[ ص: 117 ] ربيعة بن نصر
بن أبي حارثة بن عمرو بن عامر المتقدم ذكره قصة اللخمي
كذا ذكره ابن إسحاق ، وقال السهيلي : ونساب اليمن تقول : نصر بن ربيعة وهو ربيعة بن نصر بن الحارث بن نمارة بن لخم ، وقال الزبير بن بكار : ربيعة بن نصر بن مالك بن شعوذ بن مالك بن عجم بن عمرو بن نمارة بن لخم ، ولخم أخو جذام ، وسمي لخما ; لأنه لخم أخاه أي : لطمه فعضه الآخر في يده فجذمها فسمي جذاما وكان ربيعة أحد ملوك حمير التبابعة ، وخبره مع شق وسطيح الكاهنين ، وإنذارهما بوجود رسول الله صلى الله عليه وسلم أما سطيح فاسمه ربيع بن ربيعة بن مسعود بن مازن بن ذئب بن عدي بن مازن بن غسان ، وأما شق فهو ابن صعب بن يشكر بن رهم بن أفرك بن قسر [ ص: 118 ] بن عبقر بن أنمار بن نزار ، ومنهم من يقول أنمار بن أراش بن لحيان بن عمرو بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ ، ويقال : إن سطيحا كان لا أعضاء له ، وإنما كان مثل السطيحة ، ووجهه في صدره وكان إذا غضب انتفخ وجلس وكان شق نصف إنسان ، ويقال : إن كان سلالته ، وذكر خالد بن عبد الله بن القسري السهيلي أنهما ولدا في يوم واحد وكان ذلك يوم ماتت طريفة بنت الخير الحميرية ، ويقال : إنها تفلت في فم كل منهما فورث الكهانة عنها ، وهي امرأة عمرو بن عامر المتقدم ذكره . والله أعلم .
قال محمد بن إسحاق : وكان ربيعة بن نصر ملك اليمن بين أضعاف ملوك التبابعة فرأى رؤيا هالته وفظع بها فلم يدع كاهنا ولا ساحرا ولا عائفا ولا منجما من أهل مملكته إلا جمعه إليه فقال لهم : إني قد رأيت رؤيا هالتني ، وفظعت بها فأخبروني بها ، وبتأويلها فقالوا : اقصصها علينا نخبرك بتأويلها فقال : إني إن أخبرتكم بها لم أطمئن إلى خبركم بتأويلها; لأنه لا يعرف تأويلها إلا من عرفها قبل أن أخبره بها فقال له رجل منهم : فإن كان الملك يريد هذا فليبعث إلى شق وسطيح فإنه ليس أحد أعلم منهما فهما يخبرانه بما سأل عنه فبعث إليهما فقدم إليه سطيح قبل شق فقال له : إني قد رأيت رؤيا هالتني وفظعت بها فأخبرني بها فإنك إن أصبتها أصبت [ ص: 119 ] تأويلها فقال : أفعل . رأيت حممة خرجت من ظلمة فوقعت بأرض تهمة فأكلت منها كل ذات جمجمة فقال له الملك : ما أخطأت منها شيئا يا سطيح فما عندك في تأويلها ؟ قال : أحلف بما بين الحرتين من حنش لتهبطن أرضكم الحبش فليملكن ما بين أبين إلى جرش فقال له الملك : وأبيك يا سطيح إن هذا لنا لغائظ موجع فمتى هو كائن ؟ أفي زماني أم بعده ؟ فقال : لا بل بعده بحين أكثر من ستين أو سبعين يمضين من السنين قال : أفيدوم ذلك من سلطانهم أم ينقطع ؟ قال : بل ينقطع لبضع وسبعين من السنين ، ثم يقتلون ويخرجون منها هاربين قال : ومن يلي ذلك من قتلهم وإخراجهم . قال : يليهم إرم ذي يزن يخرج عليهم من عدن فلا يترك منهم أحدا باليمن قال : أفيدوم ذلك من سلطانه أم ينقطع ؟ قال : بل ينقطع قال : ومن يقطعه قال : نبي زكي يأتيه الوحي من قبل العلي قال : وممن هذا النبي ؟ قال رجل من ولد غالب بن فهر بن مالك بن النضر يكون الملك في قومه إلى آخر الدهر قال : وهل للدهر من آخر ؟ قال : نعم يوم يجمع فيه الأولون والآخرون ، يسعد فيه المحسنون ، ويشقى فيه المسيئون . قال : أحق ما تخبرني ؟ قال : نعم والشفق والغسق والفلق إذا [ ص: 120 ] اتسق إن ما أنبأتك به لحق . قال : ثم قدم عليه شق فقال له كقوله لسطيح ، وكتمه ما قال سطيح ; لينظر أيتفقان أم يختلفان ، قال : نعم رأيت حممة خرجت من ظلمة فوقعت بين روضة وأكمة فأكلت منها كل ذات نسمة فلما قال له ذلك عرف أنهما قد اتفقا ، وأن قولهما واحد إلا أن سطيحا قال وقعت بأرض تهمة فأكلت منها كل ذات جمجمة ، وقال شق : وقعت بين روضة وأكمة فأكلت منها كل ذات نسمة فقال له الملك : ما أخطأت يا شق منها شيئا فما عندك في تأويلها ؟ فقال : أحلف بما بين الحرتين من إنسان ، لينزلن أرضكم السودان فليغلبن على كل طفلة البنان ، وليملكن ما بين أبين إلى نجران فقال له الملك : وأبيك يا شق إن هذا لنا لغائظ موجع فمتى هو كائن أفي زماني أم بعده ؟ قال : لا بل بعده بزمان ، ثم يستنقذكم منهم عظيم ذو شان ، ويذيقهم أشد الهوان قال : ومن هذا العظيم الشان ؟ قال : غلام ليس بدني ولا مدن ، يخرج عليهم من بيت ذي يزن قال : أفيدوم سلطانه أم ينقطع ؟ قال : بل ينقطع برسول مرسل يأتي بالحق والعدل ، من أهل الدين والفضل يكون الملك في قومه إلى يوم الفصل قال : وما يوم الفصل ؟ قال : يوم تجزى فيه الولاة يدعى فيه من السماء بدعوات ، يسمع منها الأحياء والأموات ، ويجمع الناس فيه للميقات ، يكون فيه لمن اتقى الفوز والخيرات قال : أحق ما تقول ؟ قال : إي ورب السماء والأرض وما بينهما [ ص: 121 ] من رفع وخفض ، إن ما أنبأتك به لحق ما فيه أمض قال ابن إسحاق : فوقع في نفس ربيعة بن نصر ما قالا فجهز بنيه وأهل بيته إلى العراق ، وكتب لهم إلى ملك من ملوك فارس يقال له : سابور بن خرزاذ فأسكنهم الحيرة قال ابن إسحاق : فمن بقية ولد ربيعة بن نصر : النعمان بن المنذر بن النعمان بن المنذر بن عمرو بن عدي بن ربيعة بن نصر يعني الذي كان نائبا على الحيرة لملوك الأكاسرة وكانت العرب تفد إليه ، وتمتدحه . وهذا الذي قاله محمد بن إسحاق من أن النعمان بن المنذر من سلالة ربيعة بن نصر قاله أكثر الناس ، وقد روى ابن إسحاق أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب لما جيء بسيف النعمان بن المنذر سأل جبير بن مطعم عنه ممن كان ؟ فقال : من أشلاء قنص بن معد بن عدنان قال ابن إسحاق : فالله أعلم أي ذلك كان .