( وَمِنْ سُورَة بَنِي إِسْرَائِيلَ )

مَكِّيَّةٌ إِلَّا nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=73وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ الْآيَاتُ الثَّمَانِي .

مِائَةٌ وَعَشْرُ آيَاتٍ أَوْ إِحْدَى عَشْرَةَ آيَةً .

قَوْلُهُ : ( قَالَ ) أَيْ nindex.php?page=showalam&ids=3أَبُو هُرَيْرَةَ ( فَنَعَتَهُ ) أَيْ nindex.php?page=treesubj&link=29291وَصَفَ النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ مُوسَى " فَإِذَا رَجُلٌ " قَالَ حَسِبْتُهُ قَالَ مُضْطَرِبٌ وَعِنْدَ nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ : فَإِذَا رَجُلٌ حَسِبْته ، قَالَ مُضْطَرِبٌ بِحَذْفِ قَالَ قَبْلَ حَسِبْتُهُ ، وَكَذَلِكَ فِي بَعْضِ نُسَخِ التِّرْمِذِيِّ قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ : الْقَائِلُ حَسِبْتُهُ هُوَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، وَالْمُضْطَرِبُ : الطَّوِيلُ [ ص: 446 ] غَيْرُ الشَّدِيدِ ، وَقِيلَ الْخَفِيفُ اللَّحْمِ . وَتَقَدَّمَ فِي رِوَايَةِ هِشَامٍ بِلَفْظِ ضَرِبٌ وَفُسِّرَ بِالنَّحِيفِ وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُمَا . انْتَهَى ( رَجِلُ الرَّأْسِ ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَكَسْرِ الْجِيمِ ، دَهِينُ الشَّعْرِ مُسْتَرْسِلُهُ . وَقَالَهُ ابْنُ السِّكِّيتِ : شَعْرٌ رَجِلٌ : أَيْ غَيْرُ جَعْدٍ " كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ شَنُوءَةَ " بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَضَمِّ النُّونِ وَسُكُونِ الْوَاوِ بَعْدَهَا هَمْزَةٌ ثُمَّ هَاءُ تَأْنِيثٍ حَيٌّ مِنَ الْيَمَنِ يُنْسَبُونَ إِلَى شَنُوءَةَ ، وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَعْبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكِ بْنِ نَصْرِ بْنِ الْأَزْدِ ، وَلُقِّبَ شَنُوءَةَ لِشَنَئَانٍ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَهْلِهِ ، وَالنِّسْبَةُ إِلَيْهِ شَنُوئِيٌّ بِالْهَمْزِ بَعْدَ الْوَاوِ ، وَبِالْهَمْزِ بِغَيْرِ وَاوٍ .

وقال الدَّاوُدِيُّ : رِجَالُ الْأَزْدِ مَعْرُوفُونَ بِالطُّولِ ( قَالَ رَبَعَةٌ ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ وَيَجُوزُ فَتْحُهَا وَهُوَ الْمَرْفُوعُ ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَيْسَ بِطَوِيلٍ جِدًّا وَلَا قَصِيرٍ جِدًّا بَلْ وَسَطٌ ( مِنْ دِيمَاسٍ ) بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ التَّحْتَانِيَّةِ وَآخِرُهُ مُهْمَلَةٌ ( يَعْنِي الْحَمَّامَ ) هُوَ تَفْسِيرُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ كَمَا فِي الْفَتْحِ ، وَالدِّيمَاسُ فِي اللُّغَةِ : السِّرْبُ ، وَيُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى الْكِنِّ وَالْحَمَّامُ مِنْ جُمْلَةِ الكن . وَالْمُرَادُ مِنْ ذَلِكَ وَصْفُهُ بِصَفَاءِ اللَّوْنِ وَنَضَارَةِ الْجِسْمِ وَكَثْرَةِ مَاءِ الْوَجْهِ حَتَّى كَأَنَّهُ كَانَ فِي مَوْضِعِ كِنٍّ فَخَرَجَ مِنْهُ وَهُوَ عَرْقَانُ .

وفي رِوَايَةِ ابْنِ عُمَرَ عِنْدَ nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ : يَنْطِفُ رَأْسُهُ مَاءً . وَهُوَ مُحْتَمَلٌ لِأَنْ يُرَادَ الْحَقِيقَةُ وَأَنَّهُ عَرَقَ حَتَّى قَطَرَ الْمَاءُ مِنْ رَأْسِهِ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ كِنَايَةً عَنْ مَزِيدِ نَضَارَةِ وَجْهِهِ . وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ آدٍ عَنْ nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ أَحْمَدَ وَأَبِي دَاوُدَ : nindex.php?page=hadith&LINKID=755240يَقْطُرُ رَأْسُهُ مَاءً وَإِنْ لَمْ يُصِبْهُ بَلَلٌ ( قَالَ وَأَنَا أَشْبَهُ وَلَدِهِ بِهِ ) أَيْ قَالَ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ : أَنَا أَشْبَهُ أَوْلَادِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِهِ صُورَةً ، وَمَعْنًى ( وَأُوتِيتُ بِإِنَاءَيْنِ أَحَدُهُمَا لَبَنٌ ) قِيلَ وَلَمْ يَقُلْ فِيهِ لَبَنٌ كَأَنَّهُ جَعَلَهُ لَبَنًا كُلَّهُ تَغْلِيبًا لِلَّبَنِ عَلَى الْإِنَاءِ لِكَثْرَتِهِ وَتَكْثِيرًا لِمَا اخْتَارَهُ ، وَلَمَّا كَانَ الْخَمْرُ مَنْهِيًّا عَنْهُ قَلَّلَهُ فَقَالَ ( وَالْآخَرُ فِيهِ خَمْرٌ ) أَيْ خَمْرٌ قَلِيلٌ .

اعْلَمْ أَنَّهُ قَدِ اخْتَلَفَتِ الرِّوَايَاتُ فِي عَدَدِ الْآنِيَةِ ، فَفِي بَعْضِهَا : nindex.php?page=hadith&LINKID=755242أُوتِيتُ بِإِنَاءَيْنِ أَحَدُهُمَا لَبَنٌ وَالْآخَرُ فِيهِ خَمْرٌ كَمَا فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ ، وَفِي بَعْضِ رِوَايَاتِ nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ : nindex.php?page=hadith&LINKID=755243ثُمَّ رُفِعَ لِي الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ ثُمَّ أُوتِيتُ بِإِنَاءٍ مِنْ خَمْرٍ وَإِنَاءٍ مِنْ لَبَنٍ وَإِنَاءٍ مِنْ عَسَلٍ .

وفي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ عِنْدَ ابْنِ إِسْحَاقَ فِي nindex.php?page=treesubj&link=29291قِصَّةِ الْإِسْرَاءِ فَصَلَّى بِهِمْ يَعْنِي الْأَنْبِيَاءَ ثُمَّ أُتِيَ بِثَلَاثَةِ آنِيَةٍ : إِنَاءٌ فِيهِ لَبَنٌ ، وَإِنَاءٌ فِيهِ خَمْرٌ ، وَإِنَاءٌ فِيهِ مَاءٌ ، فَأَخَذْتُ اللَّبَنَ .

[ ص: 447 ] وَاخْتَلَفَتِ الرِّوَايَاتُ أَيْضًا فِي مَكَانِ عَرْضِ الْآنِيَةِ ، فَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ عَنْ أَنَسٍ : nindex.php?page=hadith&LINKID=755244ثُمَّ دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَصَلَّيْتُ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ خَرَجْتُ فَجَاءَ جِبْرِيلُ بِإِنَاءٍ مِنْ خَمْرٍ وَإِنَاءٍ مِنْ لَبَنٍ فَأَخَذْتُ اللَّبَنَ . وَفِي بَعْضِ رِوَايَاتِ nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ : nindex.php?page=hadith&LINKID=877964أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ بِإِيلِيَاءَ بِإِنَاءٍ فِيهِ خَمْرٌ وَإِنَاءٍ فِيهِ لَبَنٌ ، فَنَظَرَ إِلَيْهِمَا فَأَخَذَ اللَّبَنَ . فَهَاتَانِ الرِّوَايَتَانِ تَدُلَّانِ عَلَى أَنَّ عَرْضَ الْآنِيَةِ كَانَ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ . وَفِي بَعْضِ رِوَايَاتِ nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ الْمَذْكُورَةِ : أَنَّهُ كَانَ فِي السَّمَاءِ .

قال الْحَافِظُ بَعْدَ ذِكْرِ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ وَغَيْرِهَا : يُجْمَعُ بَيْنَ هَذَا الِاخْتِلَافِ إِمَّا بِحَمْلِ ثُمَّ عَلَى غَيْرِ بَابِهَا مِنَ التَّرْتِيبِ ، وَإِنَّمَا هِيَ بِمَعْنَى الْوَاوِ هُنَا ، وَإِمَّا بِوُقُوعِ عَرْضِ الْآنِيَةِ مَرَّتَيْنِ ، مَرَّةً عِنْدَ فَرَاغِهِ مِنَ الصَّلَاةِ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ ، وَسَبَبُهُ مَا وَقَعَ لَهُ مِنَ الْعَطَشِ كَمَا فِي حَدِيثِ شَدَّادٍ : nindex.php?page=hadith&LINKID=877965فَصَلَّيْتُ مِنَ الْمَسْجِدِ حَيْثُ شَاءَ اللَّهُ وَأَخَذَنِي مِنَ الْعَطَشِ أَشَدُّ مَا أَخَذَنِي ، فَأُوتِيتُ بِإِنَاءَيْنِ أَحَدُهُمَا لَبَنٌ وَالْآخَرُ عَسَلٌ إِلَخْ ، وَمَرَّةً عِنْدَ وُصُولِهِ إِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى ، وَرُؤْيَةُ الْأَنْهَارِ الْأَرْبَعَةِ وَأَمَّا الِاخْتِلَافُ فِي عَدَدِ الْآنِيَةِ وَمَا فِيهَا فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّ بَعْضَ الرُّوَاةِ ذَكَرَ مَا لَمْ يَذْكُرْهُ الْآخَرُ ، وَمَجْمُوعُهَا أَرْبَعَةُ آنِيَةٍ فِيهَا أَرْبَعَةُ أَشْيَاءَ مِنَ الْأَنْهَارِ الْأَرْبَعَةِ الَّتِي رَآهَا تَخْرُجُ مِنْ أَصْلِ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى . وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ الطَّبَرِيِّ لَمَّا ذَكَرَ سِدْرَةَ الْمُنْتَهَى : يَخْرُجُ مِنْ أَصْلِهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ ، وَمِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ ، وَمِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ ، وَمِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى ، فَلَعَلَّهُ عُرِضَ عَلَيْهِ مِنْ كُلِّ نَهْرٍ إِنَاءٌ . انْتَهَى ( هُدِيتَ لِلْفِطْرَةِ أَوْ أَصَبْتَ الْفِطْرَةَ ) شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي ، وَالْأَوَّلُ بِصِيغَةِ الْخِطَابِ مَجْهُولًا ، وَالثَّانِي مَعْلُومًا .

قَالَ الْقُرْطُبِيُّ : يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ سَبَبُ تَسْمِيَةِ اللَّبَنِ فِطْرَةً لِأَنَّهُ أَوَّلُ شَيْءٍ يَدْخُلُ بَطْنَ الْمَوْلُودِ وَيَشُقُّ أَمْعَاءَهُ ، وَالسِّرُّ فِي مَيْلِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ إِلَيْهِ دُونَ غَيْرِهِ لِكَوْنِهِ كَانَ مَأْلُوفًا لَهُ وَلِأَنَّهُ لَا يَنْشَأُ عَنْ جِنْسِهِ مَفْسَدَةٌ ( أَمَا ) بِالتَّخْفِيفِ حَرْفُ التَّنْبِيهِ ( إِنَّكَ لَوْ أَخَذْتَ الْخَمْرَ غَوَتْ أُمَّتُكَ ) أَيْ ضَلَّتْ نَوْعًا مِنَ الْغَوَايَةِ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَى شُرْبِهَا ، بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَوْ شَرِبَهَا لَأُحِلَّ لِلْأُمَّةِ شُرْبُهَا فَوَقَعُوا فِي ضَرَرِهَا وَشَرِّهَا ، وَفِيهِ إِيمَاءٌ إِلَى أَنَّ nindex.php?page=treesubj&link=19895اسْتِقَامَةَ الْمُقْتَدِي مِنَ النَّبِيِّ وَالْعَالِمِ وَالسُّلْطَانِ وَنَحْوِهِمْ سَبَبٌ لِاسْتِقَامَةِ أَتْبَاعِهِمْ لِأَنَّهُمْ بِمَنْزِلَةِ الْقَلْبِ لِلْأَعْضَاءِ كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ .

قَوْلُهُ : ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ) وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ .