وممن توفي فيها من الأعيان : 
أبو إسحاق إبراهيم بن هلال بن إبراهيم بن زهرون بن حبون 
الحراني   ، الكاتب الصابئ ، صاحب التصانيف والرسائل للخليفة ولعز الدولة بن بويه  ، وكان على دين الصابئة  إلى مماته ، وكان مع هذا يصوم رمضان ويقرأ القرآن من حفظه ، وكان يحفظه حفظا حسنا ، ويستعمل منه في رسائله ، وكانوا يحرصون على أن يسلم ، فلم يفعل ، وله شعر جيد قوي ، وكانت وفاته في شوال من هذه السنة ، وقد جاوز السبعين . وقد رثاه الشريف الرضي  وقال : إنما رثيت فضائله . 
 [ ص: 450 ] عبيد الله بن محمد بن نافع بن مكرم ، أبو العباس البشتي   
الزاهد ، ورث من آبائه أموالا كثيرة ، فأنفقها كلها في وجوه الخير والقربات ، وكان كثير العبادة ، يقال : إنه مكث سبعين سنة لا يستند إلى حائط ولا إلى شيء ، ولا يتكئ على وسادة ، وحج من نيسابور  ماشيا حافيا ، ودخل الشام  وأقام ببيت المقدس  شهورا ، ثم دخل مصر  وبلاد المغرب  ، وحج من هناك ، ثم رجع إلى بلده بشت  ، وكانت له بقية أموال وأملاك ، فتصدق بها ، ولما حضرته الوفاة جعل يتألم ويتوجع ، فقيل له : ما هذا ؟ فقال : أرى بين يدي أمورا هائلة ، ولا أدري كيف أنجو منها . 
وكانت وفاته في المحرم من هذه السنة عن خمس وثمانين سنة ، وليلة موته رأت امرأة أمها بعد وفاتها وعليها ثياب حسان وزينة ، فقالت : يا أمه ، ما هذا ؟ فقالت : نحن في عيد من قدوم عبيد الله الزاهد  علينا ، رحمه الله تعالى . 
علي بن عيسى بن علي بن عبد الله أبو الحسن   
 [ ص: 451 ] النحوي المعروف بالرماني ، روى عن ابن دريد  وكانت له يد طولى في النحو واللغة والمنطق والكلام ، وله تفسير كبير ، وشهد عند ابن معروف  فقبله ، وروى عنه التنوخي  والجوهري    . توفي عن ثمان وثمانين سنة ، ودفن في الشونيزية  عند قبر أبي علي الفارسي    . 
قال ابن خلكان    : والرماني نسبة إلى بيع الرمان ، أو إلى قصر الرمان بواسط . 
محمد بن العباس بن أحمد بن محمد بن الفرات  
أبو الحسن  الكاتب ، المحدث الثقة المأمون  قال  الخطيب البغدادي    : كان ثقة ، كتب الكثير ، وجمع ما لم يجمعه أحد في وقته ، بلغني أنه كتب مائة تفسير ومائة تاريخ ، وخلف ثمانية عشر صندوقا مملوءة كتبا ، أكثرها بخطه سوى ما سرق منه ، وكان خطه في غاية الصحة ، ومع هذا كان له جارية تعارض معه ما يكتبه ، رحمه الله تعالى . 
محمد بن عمران بن موسى بن عبيد الله أبو عبيد الله   
الكاتب المعروف بابن المرزبان ، روى عن البغوي   وابن دريد  وغيرهما ، وكان صاحب   [ ص: 452 ] أخبار وآداب ، وصنف كتبا كثيرة في فنون مستحسنة ، وكان مشايخه وغيرهم يحضرون عنده ، ويبيتون في داره في فرش وأطعمة وغير ذلك ، وكان عضد الدولة إذا مر بداره لا يجتاز حتى يرسل إليه ليخرج فيسلم عليه ، وكان أبو علي الفارسي  ، يقول : هو من محاسن الدنيا ، وقال العتيقي    : كان ثقة ، وقال الأزهري    : ما كان ثقة ، وقال  ابن الجوزي    : لم يكن من الكذابين ، وإنما كان فيه تشيع واعتزال ، ويخلط السماع بالإجازة ، وبلغ ثمانية وثمانين سنة ، رحمه الله تعالى . 
				
						
						
