[ ص: 205 ] ثم دخلت سنة سبع وعشرين ومائة 
استهلت هذه السنة والخليفة  إبراهيم بن الوليد بن عبد الملك   بوصية أخيه يزيد الناقص  إليه ، ومبايعة الأمراء له بذلك ، وجميع أهل الشام  ، إلا أهل حمص  فلم يبايعوه ، وقد تقدم أن مروان بن محمد  الملقب بالحمار كان نائبا بأذربيجان  وإرمينية    - وتلك كانت لأبيه من قبله - وكان نقم على يزيد بن الوليد  في قتله الوليد بن يزيد  ، وأقبل في طلب دم الوليد  فلما انتهى إلى حران  أناب وبايع يزيد بن الوليد  فلم يلبث إلا قليلا حتى بلغه موته ، فأقبل في أهل الجزيرة  حتى وصل قنسرين  ، فحاصر أهلها ، فنزلوا على طاعته ، ثم أقبل إلى حمص  وعليها عبد العزيز بن الحجاج  من جهة أمير المؤمنين إبراهيم بن الوليد  يحاصرهم حتى يبايعوا  لإبراهيم بن الوليد  وقد أصروا على عدم مبايعته ، فلما بلغ عبد العزيز  قرب مروان بن محمد  ترحل عنها ، وقدم مروان  إليها ، فبايعوه وساروا معه قاصدين دمشق  ، ومعهم جند الجزيرة وجند قنسرين  ، فتوجه مروان  إلى دمشق  في ثمانين ألفا ، وقد بعث إبراهيم بن الوليد  سليمان بن هشام بن عبد الملك  في مائة وعشرين ألفا ، فالتقى الجيشان عند عين الجر  من البقاع  ، فدعاهم مروان  إلى الكف عن القتال ، وأن يخلوا عن ابني الوليد بن يزيد    - وهما الحكم  ، وعثمان    - اللذين كانا قد أخذ العهد لهما ، وكان يزيد  قد سجنهما بدمشق  فأبوا عليه ذلك ، فاقتتلوا قتالا شديدا من حين ارتفاع النهار إلى العصر ، وبعث مروان  سرية   [ ص: 206 ] تأتي جيش سليمان بن هشام  من ورائهم ، فتم لهم ما أرادوه ، وأقبلوا من ورائهم يكبرون ، وحمل الآخرون من تلقائهم عليهم ، فكانت الهزيمة في أصحاب سليمان  فقتل منهم أهل حمص  خلقا كثيرا ، واستبيح عسكرهم . 
وكان مقدار ما قتل من أهل دمشق  في ذلك اليوم قريبا من سبعة عشر أو ثمانية عشر ألفا ، وأسر منهم مثلهم ، فأخذ عليهم مروان  البيعة للغلامين ابني الوليد  الحكم  ، وعثمان  ، وأطلقهم كلهم سوى رجلين ، وهما يزيد بن العقار  ، والوليد بن مصاد  الكلبيان ، فضربهما بين يديه بالسياط وحبسهما ، فماتا في السجن ; لأنهما كانا ممن باشر قتل الوليد بن يزيد  حين قتل ، وأما سليمان بن هشام  وبقية أصحابه فإنهم استمروا منهزمين ، فما أصبح لهم الصبح إلا بدمشق  فأخبروا أمير المؤمنين إبراهيم بن الوليد  بما وقع ، فاجتمع معهم رءوس الأمراء في ذلك الوقت ، وهم : عبد العزيز بن الحجاج  ، ويزيد بن خالد بن عبد الله القسري  ، وأبو علاقة السكسكي  ، والأصبغ بن ذؤالة الكلبي  ونظراؤهم ، على أن يعمدوا إلى قتل ابني الوليد  الحكم  ، وعثمان  خشية أن يليا الخلافة فيهلكا من عاداهما وقتل أباهما ، فبعثوا إليهما يزيد بن خالد بن عبد الله القسري  فعمد إلى السجن وفيه الحكم  ، وعثمان  ابنا الوليد  وقد بلغا ، ويقال : وولد لأحدهما ولد . فشدخهما بالعمد ، وقتل يوسف بن عمر  وكان مسجونا معهما ، وكان في سجنهما أيضا أبو محمد السفياني  فهرب فدخل في بيت داخل السجن ، وجعل وراء الباب ردما ، فحاصروه فامتنع ، فأتوا بنار ليحرقوا الباب ، ثم اشتغلوا عن ذلك بقدوم مروان بن محمد  وأصحابه إلى دمشق  في طلب المنهزمين . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					