[ ص: 561 ] قصة أصحاب الكهف
قال الله تعالى : أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا إذ أوى الفتية إلى الكهف فقالوا ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدا فضربنا على آذانهم في الكهف سنين عددا ثم بعثناهم لنعلم أي الحزبين أحصى لما لبثوا أمدا نحن نقص عليك نبأهم بالحق إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى وربطنا على قلوبهم إذ قاموا فقالوا ربنا رب السماوات والأرض لن ندعو من دونه إلها لقد قلنا إذا شططا هؤلاء قومنا اتخذوا من دونه آلهة لولا يأتون عليهم بسلطان بين فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله فأووا إلى الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته ويهيئ لكم من أمركم مرفقا وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال وهم في فجوة منه ذلك من آيات الله من يهد الله فهو المهتدي ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا وتحسبهم أيقاظا وهم رقود ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد لو اطلعت عليهم لوليت منهم فرارا ولملئت منهم رعبا وكذلك بعثناهم ليتساءلوا بينهم قال قائل منهم كم لبثتم قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم قالوا ربكم أعلم بما لبثتم فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة فلينظر أيها أزكى طعاما فليأتكم برزق منه وليتلطف ولا يشعرن بكم أحدا إنهم إن يظهروا عليكم يرجموكم أو يعيدوكم في ملتهم ولن تفلحوا إذا أبدا وكذلك أعثرنا عليهم ليعلموا أن وعد الله حق وأن الساعة لا ريب فيها إذ يتنازعون بينهم أمرهم فقالوا ابنوا عليهم بنيانا ربهم أعلم بهم قال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجدا سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم قل ربي أعلم بعدتهم ما يعلمهم إلا قليل فلا تمار فيهم إلا مراء ظاهرا ولا تستفت فيهم منهم أحدا ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله واذكر ربك إذا نسيت وقل عسى أن يهديني ربي لأقرب من هذا رشدا ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعا قل الله أعلم بما لبثوا له غيب السماوات والأرض أبصر به وأسمع ما لهم من دونه من ولي ولا يشرك في حكمه أحدا [ الكهف : 9 - 26 ] .
[ ص: 562 ] كان ، وخبر سبب نزول قصة أصحاب الكهف ، ما ذكره ذي القرنين محمد بن إسحاق ، في " السيرة " وغيره ، أن قريشا بعثوا إلى اليهود يسألونهم عن أشياء يمتحنون بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويسألونه عنها ; ليختبروا ما يجيب به فيها ، فقالوا : سلوه عن أقوام ذهبوا في الدهر فلا يدرى ما صنعوا ، وعن رجل طواف في الأرض وعن الروح . فأنزل الله تعالى ويسألونك عن الروح [ الإسراء : 58 ] . ويسألونك عن ذي القرنين وقال هاهنا : [ ص: 563 ] أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا أي : ليسوا بعجب عظيم بالنسبة إلى ما أطلعناك عليه من الأخبار العظيمة ، والآيات الباهرة والعجائب الغريبة . والكهف هو الغار في الجبل . قال شعيب الجبائي : واسم كهفهم حيزم . وأما الرقيم فعن ابن عباس ، أنه قال : لا أدري ما المراد به . وقيل : هو الكتاب المرقوم فيه أسماؤهم وما جرى لهم ، كتب من بعدهم . اختاره ابن جرير وغيره . وقيل : هو اسم الجبل الذي فيه كهفهم . قال ابن عباس ، وشعيب الجبائي : واسمه بناجلوس . وقيل : هو اسم واد عند كهفهم . وقيل : اسم قرية هنالك . والله أعلم .
قال شعيب الجبائي : واسم كلبهم حمران . واعتناء اليهود بأمرهم ومعرفة خبرهم ، يدل على أن زمانهم متقدم على ما ذكره بعض المفسرين أنهم كانوا بعد المسيح ، وأنهم كانوا نصارى . والظاهر من السياق أن قومهم كانوا مشركين يعبدون الأصنام . قال كثير من المفسرين والمؤرخين وغيرهم : كانوا في زمن ملك يقال له : دقيانوس . وكانوا من أبناء الأكابر . وقيل : من أبناء الملوك . واتفق اجتماعهم في يوم عيد لقومهم فرأوا ما يتعاطاه قومهم ، من السجود للأصنام والتعظيم للأوثان ، فنظروا بعين البصيرة ، وكشف الله عن قلوبهم حجاب الغفلة ، وألهمهم رشدهم ، فعلموا أن قومهم ليسوا على شيء ، فخرجوا عن دينهم ، وانتموا إلى عبادة الله وحده لا شريك له . ويقال : إن كل واحد منهم لما أوقع الله في نفسه ما هداه إليه من التوحيد ، انحاز عن [ ص: 564 ] الناس ، واتفق اجتماع هؤلاء الفتية في مكان واحد ، كما صح في البخاري فكل منهم سأل الآخر عن أمره وعن شأنه ، فأخبره بما هو عليه ، واتفقوا على الانحياز عن قومهم ، والتبري منهم ، والخروج من بين أظهرهم ، والفرار بدينهم منهم ، وهو المشروع حال الفتن وظهور الشرور . قال الله تعالى : الأرواح جنود مجندة ، فما تعارف منها ائتلف ، وما تناكر منها اختلف نحن نقص عليك نبأهم بالحق إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى وربطنا على قلوبهم إذ قاموا فقالوا ربنا رب السماوات والأرض لن ندعو من دونه إلها لقد قلنا إذا شططا هؤلاء قومنا اتخذوا من دونه آلهة لولا يأتون عليهم بسلطان بين أي : بدليل ظاهر على ما ذهبوا إليه ، وصاروا من الأمر عليه فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله أي : وإذ قد فارقتموهم في دينهم وتبرأتم مما يعبدون من دون الله ، وذلك لأنهم كانوا يشركون مع الله ، كما قال الخليل : إنني براء مما تعبدون إلا الذي فطرني فإنه سيهدين [ الزخرف : 26 ، 27 ] . وهكذا هؤلاء الفتية قال بعضهم لبعض : إذ قد فارقتم قومكم في دينهم ، فاعتزلوهم بأبدانكم لتسلموا منهم أن يوصلوا إليكم شرا فأووا إلى الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته ويهيئ لكم من أمركم مرفقا أي : يسبل عليكم ستره ، وتكونوا تحت حفظه وكنفه ، ويجعل عاقبة [ ص: 565 ] أمركم إلى خير ، كما جاء في الحديث : اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها ، وأجرنا من خزي الدنيا ومن عذاب الآخرة ثم ذكر تعالى صفة الغار الذي آووا إليه ، وأن بابه موجه إلى نحو الشمال ، وأعماقه إلى جهة القبلة ، وذلك أنفع الأماكن ; أن يكون المكان قبليا ، وبابه نحو الشمال ، فقال : وترى الشمس إذا طلعت تزاور وقرئ : ( تزور ) عن كهفهم ذات اليمين وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال فأخبر أن الشمس ، يعني في زمن الصيف وأشباهه ، تشرق أول طلوعها في الغار في جانبه الغربي ، ثم تشرع في الخروج منه قليلا قليلا ، وهو ازورارها ذات اليمين فترتفع في جو السماء وتتقلص عن باب الغار ، ثم إذا تضيفت للغروب تشرع في الدخول فيه من جهته الشرقية قليلا قليلا إلى حين الغروب ، كما هو المشاهد في مثل هذا المكان ، والحكمة في دخول الشمس إليه في بعض الأحيان أن لا يفسد هواؤه وهم في فجوة منه ذلك من آيات الله أي : بقاؤهم على هذه الصفة دهرا طويلا من السنين ، لا يأكلون ولا يشربون ، ولا تتغذى أجسادهم في هذه المدة الطويلة من آيات الله وبرهان قدرته العظيمة من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا وتحسبهم أيقاظا وهم رقود قال بعضهم : لأن أعينهم مفتوحة ; لئلا تفسد بطول الغمض [ ص: 566 ] ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال قيل : في كل عام يتحولون مرة من جنب إلى جنب ، ويحتمل أكثر من ذلك . فالله أعلم . وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد قال شعيب الجبائي : اسم كلبهم حمران . وقال غيره : الوصيد أسكفة الباب . والمراد أن كلبهم الذي كان معهم ، وصحبهم حال انفرادهم من قومهم ، لزمهم ولم يدخل معهم في الكهف ، بل ربض على بابه ووضع يديه على الوصيد ، وهذا من جملة أدبه ومن جملة ما أكرموا به ; فإن الملائكة لا تدخل بيتا فيه كلب ، ولما كانت التبعية مؤثرة ، حتى في كلب هؤلاء ، صار باقيا معهم ببقائهم ; لأن من أحب قوما سعد بهم ، فإذا كان هذا في حق كلب فما ظنك بمن تبع أهل الخير وهو أهل للإكرام . وقد ذكر كثير من القصاص والمفسرين لهذا الكلب نبأ وخبرا طويلا ، أكثره متلقى من الإسرائيليات ، وكثير منها كذب ، ومما لا فائدة فيه ، كاختلافهم في اسمه ولونه .
وأما اختلاف العلماء في فقال كثيرون : هو بأرض محلة هذا الكهف ، أيلة . وقيل : بأرض نينوى . وقيل : بالبلقاء . وقيل : ببلاد الروم . وهو أشبه . والله أعلم . ولما ذكر الله تعالى ما هو الأنفع من خبرهم والأهم من أمرهم ، ووصف حالهم ، حتى كأن السامع راء ، والمخبر مشاهد لصفة كهفهم ، وكيفيتهم في ذلك الكهف وتقلبهم من جنب إلى جنب ، وأن كلبهم باسط [ ص: 567 ] ذراعيه بالوصيد . قال : لو اطلعت عليهم لوليت منهم فرارا ولملئت منهم رعبا أي : لما عليهم من المهابة والجلالة في أمرهم الذي صاروا إليه ، ولعل الخطاب هاهنا لجنس الإنسان المخاطب ، لا لخصوصية الرسول صلى الله عليه وسلم ، كقوله : فما يكذبك بعد بالدين [ التين : 7 ] . أي : أيها الإنسان ; وذلك لأن طبيعة البشرية تفر من رؤية الأشياء المهيبة غالبا ، ولهذا قال : لو اطلعت عليهم لوليت منهم فرارا ولملئت منهم رعبا ، ودل على أن الخبر ليس كالمعاينة ، كما جاء في الحديث; لأن الخبر قد حصل ولم يحصل الفرار ولا الرعب . ثم ذكر تعالى أنه بعثهم من رقدتهم بعد نومهم بثلاثمائة سنة وتسع سنين ، فلما استيقظوا ، قال بعضهم لبعض : كم لبثتم قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم قالوا ربكم أعلم بما لبثتم فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة أي : بدراهمكم هذه ، يعني التي معهم ، إلى المدينة . ويقال ، كان اسمها دفسوس . فلينظر أيها أزكى طعاما أي : أطيب مالا فليأتكم برزق منه أي : بطعام تأكلونه ، وهذا من زهدهم وورعهم وليتلطف أي : في دخوله إليها ولا يشعرن بكم أحدا إنهم إن يظهروا عليكم يرجموكم أو يعيدوكم في ملتهم ولن تفلحوا إذا أبدا أي : إن عدتم في ملتهم بعد إذ أنقذكم الله منها ; وهذا كله لظنهم أنهم رقدوا يوما أو بعض يوم أو أكثر من ذلك ، ولم يحسبوا أنهم قد رقدوا أزيد من ثلاثمائة سنة وقد تبدلت الدول أطوارا عديدة ، وتغيرت البلاد ومن عليها ، وذهب أولئك القرن [ ص: 568 ] الذين كانوا فيهم ، وجاء غيرهم وذهبوا ، وجاء غيرهم ; ولهذا لما خرج أحدهم ، وهو تيذوسيس فيما قيل ، وجاء إلى المدينة متنكرا ; لئلا يعرفه أحد من قومه فيما يحسبه ، تنكرت له البلاد واستنكره من رآه من أهلها ، واستغربوا شكله وصفته ودراهمه . فيقال : إنهم حملوه إلى متوليهم ، وخافوا من أمره أن يكون جاسوسا ، أو تكون له صولة يخشون من مضرتها ، فيقال : إنه هرب منهم . ويقال : بل أخبرهم خبره ومن معه ، وما كان من أمرهم ، فانطلقوا معه ليريهم مكانهم ، فلما قربوا من الكهف ، دخل إلى إخوانه ، فأخبرهم حقيقة أمرهم ، ومقدار ما رقدوا ، فعلموا أن هذا من قدرة الله . فيقال : إنهم استمروا راقدين . ويقال : بل ماتوا بعد ذلك .
وأما أهل البلدة ، فيقال : إنهم لم يهتدوا إلى موضعهم من الغار ، وعمى الله عليهم أمرهم . ويقال : لم يستطيعوا دخوله حسا . ويقال : مهابة لهم .
واختلفوا في أمرهم ; فقائلون يقولون : ابنوا عليهم بنيانا أي : سدوا عليهم باب الكهف ; لئلا يخرجوا أو لئلا يصل إليهم ما يؤذيهم ، وآخرون ، وهم الغالبون على أمرهم قالوا : لنتخذن عليهم مسجدا أي : معبدا يكون مباركا لمجاورته هؤلاء الصالحين . وهذا كان شائعا [ ص: 569 ] فيمن كان قبلنا ، فأما في شرعنا فقد ثبت في " الصحيحين " عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : لعن الله اليهود والنصارى ، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد يحذر ما فعلوا . وأما قوله تعالى : وكذلك أعثرنا عليهم ليعلموا أن وعد الله حق وأن الساعة لا ريب فيها فمعنى ( أعثرنا ) أطلعنا على أمرهم الناس . قال كثير من المفسرين : ليعلم الناس أن المعاد حق ، وأن الساعة لا ريب فيها ، إذا علموا أن هؤلاء القوم رقدوا أزيد من ثلاثمائة سنة ثم قاموا ، كما كانوا من غير تغير منهم ، فإن من أبقاهم كما هم قادر على إعادة الأبدان وإن أكلتها الديدان ، وعلى إحياء الأموات وإن صارت أجسامهم وعظامهم رفاتا ، وهذا مما لا يشك فيه المؤمنون إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون [ النحل : 40 ] . هذا ويحتمل عود الضمير في قوله : ليعلموا إلى أصحاب الكهف ، إذ علمهم بذلك من أنفسهم أبلغ من علم غيرهم بهم ، ويحتمل أن يعود على الجميع . والله أعلم . ثم قال تعالى : سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم فذكر اختلاف الناس في كميتهم ، فحكى ثلاثة أقوال وضعف الأولين ، وقرر الثالث ، فدل على أنه الحق ; إذ لو قيل غير ذلك لحكاه ولو لم يكن هذا الثالث هو الصحيح لوهاه ، فدل على ما قلناه ، ولما كان النزاع في مثل هذا لا طائل تحته ولا جدوى عنده ، أرشد نبيه صلى الله عليه وسلم ، إلى الأدب في مثل هذا الحال ، إذا [ ص: 570 ] اختلف الناس فيه أن يقول : الله أعلم . ولهذا قال : قل ربي أعلم بعدتهم وقوله : ما يعلمهم إلا قليل أي : من الناس فلا تمار فيهم إلا مراء ظاهرا أي سهلا ، ولا تتكلف إعمال الجدال في مثل هذا الحال ، ولا تستفت في أمرهم أحدا من الرجال; ولهذا أبهم تعالى عدتهم في أول القصة فقال : إنهم فتية آمنوا بربهم ولو كان في تعيين عدتهم كبير فائدة لذكرها عالم الغيب والشهادة . ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله واذكر ربك إذا نسيت وقل عسى أن يهديني ربي لأقرب من هذا رشدا أدب عظيم أرشده الله تعالى إليه وحث خلقه عليه ، وهو ما إذا قال أحدهم : إني سأفعل في المستقبل كذا . فيشرع له أن يقول : إن شاء الله . ليكون ذلك تحقيقا لعزمه; لأن العبد لا يعلم ما في غد ولا يدري أهذا الذي عزم عليه مقدر أم لا ، وليس هذا الاستثناء تعليقا ، وإنما هو الحقيقي ، ولهذا قال وقوله تعالى : ابن عباس : إنه يصح إلى سنة . ولكن قد يكون في بعض المحال لهذا ولهذا ، كما تقدم في قصة سليمان ، عليه السلام ، حين قال : لأطوفن الليلة على تسعين امرأة تلد كل امرأة منهن غلاما يقاتل في سبيل الله . فقيل له : قل : إن شاء الله . فلم يقل ، فطاف ، فلم تلد منهن إلا امرأة واحدة نصف إنسان . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : والذي نفسي بيده ، لو قال : إن شاء الله . لم يحنث ، وكان دركا لحاجته [ ص: 571 ] وقوله : واذكر ربك إذا نسيت وذلك لأن النسيان قد يكون من الشيطان ، فذكر الله يطرده عن القلب ، فيذكر ما كان قد نسيه . وقوله : وقل عسى أن يهديني ربي لأقرب من هذا رشدا أي : إذا اشتبه أمر وأشكل حال والتبس أقوال الناس في شيء ، فارغب إلى الله ييسره لك ، ويسهله عليك ، ثم قال : ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعا لما كان في الإخبار بطول مدة لبثهم فائدة عظيمة ، ذكرها تعالى ، وهذه التسع المزيدة بالقمرية ، وهي لتكميل ثلاثمائة شمسية ، فإن كل مائة قمرية تنقص عن الشمسية ثلاث سنين قل الله أعلم بما لبثوا أي إذا سئلت عن مثل هذا ، وليس عندك في ذلك نقل ، فرد الأمر في ذلك إلى الله ، عز وجل له غيب السماوات والأرض أي : هو العالم بالغيب ، فلا يطلع عليه إلا من شاء من خلقه أبصر به وأسمع يعني أنه يضع الأشياء في محالها لعلمه التام بخلقه ، وبما يستحقونه ، ثم قال : ما لهم من دونه من ولي ولا يشرك في حكمه أحدا أي : بل هو المنفرد بالملك والمتصرف فيه وحده لا شريك له .