثَوْبَيَّ اللَّذَيْنِ كُنْتُ أُصَلِّي فِيهِمَا ، كَذَا فِي فَتْحِ الْبَارِي ، وفِي تَذْكِرَةِ الْحُفَّاظِ لِلذَّهَبِيِّ ، قَالَ الزُّهْرِيُّ : إِنَّ سَعْدًا لَمَّا احْتُضِرَ دَعَا بِخَلَقِ جُبَّةِ صُوفٍ ، وَقَالَ : كَفِّنُونِي فِيهَا ؛ فَإِنِّي قَاتَلْتُ فِيهَا يَوْمَ بَدْرٍ ، إِنَّمَا خَبَّأْتُهَا لِهَذَا .

قَوْلُهُ : ( وَيُسْتَحَبُّ حُسْنُ الْكَفَنِ ) يَأْتِي بَيَانُ حُسْنِهِ فِي الْبَابِ الْآتِي .

قوله : ( البسوا ) بفتح الباء ( من ثيابكم ) ( من ) تبعيضية أو بيانية مقدمة ( البياض ) أي : ذات [ ص: 63 ] البياض ( فإنها ) أي : الثياب البيض ( وكفنوا فيهما موتاكم ) قال القاري : الأمر فيه للاستحباب ، قال ابن الهمام : وأحبها البياض ولا بأس بالبرد والكتان للرجال ، ويجوز للنساء الحرير ، والمزعفر ، والمعصفر اعتبارا للكفن باللباس في الحياة . انتهى ، قال النووي : استحباب التكفين في البياض مجمع عليه .

قوله : ( وفي الباب عن سمرة ) أخرجه أحمد ، والنسائي ، والترمذي ( وابن عمر ) أخرجه ابن عدي في الكامل ( وعائشة ) أخرجه الشيخان بلفظ : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كفن في ثلاثة أثواب يمانية بيض سحولية إلخ ، وفي الباب أحاديث أخرى ذكرها الشوكاني في النيل .

قوله : ( حديث ابن عباس حديث حسن صحيح ) أخرجه الخمسة إلا النسائي كذا في المنتقى ، وصححه ابن القطان ( وقال ابن المبارك أحب إلي أن يكفن في ثيابه التي كان يصلي فيها ) ؛ لأنها ثياب عبادة قد تعبد فيها ، وروى ابن سعد عن طريق القاسم بن محمد بن أبي بكر ، قال أبو بكر : كفنوني في ثوبي اللذين كنت أصلي فيهما ، كذا في فتح الباري ، وفي تذكرة الحفاظ للذهبي ، قال الزهري : إن سعدا لما احتضر دعا بخلق جبة صوف ، وقال : كفنوني فيها ؛ فإني قاتلت فيها يوم بدر ، إنما خبأتها لهذا .

قوله : ( ويستحب حسن الكفن ) يأتي بيان حسنه في الباب الآتي .