الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ومن سورة الذاريات

                                                                                                          3273 حدثنا ابن أبي عمر حدثنا سفيان بن عيينة عن سلام عن عاصم بن أبي النجود عن أبي وائل عن رجل من ربيعة قال قدمت المدينة فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت عنده وافد عاد فقلت أعوذ بالله أن أكون مثل وافد عاد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وما وافد عاد قال فقلت على الخبير سقطت إن عادا لما أقحطت بعثت قيلا فنزل على بكر بن معاوية فسقاه الخمر وغنته الجرادتان ثم خرج يريد جبال مهرة فقال اللهم إني لم آتك لمريض فأداويه ولا لأسير فأفاديه فاسق عبدك ما كنت مسقيه واسق معه بكر بن معاوية يشكر له الخمر التي سقاه فرفع له سحابات فقيل له اختر إحداهن فاختار السوداء منهن فقيل له خذها رمادا رمددا لا تذر من عاد أحدا وذكر أنه لم يرسل عليهم من الريح إلا قدر هذه الحلقة يعني حلقة الخاتم ثم قرأ إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم ما تذر من شيء أتت عليه إلا جعلته كالرميم الآية قال أبو عيسى وقد روى غير واحد هذا الحديث عن سلام أبي المنذر عن عاصم بن أبي النجود عن أبي وائل عن الحارث بن حسان ويقال له الحارث بن يزيد حدثنا عبد بن حميد حدثنا زيد بن حباب حدثنا سلام بن سليمان النحوي أبو المنذر حدثنا عاصم بن أبي النجود عن أبي وائل عن الحارث بن يزيد البكري قال قدمت المدينة فدخلت المسجد فإذا هو غاص بالناس وإذا رايات سود تخفق وإذا بلال متقلد السيف بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت ما شأن الناس قالوا يريد أن يبعث عمرو بن العاص وجها فذكر الحديث بطوله نحوا من حديث سفيان بن عيينة بمعناه قال ويقال له الحارث بن حسان أيضا

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          ( سورة الذاريات ) مكية وهي ستون آية .

                                                                                                          قوله : ( أخبرنا سفيان ) هو ابن عيينة ( عن سلام ) بفتح السين وتشديد اللام ابن سليمان المزني كنيته ابن المنذر القاري النحوي البصري نزيل الكوفة صدوق يهم قرأ على عاصم ، من السابعة ( عن أبي وائل ) اسمه شقيق بن سلمة الأسدي ( عن رجل من ربيعة ) هو الحارث بن يزيد البكري كما في الرواية الآتية ( فذكرت ) بضم الذال المعجمة وكسر الكاف بالبناء للمفعول ( وافد عاد ) مفعول ثان لذكرت أي ذكروا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وافد عاد بحضرتي وعاد هم قوم هود ( على الخبير بها سقطت ) أي على العارف بقصة وافد عاد وقعت وهو مثل سائر للعرب ( لما أقحطت ) بصيغة المجهول يقال أقحط القوم إذا انقطع عنهم المطر ( بعثت ) أي أرسلت عاد ( قيلا ) بفتح القاف وسكون التحتية وباللام قال في القاموس : قيل وافد عاد . وفي رواية أحمد فبعثوا وافدا لهم [ ص: 114 ] يقال له قيل ( فنزل على بكر بن معاوية ) اسم رجل كان في ذلك الزمان ( وغنته الجرادتان ) قال الجزري في النهاية هما مغنيتان كانتا بمكة في الزمن الأول مشهورتان بحسن الصوت والغناء ، وفي رواية أحمد : فمر بمعاوية بن بكر فأقام عنده شهرا يسقيه الخمر وتغنيه جاريتان يقال لهما الجرادتان فلما مضى الشهر خرج إلى جبال مهرة ( ثم خرج ) أي قيل ( يريد جبال مهرة ) قال في القاموس : مهرة بن حيدان حي ( فاسق عبدك ) يريد نفسه مع قومه ( سحابات ) أي قطعات من السحاب ( خذها رمادا رمددا ) قال في النهاية : الرمدد بالكسر المتناهي في الاحتراق والدقة كما يقال : ليل أليل ويوم أيوم إذا أرادوا المبالغة ( لا تذر من عاد أحدا ) أي لا تدعه حيا بل تهلكه ، وفي رواية أحمد : فمرت به سحابات سود فنودي منها اختر فأومأ إلى سحابة منها سوداء فنودي منها خذها رمادا رمددا لا تبقي من عاد أحدا ( وذكر ) أي النبي صلى الله عليه وسلم ( ثم قرأ إذ أرسلنا عليهم الآية مع تفسيرها هكذا ( وفي عاد ) أي في إهلاكهم آية إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم هي التي لا خير فيها لأنها لا تحمل المطر ولا تلقح الشجر وهي الدبور ما تذر من شيء أي نفس أو مال أتت عليه إلا جعلته كالرميم أي كالمباني المتفتت .

                                                                                                          قوله : ( فإذا هو غاص بالناس ) أي ممتلئ بهم . قال في مختار الصحاح : المنزل غاص بالقوم أي ممتلئ بهم ( وإذا رايات ) جمع راية وهي العلم ( سود ) جمع سوداء ( تخفق ) بفتح الفوقية وكسر الفاء وضمها . قال في القاموس : خفقت الراية تخفق وتخفق خفقا [ ص: 115 ] وخفقانا محركة اضطربت وتحركت ( وجها ) أي جانبا . قوله : ( فذكر الحديث بطوله نحوا من حديث سفيان بن عيينة ) أخرجه أحمد والنسائي وابن ماجه ( ويقال له الحارث بن حسان ) قال الحافظ في تهذيب التهذيب : الحارث بن حسان بن كلدة البكري الذهلي الربعي ويقال العامري ويقال حريث ، وفد على النبي صلى الله عليه وسلم وسكن الكوفة ، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم وعنه أبو وائل وغيره . قال : وقع في رواية الترمذي عن رجل من ربيعة ثم علقه من وجه آخر فسماه الحارث بن حسان ثم ساقه من طريق أخرى فقال الحارث بن يزيد البكري ثم قال ويقال له الحارث بن حسان وصحح ابن عبد البر أن اسمه حريث ، وقال البغوي كان يسكن البادية .




                                                                                                          الخدمات العلمية