[ ص: 20 ] ثم دخلت سنة ست ومائة
ففيها هشام بن عبد الملك عن إمرة المدينة ومكة والطائف عبد الواحد بن عبد الله النضري ، وولى على ذلك كله خاله عزل إبراهيم بن هشام بن إسماعيل المخزومي . وفيها غزا سعيد بن عبد الملك الصائفة . وفيها غزا مسلم بن سعيد مدينة فرغانة ومعاملتها ، فلقيه عندها الترك فكانت بينهم وقعة هائلة ، قتل فيها الخاقان وطائفة كثيرة من الترك .
وفيها أوغل الجراح الحكمي في أرض الخزر فصالحوه وأعطوه الجزية والخراج . وفيها غزا الحجاج بن عبد الملك اللان ، فقتل خلقا كثيرا وغنم وسلم . وفيها عزل عن إمرة خالد بن عبد الله القسري خراسان مسلم بن سعيد ، وولى عليها أخاه أسد بن عبد الله القسري .
هشام بن عبد الملك وكتب إلى قبل دخوله أبي الزناد المدينة ليتلقاه ويكتب له مناسك الحج ، ففعل ، وتلقاه الناس من وحج بالناس في هذه السنة أمير المؤمنين المدينة إلى أثناء الطريق ، وفيهم أبو الزناد قد امتثل ما أمر به ، وتلقاه فيمن تلقاه سعيد بن عبد الله بن الوليد بن عثمان بن عفان فقال له : يا أمير المؤمنين ، إن أهل بيتك في مثل هذه المواطن الصالحة لم يزالوا يلعنون أبا تراب ، [ ص: 21 ] فالعنه أنت أيضا . قال أبو الزناد : فشق ذلك على هشام واستثقله ، وقال : ما قدمت لشتم أحد ولا للعنة أحد ، إنما قدمنا حجاجا . ثم قطع كلامه ، وأقبل على يحادثه ، ولما انتهى إلى أبي الزناد مكة عرض له إبراهيم بن طلحة فتظلم إليه في أرض ، فقاله له : أين كنت عن عبد الملك ؟ قال : ظلمني . قال : فالوليد ؟ قال : ظلمني . قال : فسليمان ؟ قال : ظلمني . قال : فعمر بن عبد العزيز ؟ قال : ردها علي . قال : فيزيد ؟ قال : انتزعها من يدي وهي الآن في يدك . فقال له هشام : أما لو كان فيك مضرب لضربتك . فقال : بلى في مضرب بالسيف والسوط . فانصرف هشام عنه وهو يقول لرجل معه : ما رأيت أفصح من هذا .
وفيها كان العامل على مكة والمدينة والطائف إبراهيم بن هشام بن إسماعيل ، وعلى العراق وخراسان خالد القسري .