[ ص: 593 ] الكلام على ما يتعلق برأس يحيى بن زكريا  عليهما السلام 
 وروى  ابن عساكر ،  عن زيد بن واقد  قال : وكلني الوليد  على العمال في بناء جامع دمشق  فوجدنا فيه مغارة ، فعرفنا الوليد  ذلك ، فلما كان الليل وافانا وبين يديه الشمع ، فنزل فإذا هي كنيسة لطيفة ثلاثة أذرع في ثلاثة أذرع ، وإذا فيها صندوق ، ففتح الصندوق فإذا فيه سفط ، وفي السفط رأس يحيى بن زكريا  عليهما السلام ، مكتوب عليه : هذا رأس يحيى بن زكريا    . فأمر به الوليد  فرد إلى المكان . وقال : اجعلوا العمود الذي فوقه مغيرا من بين الأعمدة . فجعل عليه عمود مسفط الرأس . 
وفي رواية ، عن زيد بن واقد    : أن ذلك الموضع كان تحت ركن من أركان القبة يعني قبل أن تبنى قال : وكان على الرأس شعر وبشر . 
وقال  الوليد بن مسلم ،  عن زيد بن واقد ،  قال : حضرت رأس يحيى بن زكريا ،  وقد أخرج من الليطة القبلية الشرقية التي عند مجلس بجيلة ، فوضع تحت عمود السبط السكاسك . 
 [ ص: 594 ] قال الأوزاعي ،   والوليد بن مسلم    : هو العمود الرابع المسفط . 
وروى أبو بكر بن البرامي ،  عن أحمد بن أنس بن مالك ،  عن حبيب المؤذن ،  عن أبي زياد ،  وأبي أمية  الشعبانيين ، عن  سفيان الثوري  أنه قال : صلاة في مسجد دمشق  بثلاثين ألف صلاة   . وهذا غريب جدا . 
وروى  ابن عساكر ،  من طريق أبي مسهر ،  عن المنذر بن نافع  مولى أم عمرو بنت مروان عن أبيه وفي رواية : عن رجل قد سماه أن واثلة بن الأسقع  خرج من باب المسجد الذي يلي باب جيرون  فلقيه كعب الأحبار  ، فقال : أين تريد؟ قال واثلة    : أريد بيت المقدس    . فقال : تعال حتى أريك موضعا في هذا المسجد ، من صلى فيه فكأنما صلى في بيت المقدس    . فذهب به فأراه ما بين الباب الأصفر الذي يخرج منه الوالي إلى الحنية يعني القنطرة الغربية فقال : من صلى فيما بين هذين فكأنما صلى في بيت المقدس    . فقال واثلة    : إنه لمجلسي ومجلس قومي . قال كعب    : هو ذاك . وهذا أيضا غريب جدا ومنكر ، ولا يعتمد على مثله . 
وعن  الوليد بن مسلم  قال : لما أمر  الوليد بن عبد الملك  ببناء مسجد دمشق   [ ص: 595 ] وجدوا في حائط المسجد القبلي لوحا من حجر فيه كتاب نقش ، فأتوا به الوليد ،  فبعث إلى الروم ،  فلم يستخرجوه ، ثم بعث إلى العبرانيين ،  فلم يستخرجوه ، ثم بعث إلى من كان بدمشق  من بقية الأشبان ، فلم يستخرجوه . فدل على  وهب بن منبه  ، فبعث إليه ، فلما قدم عليه أخبره بموضع ذلك اللوح ، فوجدوه في ذلك الحائط ويقال : إن ذلك الحائط بناه هود  عليه السلام فلما نظر إليه وهب  حرك رأسه وقرأه فإذا هو : 
بسم الله الرحمن الرحيم ، ابن آدم ،  لو رأيت يسير ما بقي من أجلك ، لزهدت في طول ما ترجو من أملك ، وإنما تلقى ندمك . لو قد زلت بك قدمك ، وأسلمك أهلك وحشمك ، وانصرف عنك الحبيب ، وودعك القريب ، ثم صرت تدعى فلا تجيب ، فلا أنت إلى أهلك عائد ، ولا في عملك زائد ، فاعمل لنفسك قبل يوم القيامة ، وقبل الحسرة والندامة ، قبل أن يحل بك أجلك ، وتنزع منك روحك ، فلا ينفعك مال جمعته ، ولا ولد ولدته ، ولا أخ تركته ، ثم تصير إلى برزخ الثرى ، ومجاورة الموتى ، فاغتنم الحياة قبل الموت ، والقوة قبل الضعف ، والصحة قبل السقم ، قبل أن تؤخذ بالكظم ، ويحال بينك وبين   [ ص: 596 ] العمل . وكتب في زمن سليمان بن داود ،  عليهما السلام . 
وقال  ابن عساكر    : قرأت على أبي محمد السلمي ،  عن عبد العزيز التميمي ،  أنبأنا تمام الرازي ،  أنبأنا ابن البرامي ،  سمعت أبا مروان عبد الرحيم بن عمر المازني ،  يقول : لما كان في أيام  الوليد بن عبد الملك  وبنائه المسجد احتفروا فيه موضعا ، فوجدوا بابا من حجارة مغلقا ، فلم يفتحوه ، وأعلموا به الوليد ،  فخرج من داره حتى وقف عليه ، وفتح بين يديه ، فإذا داخله مغارة فيها تمثال إنسان من حجارة على فرس من حجارة في يد التمثال الواحدة الدرة التي كانت في المحراب ، ويده الأخرى مقبوضة ، فأمر بها فكسرت ، فإذا فيها حبتان; حبة قمح وحبة شعير ، فسأل عن ذلك فقيل له : لو تركت الكف لم تكسرها لم يسوس في هذا البلد قمح ولا شعير   . 
وقال الحافظ أحمد الوراق ،  وكان قد عمر مائة سنة : سمعت بعض الشيوخ يقول : لما دخل المسلمون دمشق  وجدوا على العمود الذي على المقسلاط على السفود الحديد الذي في أعلاه صنما مادا يده بكف مطبقة ، فكسروه ، فإذا في يده حبة قمح ، فسألوا عن ذلك ، فقيل لهم : هذه الحبة القمح جعلها حكماء اليونان  في كف هذا الصنم طلسما ، حتى لا يسوس القمح ،   [ ص: 597 ] ولو أقام سنين كثيرة . 
قال  ابن عساكر    : وقد رأيت أنا هذا السفود على قناطر كنيسة المقسلاط ، فلما هدمت القناطر ذهب . قلت : كنيسة المقسلاط كانت مبنية فوق القناطر التي في السوق الكبير ، عند الصابونيين والعطارين اليوم ، وعندها اجتمعت جيوش الإسلام يوم فتح دمشق  ، دخل أبو عبيدة  من باب الجابية ،  وخالد من الباب الشرقي ، ويزيد بن أبي سفيان  من باب الجابية  الصغير ، كما قدمنا ، ولله الحمد والمنة . 
وقال عبد العزيز التميمي ،  عن أبي نصر عبد الوهاب بن عبد الله المزني    : سمعت جماعة من شيوخ أهل دمشق  يقولون : إن في سقف مسجد الجامع طلاسم عملها الحكماء في السقف ، مما يلي الحائط القبلي ، فيها طلاسم للصنونيات ، لا تدخله ولا تعشش فيه من جهة الأوساخ التي تكون منها ، ولا يدخله غراب ، وطلسم للفأر والحيات والعقارب ما أبصر الناس من هذا شيئا إلا الفأر ، ويشك أن يكون قد عدم طلسمها وطلسم للعنكبوت   [ ص: 598 ] حتى لا ينسج في زواياه ، فيركبه الغبار والوسخ . 
قال الحافظ  ابن عساكر    : وسمعت جدي أبا الفضل يحيى بن علي القاضي ،  يذكر أنه أدرك في الجامع قبل حريقه طلسمات لسائر الحشرات ، معلقة في السقف فوق البطائن مما يلي السبع ، وأنه لم يكن يوجد في الجامع شيء من الحشرات قبل الحريق ، فلما احترقت الطلسمات وجدت ، وكان حريق الجامع ليلة النصف من شعبان بعد العصر سنة إحدى وستين وأربعمائة . 
وقد كانت بدمشق  طلسمات كثيرة ، ولم يبق منها سوى العمود الذي بسوق العلبيين اليوم الذي في أعلاه مثل الكرة العظيمة ، وهو لعسر بول الدواب إذا داروا بالدابة حوله ثلاث مرات انطلق . 
وقد كان شيخنا العلامة أبو العباس ابن تيمية  رحمه الله يقول : إنما هذا قبر مشرك متمرد مدفون هنالك يعذب ، فإذا سمعت الدابة صياحه فزعت فانطلق طبعها . قال : ولهذا يذهبون بالدواب إلى مقابر اليهود  والنصارى  إذا مغلت فينطلق طباعها وتروث ، وما ذاك إلا أنها تسمع أصواتهم وهم يعذبون . والله أعلم . 
				
						
						
