[ ص: 31 ] بيان بني إسرائيل الإذن في الرواية عن أخبار
قال : حدثنا الإمام أحمد عبد الصمد حدثنا همام حدثنا زيد عن عن عطاء بن يسار رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : أبي سعيد الخدري حدثوا عني ولا تكذبوا علي ، ومن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج .
وقال أيضا : حدثنا عفان حدثنا همام أنبأنا عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : أبي سعيد الخدري لا تكتبوا عني شيئا غير القرآن فمن كتب عني شيئا غير القرآن فليمحه وقال حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج حدثوا عني ولا تكذبوا علي قال ، ومن كذب علي - قال همام : أحسبه قال متعمدا - فليتبوأ مقعده من النار وهكذا رواه مسلم من حديث والنسائي همام ، ورواه عن أبو عوانة الإسفراييني عن أبي داود السجستاني هدبة عن همام عن به [ ص: 32 ] ثم قال : قال زيد بن أسلم أبو داود : أخطأ فيه همام وهو من قول أبي سعيد كذا قال وقد رواه الترمذي عن سفيان عن عن وكيع سفيان بن عيينة عن ببعضه مرفوعا فالله أعلم . زيد بن أسلم
قال : حدثنا الإمام أحمد أنبأنا الوليد بن مسلم ، الأوزاعي حدثنا حسان بن عطية حدثني أبو كبشة السلولي أن ، حدثه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني يقول : عبد الله بن عمرو بن العاص بلغوا عني ولو آية ، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج ، ومن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ورواه أحمد أيضا عن عبد الله بن نمير ، وعبد الرزاق كلاهما عن الأوزاعي به . وهكذا رواه عن البخاري عن أبي عاصم النبيل الأوزاعي به ، وكذا رواه الترمذي عن بندار عن أبي عاصم ، ثم رواه عن محمد بن يحيى الذهلي عن محمد بن يوسف الفريابي عن عن عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان حسان بن عطية به . وقال : حسن صحيح .
وقال : حدثنا أبو بكر البزار حدثنا محمد بن المثنى أبو موسى حدثنا أبي عن معاذ بن هشام قتادة عن أبي حسان عن عبد الله بن عمرو قال : [ ص: 33 ] كان نبي الله صلى الله عليه وسلم يحدثنا عامة ليله عن بني إسرائيل حتى يصبح ما يقوم فيها إلا لعظم صلاة ورواه أبو داود عن ثم قال محمد بن المثنى ، البزار : حدثنا حدثنا محمد بن المثنى عفان حدثنا أبو هلال عن قتادة عن أبي حسان عن عمران بن حصين قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدثنا عامة ليله عن بني إسرائيل لا يقوم إلا لعظم صلاة . قال البزار : وهشام أحفظ من أبي هلال . يعني أن الصواب عن عبد الله بن عمرو ، لا عن عمران بن حصين . والله أعلم .
وقال : حدثنا الإمام أحمد عن يحيى هو القطان محمد بن عمرو حدثنا أبو سلمة عن عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : أبي هريرة حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج إسناد صحيح ، ولم يخرجوه .
وقال : حدثنا الحافظ أبو يعلى أبو خيثمة حدثنا حدثنا وكيع ربيع [ ص: 34 ] بن سعد الجعفي عن عبد الرحمن بن سابط عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : حدثوا عن بني إسرائيل فإنه قد كان فيهم الأعاجيب ثم أنشأ يحدث صلى الله عليه وسلم قال : خرجت طائفة من بني إسرائيل حتى أتوا مقبرة من مقابرهم فقالوا : لو صلينا ركعتين ، ودعونا الله عز وجل فيخرج لنا رجلا قد مات نسائله يحدثنا عن الموت ففعلوا فبينما هم كذلك إذ أطلع رجل رأسه من قبر من تلك القبور ، بين عينيه أثر السجود فقال : يا هؤلاء ما أردتم إلي فقد مت منذ مائة عام فما سكنت عني حرارة الموت حتى الآن ، فادعوا الله أن يعيدني كما كنت . وهذا حديث غريب .
إذا تقرر جواز الرواية عنهم فهو محمول على ما يمكن أن يكون صحيحا فأما ما يعلم أو يظن بطلانه ، لمخالفته الحق الذي بأيدينا عن المعصوم فذاك متروك مردود لا يعرج عليه ، ثم مع هذا كله ، لا يلزم من جواز روايته أن تعتقد صحته لما رواه قائلا : حدثنا البخاري حدثنا محمد بن بشار عثمان بن عمر حدثنا علي بن المبارك عن عن يحيى بن أبي كثير أبي سلمة عن قال : كان أبي هريرة أهل الكتاب يقرءون التوراة بالعبرانية ، ويفسرونها بالعربية لأهل الإسلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم ، وقولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا [ البقرة : 136 ] [ ص: 35 ] تفرد به من هذا الوجه . البخاري
وروى من طريق الإمام أحمد الزهري عن أبي نملة الأنصاري عن أبيه أنه كان جالسا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إذ جاء رجل من اليهود فقال : يا محمد هل تتكلم هذه الجنازة ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الله أعلم فقال اليهودي : أنا أشهد أنها تتكلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم ، وقولوا آمنا بالله ، وكتبه ورسله فإن كان حقا لم تكذبوهم ، وإن كان باطلا لم تصدقوهم إذا حدثكم تفرد به أحمد .
وقال : حدثنا الإمام أحمد شريح بن النعمان حدثنا هشيم أنبأنا مجالد عن الشعبي عن جابر بن عبد الله أن عمر بن الخطاب أتى النبي صلى الله عليه وسلم بكتاب أصابه من بعض أهل الكتاب فقرأه على النبي صلى الله عليه وسلم قال : فغضب ، وقال : أمتهوكون فيها يا ابن الخطاب والذي نفسي بيده لقد جئتكم بها بيضاء نقية ، لا تسألوهم عن شيء فيخبروكم بحق فتكذبوا به ، أو بباطل فتصدقوا به والذي نفسي بيده لو أن موسى كان حيا ما وسعه إلا أن يتبعني تفرد به أحمد ، وإسناده على شرط مسلم .
[ ص: 36 ] فهذه الأحاديث دليل على أنهم قد بدلوا ما بأيديهم من الكتب السماوية ، وحرفوها وأولوها ، ووضعوها على غير مواضعها ولا سيما ما يبدونه من المعربات التي لم يحيطوا بها علما ، وهي بلغتهم فكيف يعبرون عنها بغيرها ، ولأجل هذا وقع في تعريبهم خطأ كبير ، ووهم كثير مع ما لهم من المقاصد الفاسدة والآراء الباردة . وهذا يتحققه من نظر في كتبهم التي بأيديهم ، وتأمل ما فيها من سوء التعبير ، وقبيح التبديل والتغيير والله المستعان وهو نعم المولى ونعم النصير .
وهذه التوراة التي يبدونها ، ويخفون منها كثيرا فيما ذكروه فيها تحريف وتبديل وتغيير وسوء تعبير ، يعلمه من نظر فيها ، وتأمل ما قالوه وما أبدوه وما أخفوه ، وكيف يصوغون عبارة فاسدة البناء والتركيب ، باطلة من حيث معناها وألفاظها . وهذا كعب الأحبار من أجود من ينقل عنهم ، وقد أسلم في زمن عمر وكان ينقل شيئا عن كتب أهل الكتاب فكان عمر رضي الله عنه يستحسن بعض ما ينقله ; لما يصدقه من الحق ، وتأليفا لقلبه فتوسع كثير من الناس في أخذ ما عنده ، وبالغ أيضا هو في نقل تلك الأشياء التي كثير منها ما يساوي مداده ، ومنها ما هو باطل لا محالة ، ومنها ما هو صحيح لما يشهد له الحق الذي بأيدينا .
وقد قال : وقال البخاري أبو اليمان : حدثنا شعيب عن الزهري [ ص: 37 ] أخبرني حميد بن عبد الرحمن أنه سمع معاوية يحدث رهطا من قريش بالمدينة ، وذكر كعب الأحبار فقال : إن كان من أصدق هؤلاء المحدثين الذين يحدثون عن أهل الكتاب ، وإن كنا - مع ذلك - لنبلو عليه الكذب يعني من غير قصد منه .
وروى من حديث البخاري الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس أنه قال : كيف تسألون أهل الكتاب عن شيء ، وكتابكم الذي أنزل الله على رسوله أحدث الكتب بالله تقرءونه محضا لم يشب ؟ وقد حدثكم أن أهل الكتاب بدلوا كتاب الله وغيروه ، وكتبوا بأيديهم الكتاب ، وقالوا : هو من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا ألا ينهاكم ما جاءكم من العلم عن مسألتهم ، لا والله ما رأينا منهم رجلا يسألكم عن الذي أنزل عليكم .
وروى ابن جرير عن أنه قال : لا تسألوا عبد الله بن مسعود أهل الكتاب عن شيء فإنهم لن يهدوكم وقد ضلوا ، إما أن تكذبوا بحق ، أو تصدقوا بباطل . والله أعلم .