وهو ما ألقته الجان على ألسنة
الكهان ، ومسموعا من الأوثان هواتف الجان
وقال : حدثنا البخاري يحيى بن سليمان الجعفي حدثني ابن وهب حدثني عمر - هو محمد بن زيد - أن سالما حدثه عن عبد الله بن عمر قال : ما سمعت عمر يقول لشيء قط : إني لأظنه . إلا كان كما يظن ، بينما عمر بن الخطاب جالس إذ مر به رجل جميل فقال : لقد أخطأ ظني ، أو إن هذا على دينه في الجاهلية ، أو لقد كان كاهنهم ، علي الرجل . فدعي به فقال له ذلك فقال : ما رأيت كاليوم استقبل به رجلا مسلما . قال : فإني أعزم عليك إلا ما أخبرتني . قال : كنت كاهنهم في الجاهلية . قال : فما أعجب ما جاءتك به جنيتك ؟ قال : بينما أنا في السوق يوما جاءتني أعرف فيها الفزع فقالت
[ ص: 564 ]
ألم تر الجن وإبلاسها ويأسها من بعد إنكاسها ولحوقها بالقلاص وأحلاسها
وهذا الرجل هو سواد بن قارب الأزدي ، ويقال : السدوسي من أهل السراة من جبال البلقاء له صحبة ، ووفادة قال أبو حاتم ، وابن منده : روى عنه سعيد بن جبير ، وقال وأبو جعفر محمد بن علي ، : له صحبة ، وهكذا ذكره في أسماء الصحابة البخاري أحمد بن روح البرذعي الحافظ وغيرهما ، وقال الحافظ والدارقطني : عبد الغني بن سعيد المصري سواد بن قارب بالتخفيف ، وقال عثمان الوقاصي عن : كان من أشراف محمد بن كعب القرظي أهل اليمن ذكره أبو نعيم في الدلائل ، وقد روي حديثه من وجوه أخر مطولة بأبسط من رواية . البخاري
[ ص: 565 ] وقال محمد بن إسحاق : حدثني من لا أتهم عن عبد الله بن كعب مولى عثمان بن عفان أنه حدث أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، بينما هو جالس في الناس في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إذ أقبل رجل من العرب داخل المسجد يريد عمر بن الخطاب فلما نظر إليه عمر قال : إن الرجل لعلى شركه ما فارقه بعد أو لقد كان كاهنا في الجاهلية . فسلم عليه الرجل ثم جلس فقال له عمر : هل أسلمت ؟ قال : نعم يا أمير المؤمنين قال : فهل كنت كاهنا في الجاهلية ؟ فقال الرجل : سبحان الله يا أمير المؤمنين ، لقد خلت في واستقبلتني بأمر ما أراك قلته لأحد من رعيتك منذ وليت ما وليت . فقال عمر : اللهم غفرا ، قد كنا في الجاهلية على شر من هذا نعبد الأصنام ، ونعتنق الأوثان حتى أكرمنا الله برسوله وبالإسلام . قال : نعم والله يا أمير المؤمنين لقد كنت كاهنا في الجاهلية . قال : فأخبرني ما جاء به صاحبك . قال : جاءني قبل الإسلام بشهر أو شيعه فقال
ألم تر الجن وإبلاسها ويأسها من بعد إنكاسها
ولحوقها بالقلاص وأحلاسها
فقال عمر عند ذلك يحدث الناس : والله إني لعند وثن من أوثان الجاهلية في نفر من قريش ، قد ذبح له رجل من العرب عجلا فنحن ننتظر قسمه أن يقسم لنا منه إذ سمعت من جوف العجل صوتا ما سمعت صوتا قط أشد منه ، وذلك قبل الإسلام بشهر أو شيعه يقول : يا ذريح ، أمر نجيح ، رجل يصيح ، يقول : لا إله إلا الله قال ابن هشام : ويقال : رجل يصيح بلسان فصيح يقول : لا إله إلا الله قال : وأنشدني بعض أهل العلم بالشعر
عجبت للجن وإبلاسها وشدها العيس بأحلاسها
تهوي إلى مكة تبغي الهدى ما مؤمنو الجن كأنجاسها
عجبت للجن وتطلابها وشدها العيس بأقتابها
تهوي إلى مكة تبغي الهدى ما صادق الجن ككذابها
فارحل إلى الصفوة من هاشم ليس قداماها كأذنابها
عجبت للجن وتخيارها وشدها العيس بأكوارها
تهوي إلى مكة تبغي الهدى ما مؤمنو الجن ككفارها
فارحل إلى الصفوة من هاشم بين روابيها وأحجارها
عجبت للجن وتحساسها وشدها العيس بأحلاسها
تهوي إلى مكة تبغي الهدى ما خير الجن كأنجاسها
فارحل إلى الصفوة من هاشم واسم بعينيك إلى رأسها
أتاني نجيي بعد هدء ورقدة ولم يك فيما قد تلوت بكاذب
ثلاث ليال قوله كل ليلة أتاك رسول من لؤي بن غالب
[ ص: 569 ] فشمرت عن ذيلي الأزار ووسطت بي الذعلب الوجناء غبر السباسب
فأشهد أن الله لا شيء غيره وأنك مأمون على كل غالب
وأنك أدنى المرسلين وسيلة إلى الله يا ابن الأكرمين الأطايب
فمرنا بما يأتيك يا خير من مشى وإن كان فيما جاء شيب الذوائب
وكن لي شفيعا يوم لا ذو شفاعة سواك بمغن عن سواد بن قارب
[ ص: 570 ] وقال الحافظ في كتابه الذي جمعه في هواتف الجان : حدثنا أبو بكر محمد بن جعفر بن سهل الخرائطي أبو موسى عمران بن موسى المؤدب حدثنا محمد بن عمران بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى حدثنا سعيد بن عبيد الله الوصافي عن أبيه عن قال : أبي جعفر محمد بن علي دخل سواد بن قارب السدوسي على عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال : نشدتك بالله يا سواد بن قارب ، هل تحسن اليوم من كهانتك شيئا ؟ فقال : سبحان الله يا أمير المؤمنين ما استقبلت أحدا من جلسائك بمثل ما استقبلتني به . قال : سبحان الله يا سواد ما كنا عليه من شركنا أعظم مما كنت عليه من كهانتك والله يا سواد لقد بلغني عنك حديث إنه لعجب من العجب . قال : إي والله يا أمير المؤمنين إنه لعجب من العجب . قال : فحدثنيه قال : كنت كاهنا في الجاهلية فبينا أنا ذات ليلة نائم إذ أتاني نجيي فضربني برجله ، ثم قال : يا سواد اسمع أقل لك . قلت : هات . قال
عجبت للجن وأنجاسها ورحلها العيس بأحلاسها
تهوي إلى مكة تبغي الهدى ما مؤمنوها مثل أرجاسها
فارحل إلى الصفوة من هاشم واسم بعينيك إلى رأسها
[ ص: 571 ]
عجبت للجن وتطلابها وشدها العيس بأقتابها
تهوي إلى مكة تبغي الهدى ما صادق الجن ككذابها
فارحل إلى الصفوة من هاشم ليس المقاديم كأذنابها
عجبت للجن وتنفارها ورحلها العيس بأكوارها
تهوي إلى مكة تبغي الهدى ما مؤمنو الجن ككفارها
فارحل إلى الصفوة من هاشم بين روابيها وأحجارها
[ ص: 572 ]
أتاني نجيي بعد هدء ورقدة ولم يك فيما قد بلوت بكاذب
ثلاث ليال قوله كل ليلة أتاك رسول من لؤي بن غالب
فشمرت عن ذيلي الإزار ووسطت بي الذعلب الوجناء غبر السباسب
وأعلم أن الله لا رب غيره وأنك مأمون على كل غائب
وأنك أدنى المرسلين وسيلة إلى الله يا ابن الأكرمين الأطايب
فمرنا بما يأتيك يا خير مرسل وإن كان فيما جاء شيب الذوائب
[ ص: 573 ] وكن لي شفيعا يوم لا ذو قرابة سواك بمغن عن سواد بن قارب
ورواه الحافظ من طريق ابن عساكر سليمان بن عبد الرحمن عن الحكم بن يعلى بن عطاء المحاربي ، عن عباد بن عبد الصمد عن سعيد بن جبير قال : أخبرني سواد بن قارب الأزدي قال : كنت نائما على جبل من جبال السراة فأتاني آت فضربني برجله ، وذكر القصة أيضا .
ورواه أيضا من طريق محمد بن البراء عن عن أبي بكر بن عياش أبي إسحاق عن البراء قال : قال سواد بن قارب : كنت نازلا بالهند فجاءني رئيي ذات ليلة فذكر القصة ، وقال بعد إنشاد الشعر الأخير فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه ، وقال : أفلحت يا سواد .
وروى من حديث الحافظ أبو نعيم عن عبد الله بن محمد بن عقيل ، قال : إن أول خبر كان جابر بن عبد الله بالمدينة بمبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم; أن بالمدينة كان لها تابع من الجن فجاء في صورة طائر أبيض فوقع على حائط لهم فقالت له : لم لا تنزل إلينا فتحدثنا ونحدثك ، وتخبرنا ونخبرك ؟ فقال لها : إنه قد بعث نبي امرأة بمكة حرم الزنا ، ومنع منا القرار .
وقال الواقدي : حدثني عبد الرحمن بن عبد العزيز عن الزهري عن [ ص: 574 ] علي بن الحسين قال : إن أول خبر قدم المدينة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أن امرأة تدعى فاطمة كان لها تابع فجاءها ذات يوم فقام على الجدار فقالت : ألا تنزل ؟ فقال : لا إنه قد بعث الرسول الذي حرم الزنا .
وأرسله بعض التابعين أيضا ، وسماه بابن لوذان ، وذكر أنه كان قد غاب عنها مدة ، ثم لما قدم عاتبته فقال : إني جئت الرسول فسمعته يحرم الزنا فعليك السلام .
وقال الواقدي : حدثني محمد بن صالح عن قال : عاصم بن عمر بن قتادة قال عثمان بن عفان خرجنا في عير إلى الشام قبل أن يبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما كنا بأفواه الشام ، وبها كاهنة فتعرضتنا فقالت : أتاني صاحبي فوقف على بابي فقلت : ألا تدخل ؟ فقال : لا سبيل إلى ذلك خرج أحمد ، وجاء أمر لا يطاق ، ثم انصرفت فرجعت إلى مكة فوجدت رسول الله صلى الله عليه وسلم قد خرج بمكة يدعو إلى الله عز وجل ، وقال الواقدي : حدثني محمد بن عبد الله عن الزهري قال : كان الوحي يسمع ، فلما كان الإسلام منعوا . وكانت امرأة من بني أسد يقال لها : سعيرة لها تابع من الجن فلما رأى الوحي لا يستطاع ، أتاها فدخل في صدرها فضج في صدرها ، فذهب عقلها ، فجعل يقول من صدرها : وضع العناق ، ومنع الرفاق ، وجاء أمر لا يطاق ، وأحمد حرم الزنا .
[ ص: 575 ] وقال الحافظ أبو بكر الخرائطي : حدثنا عبد الله بن محمد البلوي بمصر حدثنا عمارة بن زيد حدثنا عيسى بن يزيد عن صالح بن كيسان عمن حدثه عن مرداس بن قيس السدوسي قال : حضرت النبي صلى الله عليه وسلم - وقد ذكرت عنده الكهانة ، وما كان من تغييرها عند مخرجه - فقلت : يا رسول الله قد كان عندنا في ذلك شيء أخبرك أن جارية منا يقال لها : الخلصة لم يعلم عليها إلا خيرا ، إذا جاءتنا فقالت : يا معشر دوس ، العجب العجب لما أصابني هل علمتم إلا خيرا ؟ قلنا : وما ذاك ؟ قالت : إني لفي غنمي إذ غشيتني ظلمة ، ووجدت كحس الرجل مع المرأة ، فقد خشيت أن أكون قد حبلت ، حتى إذا دنت ولادتها ، وضعت غلاما أغضف له أذنان كأذني الكلب فمكث فينا حتى إنه ليلعب مع الغلمان إذ وثب وثبة وألقى إزاره ، وصاح بأعلى صوته ، وجعل يقول : يا ويلة يا ويلة ، يا عولة يا عولة ، يا ويل غنم ، يا ويل فهم من قابس النار ، الخيل والله وراء العقبة ، فيهن فتيان حسان نجبة . قال : فركبنا وأخذنا الأداة ، وقلنا : يا ويلك ما ترى ؟ فقال : هل من جارية طامث ؟ فقلنا : ومن لنا بها ؟ فقال شيخ منا : هي والله عندي عفيفة الأم . فقلنا : فعجلها فأتى بالجارية ، وطلع [ ص: 576 ] الجبل ، وقال للجارية : اطرحي ثوبك ، واخرجي في وجوههم ، وقال القوم : اتبعوا أثرها ، وقال لرجل منا يقال له : أحمر بن حابس : يا أحمر بن حابس عليك أول فارس فحمل أحمر فطعن أول فارس فصرعه وانهزموا فغنمناهم قال : فابتنينا عليهم بيتا ، وسميناه ذا الخلصة وكان لا يقول لنا شيئا إلا كان كما يقول حتى إذا كان مبعثك يا رسول الله قال لنا يوما : يا معشر دوس ، نزلت بنو الحارث بن كعب فاركبوا فركبنا فقال لنا : أكدسوا الخيل كدسا ، احشوا القوم رمسا القوهم غدية ، واشربوا الخمر عشية قال : فلقيناهم فهزمونا وغلبونا فرجعنا إليه فقلنا : ما حالك وما الذي صنعت بنا ؟ فنظرنا إليه وقد احمرت عيناه ، وانتصبت أذناه ، وانبرم غضبان حتى كاد أن ينفطر ، وقام فركبنا ، واغتفرنا هذه له ، ومكثنا بعد ذلك حينا ، ثم دعانا فقال : هل لكم في غزوة تهب لكم عزا ، وتجعل لكم حرزا ، ويكون في أيديكم كنزا ؟ فقلنا : ما أحوجنا إلى ذلك فقال : اركبوا فركبنا فقلنا : ما تقول ؟ فقال : بنو الحارث بن [ ص: 577 ] مسلمة ، ثم قال : قفوا فوقفنا .
ثم قال : عليكم بفهم ، ثم قال : ليس لكم فيهم ذم ، عليكم بمضر ، هم أرباب خيل ونعم ، ثم قال : لا رهط دريد بن الصمة ، قليل العدد ، وفي الذمة ، ثم قال : لا ، ولكن عليكم بكعب بن ربيعة ، واشكروها صنيعة عامر بن صعصعة فليكن بهم الوقيعة قال : فلقيناهم فهزمونا ، وفضحونا فرجعنا ، وقلنا : ويلك ماذا تصنع بنا ؟ قال : ما أدري كذبني الذي كان يصدقني اسجنوني في بيتي ثلاثا ، ثم ائتوني ففعلنا به ذلك ، ثم أتيناه بعد ثالثة ففتحنا عنه فإذا هو كأنه جمرة نار فقال : يا معشر دوس حرست السماء ، وخرج خير الأنبياء قلنا : أين ؟ قال : بمكة ، وأنا ميت فادفنوني في رأس جبل فإني سوف أضطرم نارا ، وإن تركتموني كنت عليكم عارا فإذا رأيتم اضطرامي وتلهبي فاقذفوني بثلاثة أحجار ، ثم قولوا مع كل حجر : باسمك اللهم فإني أهدأ وأطفأ ، قال : وإنه مات فاشتعل نارا ففعلنا به ما أمر وقد قذفناه بثلاثة أحجار نقول مع كل حجر : باسمك اللهم فخمد وطفئ ، وأقمنا حتى قدم علينا الحاج فأخبرونا بمبعثك يا رسول الله غريب جدا .
وروى الواقدي عن أبيه عن ابن أبي ذئب عن مسلم بن جندب عن النضر [ ص: 578 ] بن سفيان الهذلي عن أبيه قال : خرجنا في عير لنا إلى الشام فلما كنا بين الزرقاء ، ومعان قد عرسنا من الليل فإذا بفارس يقول وهو بين السماء والأرض : أيها النيام هبوا فليس هذا بحين رقاد ، قد خرج أحمد وطردت الجن كل مطرد ففزعنا ، ونحن رفقة حزاورة ، كلهم قد سمع بهذا فرجعنا إلى أهلنا فإذا هم يذكرون اختلافا بمكة ، بين قريش في نبي قد خرج فيهم من بني عبد المطلب اسمه أحمد . ذكره أبو نعيم .
وقال : حدثنا الخرائطي عبد الله بن محمد البلوي بمصر حدثنا عمارة بن زيد حدثني عبيد الله بن العلاء حدثني يحيى بن عروة عن أبيه أن نفرا من قريش منهم ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى بن قصي وزيد بن عمرو بن نفيل ، وعبيد الله بن جحش بن رئاب ، وعثمان بن الحويرث ، كانوا عند صنم لهم يجتمعون إليه قد اتخذوا ذلك اليوم من كل سنة عيدا كانوا يعظمونه ، وينحرون له الجزور ، ثم يأكلون ويشربون الخمر ، ويعكفون عليه فدخلوا عليه في الليل فرأوه مكبوبا على وجهه فأنكروا ذلك فأخذوه فردوه إلى حاله فلم يلبث أن انقلب انقلابا عنيفا فأخذوه فردوه إلى حاله فانقلب [ ص: 579 ] الثالثة فلما رأوا ذلك اغتموا له ، وأعظموا ذلك ، فقال عثمان بن الحويرث : ما له قد أكثر التنكس ، إن هذا لأمر قد حدث ، وذلك في الليلة التي ولد فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل عثمان يقول
أيا صنم العيد الذي صف حوله صناديد وفد من بعيد ومن قرب
تكوست مغلوبا فما ذاك قل لنا أذاك سفيه أم تكوست للعتب
فإن كان من ذنب أتينا فإننا نبوء بإقرار ونلوي عن الذنب
وإن كنت مغلوبا تكوست صاغرا فما أنت في الأوثان بالسيد الرب
تردى لمولود أنارت بنوره جميع فجاج الأرض في الشرق والغرب
وخرت له الأوثان طرا وأرعدت قلوب ملوك الأرض طرا من الرعب
ونار جميع الفرس باخت وأظلمت وقد بات شاه الفرس في أعظم الكرب
وصدت عن الكهان بالغيب جنها فلا مخبر عنهم بحق ولا كذب
فيال قصي إرجعوا عن ضلالكم وهبوا إلى الإسلام والمنزل الرحب
وقد قال : حدثنا الخرائطي أحمد بن إسحاق بن صالح أبو بكر الوراق حدثنا عمرو بن عثمان حدثني أبي حدثنا عبد الله بن عبد العزيز حدثني محمد بن عبد العزيز عن الزهري عن عبد الرحمن بن أنس السلمي عن العباس بن مرداس أنه كان بغمرة في لقاح له نصف النهار ، إذ طلعت عليه [ ص: 581 ] نعامة بيضاء عليها راكب عليه ثياب بيض مثل اللبن فقال : يا عباس بن مرداس ، ألم تر أن السماء كفت أحراسها ، وأن الحرب تجرعت أنفاسها ، وأن الخيل وضعت أحلاسها ، وأن الذي نزل بالبر والتقوى يوم الاثنين ليلة الثلاثا ، صاحب الناقة القصوا قال : فرجعت مرعوبا قد راعني ما رأيت ، وسمعت حتى جئت وثنا لنا يدعى الضمار ، وكنا نعبده ، ونكلم من جوفه فكنست ما حوله ، ثم تمسحت به وقبلته فإذا صائح من جوفه يقول
قل للقبائل من سليم كلها هلك الضمار وفاز أهل المسجد
هلك الضمار وكان يعبد مرة قبل الكتاب مع النبي محمد
إن الذي ورث النبوة والهدى بعد ابن مريم من قريش مهتد
ورواه الحافظ أبو نعيم في الدلائل من حديث أبي بكر بن أبي [ ص: 582 ] عاصم عن عمرو بن عثمان به ، ثم رواه أيضا من طريق الأصمعي حدثني الوصافي عن عن منصور بن المعتمر قبيصة بن عمرو بن إسحاق الخزاعي عن العباس بن مرداس السلمي قال : أول إسلامي أن مرداسا أبي لما حضرته الوفاة أوصاني بصنم له يقال له : ضمار فجعلته في بيت ، وجعلت آتيه كل يوم مرة فلما ظهر النبي صلى الله عليه وسلم سمعت صوتا مرسلا في جوف الليل راعني فوثبت إلى ضمار مستغيثا ، وإذا بالصوت من جوفه وهو يقول :
قل للقبيلة من سليم كلها هلك الأنيس وعاش أهل المسجد
أودى ضمار وكان يعبد مرة قبل الكتاب إلى النبي محمد
إن الذي ورث النبوة والهدى بعد ابن مريم من قريش مهتد
[ ص: 583 ]
بشر الجن وإبلاسها أن وضعت المطي أحلاسها
وكلأت السماء أحراسها
لعمرك إني يوم أجعل جاهلا ضمارا لرب العالمين مشاركا
وتركي رسول الله والأوس حوله أولئك أنصار له ما أولئكا
كتارك سهل الأرض والحزن يبتغي ليسلك في وعث الأمور المسالكا
فآمنت بالله الذي أنا عبده وخالفت من أمسى يريد المهالكا
ووجهت وجهي نحو مكة قاصدا أبايع نبي الأكرمين المباركا
نبي أتانا بعد عيسى بناطق من الحق فيه الفصل فيه كذلكا
أمين على القرآن أول شافع وأول مبعوث يجيب الملائكا
تلافى عرى الإسلام بعد انتقاضها فأحكمها حتى أقام المناسكا
عنيتك يا خير البرية كلها توسطت في الفرعين والمجد مالكا
[ ص: 584 ] وأنت المصفى من قريش إذا سمت على ضمرها تبقى القرون المباركا
إذا انتسب الحيان كعب ومالك وجدناك محضا والنساء العواركا
يا أيها الناس ذوو الأجسام من بين أشياخ إلى غلام
ما أنتم وطائش الأحلام ومسند الحكم إلى الأصنام
أكلكم في حيرة النيام أم لا ترون ما أرى أمامي
من ساطع يجلو دجى الظلام قد لاح للناظر من تهام
ذاك نبي سيد الأنام قد جاء بعد الكفر بالإسلام
[ ص: 585 ] أكرمه الرحمن من إمام ومن رسول صادق الكلام
أعدل ذي حكم من الأحكام يأمر بالصلاة والصيام
والبر والصلات للأرحام ويزجر الناس عن الآثام
والرجس والأوثان والحرام من هاشم في ذروة السنام
مستعلنا في البلد الحرام
وقال : حدثنا الخرائطي عبد الله البلوي حدثنا عمارة حدثني عبيد الله بن العلاء حدثنا محمد بن عكبر عن سعيد بن جبير أن رجلا من بني تميم يقال له : رافع بن عمير وكان أهدى الناس للطريق ، وأسراهم بليل ، وأهجمهم على هول ، وكانت العرب تسميه لذلك دعموص العرب ، لهدايته وجراءته على السير فذكر عن بدء إسلامه قال : إني لأسير برمل عالج ذات ليلة إذ غلبني النوم فنزلت عن راحلتي وأنختها وتوسدت ذراعها ونمت ، وقد تعوذت قبل نومي فقلت : أعوذ بعظيم هذا الوادي من الجن من أن أؤذى أو أهاج فرأيت في منامي رجلا شابا يرصد ناقتي ، وبيده حربة يريد أن يضعها في نحرها فانتبهت لذلك فزعا فنظرت يمينا وشمالا فلم أر شيئا فقلت : هذا حلم ، ثم عدت فغفوت فرأيت في منامي مثل رؤياي الأولى فانتبهت [ ص: 586 ] فدرت حول ناقتي فلم أر شيئا ، وإذا ناقتي ترعد ، ثم غفوت فرأيت مثل ذلك فانتبهت فرأيت ناقتي تضطرب والتفت فإذا أنا برجل شاب كالذي رأيت في المنام بيده حربة ، ورجل شيخ ممسك بيده يرده عنها وهو يقول
يا مالك بن مهلهل بن دثار مهلا فدى لك مئزري وإزاري
عن ناقة الإنسي لا تعرض لها واختر بها ما شئت من أثواري
ولقد بدا لي منك ما لم أحتسب ألا رعيت قرابتي وذماري
تسمو إليه بحربة مسمومة تبا لفعلك يا أبا الغفار
لولا الحياء وأن أهلك جيرة لعلمت ما كشفت من أخباري
أأردت أن تعلو وتخفض ذكرنا في غير مزرية أبا العيزار
ما كان فيهم سيد فيما مضى إن الخيار همو بنو الأخيار
فاقصد لقصدك يا معكبر إنما كان المجير مهلهل بن دثار
وروى من طريق الخرائطي إبراهيم بن إسماعيل بن حماد بن أبي حبيبة عن عن داود بن الحصين عكرمة عن ابن عباس عن علي قال : إذا كنت بواد تخاف السبع فقل : أعوذ بدانيال والجب من شر الأسد .
وروى البلوي عن عمارة بن زيد عن إبراهيم بن سعد ، عن محمد بن إسحاق حدثني يحيى بن عبد الله بن الحارث عن أبيه عن ابن عباس قصة قتال علي الجن بالبئر ذات العلم التي بالجحفة حين بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم يستقي لهم الماء فأرادوا منعه ، وقطعوا الدلو فنزل إليهم ، وهي قصة مطولة منكرة جدا . والله أعلم .
وقال : حدثني الخرائطي أبو الحارث محمد بن مصعب الدمشقي [ ص: 588 ] وغيره حدثنا حدثنا سليمان بن بنت شرحبيل الدمشقي عبد القدوس بن الحجاج حدثنا عن مجالد بن سعيد الشعبي عن رجل قال : كنت في مجلس عمر بن الخطاب ، وعنده جماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يتذاكرون فضائل القرآن فقال بعضهم : خواتيم سورة النحل ، وقال بعضهم : سورة يس ، وقال علي : فأين أنتم ، عن ؟ أما إنها خمسون كلمة في كل كلمة سبعون بركة . قال : وفي القوم فضيلة آية الكرسي عمرو بن معد يكرب لا يحير جوابا فقال : أين أنتم عن ؟ فقال بسم الله الرحمن الرحيم عمر : حدثنا يا أبا ثور قال : بينا أنا في الجاهلية إذ جهدني الجوع فأقحمت فرسي في البرية ، فما أصبت إلا بيض النعام ، فبينا أنا أسير ، إذا أنا بشيخ عربي في خيمة ، وإلى جانبه جارية كأنها شمس طالعة ، ومعه غنيمات له ، فقلت له : استأسر ثكلتك أمك فرفع رأسه إلي ، وقال : يا فتى إن أردت قرى فانزل ، وإن أردت معونة أعناك ، فقلت له : استأسر فقال
عرضنا عليك النزل منا تكرما فلم ترعوي جهلا كفعل الأشائم
وجئت ببهتان وزور ودون ما تمنيته بالبيض حز الحلاقم
ببسم الله والرحمن فزنا هنالك والرحيم به قهرنا
وما تغني جلادة ذي حفاظ إذا يوما لمعركة برزنا
فأقحمت بفرسي البرية ، فما أصبت إلا بيض النعام ، فأتيته به فوجدته نائما ، وإذا تحت [ ص: 591 ] رأسه شيء كهيئة الخشبة فاستللته ، فإذا هو سيف عرضه شبر في سبعة أشبار فضربت ساقيه ضربة أبنت الساقين مع القدمين فاستوى على فقار ظهره ، وهو يقول : قاتلك الله ما أغدرك يا غدار . قال عمر : ثم ماذا صنعت ؟ قلت : فلم أزل أضربه بسيفي حتى قطعته إربا إربا . قال : فوجم لذلك ، ثم أنشأ يقول :
بالغدر نلت أخا الإسلام عن كثب ما إن سمعت كذا في سالف العرب
والعجم تأنف مما جئته كرما تبا لما جئته في السيد الأرب
إني لأعجب أني نلت قتلته أم كيف جازاك عند الذنب لم تنب
قرم عفا عنك مرات وقد علقت بالجسم منك يداه موضع العطب
لو كنت آخذ في الإسلام ما فعلوا في الجاهلية أهل الشرك والصلب
إذا لنالتك من عدلي مشطبة تدعو لذائقها بالويل والحرب
عين جودي للفارس المغوار ثم جودي بواكفات غزار
[ ص: 592 ] لا تملي البكاء إذ خانك الد هر بواف حقيقة صبار
وتقي وذي وقار وحلم وعديل الفخار يوم الفخار
لهف نفسي على بقائك عمرو أسلمتك الأعمار للأقدار
ولعمري لو لم ترمه بغدر رمت ليثا بصارم بتار
وقال : حدثنا الخرائطي عبد الله بن محمد البلوي حدثنا عمارة بن زيد قال : حدثني عبد الله بن العلاء عن عن أبيه عن جدته هشام بن عروة أسماء بنت أبي بكر قالت : كان زيد بن عمرو بن نفيل وورقة بن نوفل يذكران أنهما أتيا النجاشي بعد رجوع أبرهة من مكة قالا : فلما دخلنا عليه قال لنا : اصدقاني أيها القرشيان هل ولد فيكم مولود أراد أبوه ذبحه فضرب عليه بالقداح فسلم ونحرت عنه إبل كثيرة ؟ قلنا : نعم قال : فهل لكما علم به ما فعل ؟ قلنا : تزوج امرأة يقال لها : آمنة بنت وهب تركها حاملا وخرج قال : فهل تعلمان ولد أم لا ؟ قال ورقة بن نوفل : أخبرك أيها [ ص: 593 ] الملك أني ليلة قد بت عند وثن لنا كنا نطيف به ونعبده إذ سمعت من جوفه هاتفا يقول :
ولد النبي فذلت الأملاك ونأى الضلال وأدبر الإشراك
ثم دخل الأرض فغاب فذهبت أصيح فلم أطق الكلام ، ورمت القيام فلم أطق القيام ، فصرعت القبة بيدي فسمع بذلك أهلي فجاءوني فقلت : احجبوا عني الحبشة فحجبوهم عني ثم أطلق عن لساني ورجلي .
وروى الحافظ في تاريخه في ترجمة أبو القاسم بن عساكر الحارث بن هانئ بن المدلج بن المقداد بن زمل بن عمرو العذري عن أبيه عن جده عن أبيه عن زمل بن عمرو العذري قال : كان لبني عذرة صنم يقال له : حمام . وكانوا يعظمونه وكان في بني هند بن حرام بن ضنة بن عبد بن كثير بن عذرة وكان سادنه رجلا يقال له : طارق وكانوا يعترون عنده فلما ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم سمعنا صوتا يقول : يا بني هند بن حرام ظهر الحق وأودى حمام ، ودفع الشرك الإسلام . قال : ففزعنا لذلك وهالنا فمكثنا أياما ثم سمعنا صوتا وهو يقول : يا طارق يا طارق ، بعث النبي [ ص: 595 ] الصادق ، بوحي ناطق ، صدع صادع بأرض تهامة ، لناصريه السلامة ، ولخاذليه الندامة ، هذا الوداع مني إلى يوم القيامة . قال زمل : فوقع الصنم لوجهه . قال زمل : فابتعت راحلة ، ورحلت حتى أتيت النبي صلى الله عليه وسلم مع نفر من قومي وأنشدته شعرا قلته :
إليك رسول الله أعملت نصها وكلفتها حزنا وقوزا من الرمل
لأنصر خير الناس نصرا مؤزرا وأعقد حبلا من حبالك في حبلي
وأشهد أن الله لا شيء غيره أدين به ما أثقلت قدمي نعلي
وقال أبو نعيم في كتاب دلائل النبوة : حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر حدثنا عبد الرحمن بن الحسن حدثنا علي بن حرب حدثنا أبو المنذر هشام بن محمد بن السائب عن أبيه عن عبد الله العماني قال : كان منا رجل يقال له : مازن بن الغضوبة . يسدن صنما بقرية يقال لها : سمايا من عمان وكانت تعظمه بنو الصامت وبنو حطامة ومهرة وهم أخوال مازن أمه زينب بنت عبد الله بن ربيعة بن حويص أحد بني نمران . قال مازن : فعترنا يوما عند الصنم عتيرة وهي الذبيحة فسمعت صوتا من الصنم يقول : يا مازن ، اسمع تسر ، ظهر خير وبطن شر ، بعث نبي من مضر ، بدين الله الأكبر ، فدع نحيتا من حجر; تسلم من حر سقر ، قال : ففزعت لذلك فزعا شديدا ثم عترنا بعد أيام عتيرة أخرى ، فسمعت صوتا من الصنم يقول : أقبل إلي أقبل ، تسمع ما لا تجهل ، هذا نبي مرسل ، جاء بحق منزل ، فآمن به [ ص: 597 ] كي تعدل ، عن حر نار تشعل ، وقودها الجندل . قال مازن : فقلت : إن هذا لعجب ، وإن هذا لخير يراد بي وقدم علينا رجل من الحجاز فقلت : ما الخبر وراءك ؟ فقال : ظهر رجل يقال له : أحمد يقول لمن أتاه : أجيبوا داعي الله فقلت : هذا نبأ ما سمعت فثرت إلى الصنم فكسرته جذاذا وركبت راحلتي حتى قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فشرح الله صدري للإسلام فأسلمت وقلت :
كسرت باجر أجذاذا وكان لنا ربا نطيف به ضلا بتضلال
بالهاشمي هدانا من ضلالتنا ولم يكن دينه مني على بال
يا راكبا بلغن عمرا وإخوته أني لمن قال ربي باجر قال
إليك رسول الله خبت مطيتي تجوب الفيافي من عمان إلى العرج
لتشفع لي يا خير من وطئ الحصى فيغفر لي ربي فأرجع بالفلج
إلى معشر خالفت في الله دينهم فلا رأيهم رأيي ولا شرجهم شرجي
وكنت امرأ بالخمر والعهر مولعا شبابي حتى آذن الجسم بالنهج
فبدلني بالخمر خوفا وخشية وبالعهر إحصانا فحصن لي فرجي
فأصبحت همي في الجهاد ونيتي فلله ما صومي ولله ما حجي
[ ص: 599 ]
لبغضكم عندنا مر مذاقته وبغضنا عندكم يا قومنا لبن
لا يفطن الدهر إن بثت معائبكم وكلكم حين يثنى عيبنا فطن
شاعرنا مفحم عنكم وشاعركم في حدبنا مبلغ في شتمنا لسن
ما في القلوب عليكم فاعلموا وغر وفي قلوبكم البغضاء والإحن
قبح الله رأيكم آل فهر ما أرق العقول والأفهام
حين تعصي لمن يعيب عليها دين آبائها الحماة الكرام
حالف الجن جن بصرى عليكم ورجال النخيل والآطام
[ ص: 600 ] توشك الخيل أن تروها تهادى تقتل القوم في حرام بهام
هل كريم منكم له نفس حر ماجد الوالدين والأعمام
ضارب ضربة تكون نكالا ورواحا من كربة واغتمام
نحن قتلنا في ثلاث مسعرا إذ سفه الجن وسن المنكرا
قنعته سيفا حساما مشهرا بشتمه نبينا المطهرا
أبا عمرو تناوبني السهود وراح النوم وامتنع الهجود
لذكر عصابة سلفوا وبادوا وكل الخلق قصرهم يبيد
تولوا واردين إلى المنايا حياضا ليس منهلها الورود
مضوا لسبيلهم وبقيت خلفا وحيدا ليس يسعفني وحيد
سدى لا أستطيع علاج أمر إذا ما عالج الطفل الوليد
فلأيا ما بقيت إلى أناس وقد باتت بمهلكها ثمود
وعاد والقرون بذي شعوب سواء كلهم إرم حصيد
لا منام هدأته بنعيم يا ابن غوط ولا صباح أتانا
أبا عمرو تناوبني السهود وراح النوم وانقطع الهجود
وقال أبو نعيم : حدثنا عمر بن محمد بن جعفر حدثنا إبراهيم بن [ ص: 604 ] علي حدثنا النضر بن سلمة حدثنا أبو غزية محمد بن موسى عن العطاف بن خالد الوابصي عن خالد بن سعيد عن أبيه قال : سمعت يقول : كنت تميما الداري بالشام حين بعث النبي صلى الله عليه وسلم فخرجت لبعض حاجتي فأدركني الليل فقلت : أنا في جوار عظيم هذا الوادي الليلة . قال : فلما أخذت مضجعي إذا أنا بمناد ينادي لا أراه : عذ بالله فإن الجن لا تجير أحدا على الله فقلت : ايم الله تقول ؟ فقال : قد خرج رسول الأميين رسول الله وصلينا خلفه بالحجون فأسلمنا واتبعناه وذهب كيد الجن ورميت بالشهب فانطلق إلى محمد رسول رب العالمين فأسلم . قال تميم : فلما أصبحت ذهبت إلى دير أيوب فسألت راهبا وأخبرته الخبر فقال الراهب : قد صدقوك يخرج من الحرم ، ومهاجره الحرم وهو خير الأنبياء فلا تسبق إليه قال تميم : فتكلفت الشخوص حتى جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلمت .
وقال حاتم بن إسماعيل عن عبد الله بن يزيد الهذلي عن عبد الله بن ساعدة الهذلي عن أبيه قال : كنا عند صنمنا سواع ، وقد جلبنا إليه غنما لنا ، مائتي شاة قد أصابها جرب ، فأدنيناها منه لنطلب بركته فسمعت مناديا من جوف الصنم ينادي : قد ذهب كيد الجن ورمينا بالشهب لنبي اسمه أحمد [ ص: 605 ] قال : فقلت : غويت والله . فصرفت وجه غنمي منجدا إلى أهلي فلقيت رجلا فخبرني بظهور النبي صلى الله عليه وسلم . ذكره أبو نعيم هكذا معلقا ثم قال : حدثنا عمر بن محمد بن جعفر حدثنا إبراهيم بن السندي حدثنا النضر بن سلمة حدثنا محمد بن مسلمة المخزومي حدثنا يحيى بن سليمان عن حكيم بن عطاء الظفري - من بني سليم من ولد راشد بن عبد ربه - عن أبيه عن جده عن راشد بن عبد ربه قال : كان الصنم الذي يقال له : سواع بالمعلاة من رهاط تدين له هذيل وبنو ظفر بن سليم فأرسلت بنو ظفر راشد بن عبد ربه بهدية من سليم إلى سواع قال راشد : فألقيت مع الفجر إلى صنم قبل صنم سواع فإذا صارخ يصرخ من جوفه : العجب كل العجب ، من خروج نبي من بني عبد المطلب ، يحرم الزنا والربا والذبح للأصنام وحرست السماء ، ورمينا بالشهب ، العجب كل العجب . ثم هتف صنم آخر من جوفه ترك الضمار وكان يعبد ، خرج أحمد ، يصلي الصلاة ، ويأمر بالزكاة [ ص: 606 ] والصيام ، والبر والصلات للأرحام ثم هتف من جوف صنم آخر هاتف يقول :
إن الذي ورث النبوة والهدى بعد ابن مريم من قريش مهتد
نبي أتى يخبر بما قد سبق وبما يكون من الغد
أرب يبول الثعلبان برأسه لقد ذل من بالت عليه الثعالب
وقال أبو نعيم : حدثنا سليمان بن أحمد حدثنا علي بن إبراهيم الخزاعي الأهوازي حدثنا أبو محمد عبد الله بن داود بن دلهاث بن إسماعيل بن مسرع بن ياسر بن سويد صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثنا أبي عن أبيه دلهاث عن أبيه إسماعيل أن أباه عبد الله حدثه عن أبيه مسرع بن ياسر أن أباه ياسرا حدثه عن عمرو بن مرة الجهني أنه كان يحدث قال : خرجت حاجا في جماعة من قومي في الجاهلية فرأيت [ ص: 608 ] في المنام وأنا بمكة نورا ساطعا من الكعبة حتى أضاء في جبل يثرب وأشعر جهينة فسمعت صوتا في النور وهو يقول : انقشعت الظلماء وسطع الضياء وبعث خاتم الأنبياء ، ثم أضاء إضاءة أخرى حتى نظرت إلى قصور الحيرة وأبيض المدائن ، فسمعت صوتا في النور وهو يقول : ظهر الإسلام وكسرت الأصنام ووصلت الأرحام ، فانتبهت فزعا فقلت لقومي : والله ليحدثن في هذا الحي من قريش حدث ، وأخبرتهم بما رأيت فلما انتهينا إلى بلادنا جاءنا رجل فأخبرنا أن رجلا يقال له : أحمد قد بعث ، فأتيته فأخبرته بما رأيت فقال : يا عمرو بن مرة إني المرسل إلى العباد كافة أدعوهم إلى الإسلام وآمرهم بحقن الدماء وصلة الأرحام وعبادة الله ورفض الأصنام وحج البيت وصيام شهر رمضان شهر من اثني عشر شهرا فمن أجاب فله الجنة ومن عصى فله النار ، فآمن يا عمرو بن مرة يؤمنك الله من نار جهنم . فقلت : أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله آمنت بكل ما جئت به من حلال وحرام ، وإن أرغم ذلك كثيرا من الأقوام . ثم أنشدته أبياتا قلتها حين سمعت به وكان لنا صنم وكان أبي سادنا له ، فقمت إليه فكسرته ثم لحقت النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أقول :
شهدت بأن الله حق وأنني لآلهة الأحجار أول تارك
فشمرت عن ساقي إزار مهاجر إليك أدب الغور بعد الدكادك
[ ص: 609 ] لأصحب خير الناس نفسا ووالدا رسول مليك الناس فوق الحبائك
[ ص: 610 ]
إن ابن مرة قد أتى بمقالة ليست مقالة من يريد صلاحا
إني لأحسب قوله وفعاله يوما وإن طال الزمان رياحا
أتسفه الأشياخ ممن قد مضى من رام ذلك لا أصاب فلاحا
ألم تر أن الله أظهر دينه وبين برهان القران لعامر
كتاب من الرحمن نور لجمعنا وأحلافنا في كل باد وحاضر
إلى خير من يمشي على الأرض كلها وأفضلها عند اعتكار الضرائر
أطعنا رسول الله لما تقطعت بطون الأعادي بالظبا والخواطر
فنحن قبيل قد بني المجد حولنا إذا اجتليت في الحرب هام الأكابر
بنو الحرب نفريها بأيد طويلة وبيض تلألأ في أكف المغاور
ترى حوله الأنصار تحمي أميرهم بسمر العوالي والصفاح البواتر
إذا الحرب دارت عند كل عظيمة ودارت رحاها بالليوث الهواصر
[ ص: 612 ] تبلج منه اللون وازداد وجهه كمثل ضياء البدر بين الزواهر
وقال : أبو عثمان سعيد بن يحيى الأموي في مغازيه : حدثنا عبد الله حدثنا أبو عبد الله حدثنا المجالد بن سعيد والأجلح عن الشعبي حدثني شيخ من جهينة قال : مرض منا رجل مرضا شديدا فثقل حتى حفرنا له قبره ، وهيأنا أمره ، فأغمي عليه ، ثم فتح عينيه وأفاق فقال : أحفرتم لي ؟ قالوا : نعم قال : فما فعل الفصل ؟ وهو ابن عم له قلنا : صالح مر آنفا يسأل عنك . قال : أما إنه يوشك أن يجعل في حفرتي إنه أتاني آت حين أغمي علي فقال : ابك هبل ، أما ترى حفرتك تنتثل ، وأمك قد كادت تثكل ؟ أرأيتك إن حولناها عنك بالمحول ، ثم ملأناها بالجندل ، وقذفنا فيها الفضل ، الذي مضى فأجزأك ، وظن أن لن يفعل ، أتشكر لربك وتصل وتدع دين من أشرك وضل ؟ قال : قلت : نعم . قال : قم قد برئت . قال : فبرئ الرجل ومات الفضل ، فجعل في حفرته . قال الجهني : فرأيت الجهني بعد ذلك يصلي ويسب الأوثان ويقع فيها .
وقال الأموي : حدثنا عبد الله قال : بينما عمر بن الخطاب رضي الله عنه في مجلس يتحدثون عن الجن فقال خريم بن فاتك الأسدي : ألا [ ص: 613 ] أحدثك كيف كان إسلامي ؟ قال : بلى قال : إني يوما في طلب ذود لي ، أنا منها على أثر ، تنصب وتصعد ، حتى إذا كنت بأبرق العراق ، أنخت راحلتي وقلت : أعوذ بعظيم هذه البلدة ، أعوذ برئيس هذا الوادي . فإذا بهاتف يهتف بي
ويحك عذ بالله ذي الجلال والمجد والنعماء والإفضال
ثم اتل آيات من الأنفال ووحد الله ولا تبالي
يا أيها الهاتف ما تقول أرشد عندك أم تضليل
بين هداك الله ما الحويل
هذا رسول الله ذو الخيرات بيثرب يدعو إلى النجاة
يأمر بالبر وبالصلاة ويزع الناس عن الهنات
أرشدني أرشدني هديتا لا جعت ما عشت ولا عريتا
ولا برحت سيدا مقيتا لا تؤثر الخير الذي أتيتا
صاحبك الله وأدى رحلكا وعظم الأجر وعافى نفسكا
آمن به أفلج ربي حقكا وانصره أعز ربي نصركا
قال : قلت : من أنت عافاك الله حتى أخبره إذا قدمت عليه ؟ فقال : أنا مالك بن مالك وأنا نقيبه على جن نصيبين ، وكفيت إبلك حتى أضمها إلى أهلك إن شاء الله . قال : فخرجت حتى أتيت المدينة يوم الجمعة والناس أرسال إلى المسجد ، والنبي صلى الله عليه وسلم على المنبر كأنه البدر يخطب الناس فقلت : أنيخ على باب المسجد حتى يصلي ، وأدخل عليه فأسلم وأخبره عن إسلامي . فلما أنخت خرج إليأبو ذر فقال : مرحبا وأهلا وسهلا قد بلغنا إسلامك فادخل فصل . ففعلت ثم جئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرني بإسلامي فقلت : الحمد لله . قال : أما إن صاحبك قد وفى لك وهو أهل ذلك وأدى إبلك إلى أهلك .
وقد رواه في ترجمة الطبراني خريم بن فاتك من معجمه الكبير [ ص: 615 ] قائلا : حدثنا الحسين بن إسحاق اليسيري حدثنا محمد بن إبراهيم الشامي حدثنا عبد الله بن موسى الإسكندري حدثنا محمد بن إسحاق عن عن سعيد بن أبي سعيد المقبري قال : أبي هريرة خريم بن فاتك لعمر بن الخطاب : يا أمير المؤمنين ألا أخبرك كيف كان بدء إسلامي ؟ قال : بلى . فذكره غير أنه قال : فخرج إلي أبو بكر الصديق فقال : ادخل فقد بلغنا إسلامك . فقلت : لا أحسن الطهور فعلمني فدخلت المسجد فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنه البدر ، وهو يقول : ما من مسلم توضأ فأحسن الوضوء ثم صلى صلاة يحفظها ويعقلها إلا دخل الجنة . فقال لي عمر : لتأتيني على هذا ببينة أو لأنكلن بك ، فشهد لي شيخ قريش عثمان بن عفان فأجاز شهادته . ثم رواه عن قال محمد بن عثمان بن أبي شيبة عن محمد بن تسنيم عن محمد بن خليفة عن الحسن بن محمد عن أبيه قال : قال عمر بن الخطاب لخريم بن فاتك : حدثني بحديث يعجبني . فذكر مثل السياق الأول سواء .
وقال أبو نعيم : حدثنا سليمان بن أحمد حدثنا أبو عبد الملك أحمد بن إبراهيم القرشي الدمشقي حدثنا حدثنا سليمان بن عبد الرحمن بن بنت شرحبيل إسماعيل بن عياش عن يحيى بن أبي عمرو الشيباني عن عبد الله بن [ ص: 616 ] الديلمي قال : أتى رجل ابن عباس فقال : بلغنا أنك تذكر سطيحا تزعم أن الله خلقه لم يخلق من بني آدم شيئا يشبهه ؟ قال : قال : نعم إن الله خلق سطيحا الغساني لحما على وضم ولم يكن فيه عظم ولا عصب إلا الجمجمة والكفان وكان يطوى من رجليه إلى ترقوته كما يطوى الثوب ولم يكن فيه شيء يتحرك إلا لسانه فلما أراد الخروج إلى مكة حمل على وضمه فأتي به مكة ، فخرج إليه أربعة من قريش عبد شمس وهاشم ابنا عبد مناف بن قصي والأحوص بن فهر وعقيل بن أبي وقاص فانتموا إلى غير نسبهم .
وقالوا : نحن أناس من جمح أتيناك ، بلغنا قدومك فرأينا أن إتياننا إياك حق لك واجب علينا وأهدى إليه عقيل صفيحة هندية وصعدة ردينية فوضعت على باب البيت الحرام لينظروا أهل يراها سطيح أم لا . فقال : يا عقيل ناولني يدك فناوله يده فقال : يا عقيل والعالم الخفية ، والغافر الخطية ، والذمة الوفية ، والكعبة المبنية ، إنك لجاء بالهدية ، الصفيحة الهندية ، والصعدة الردينية . قالوا : صدقت يا سطيح فقال : والآتي بالفرح ، وقوس قزح ، وسائر الفرح ، واللطيم المنبطح ، والنخل والرطب والبلح ، إن الغراب حيث مر سنح ، فأخبر أن القوم ليسوا من جمح ، وأن نسبهم من قريش [ ص: 617 ] ذي البطح ، قالوا : صدقت يا سطيح ، نحن أهل البيت الحرام أتيناك لنزورك ; لما بلغنا من علمك فأخبرنا عما يكون في زماننا هذا وما يكون بعده فلعل أن يكون عندك في ذلك علم .
قال : الآن صدقتم خذوا مني ومن إلهام الله إياي أنتم يا معشر العرب في زمان الهرم ، سواء بصائركم وبصائر العجم ، لا علم عندكم ولا فهم ، وينشأ من عقبكم ذوو فهم يطلبون أنواع العلم ، فيكسرون الصنم ويبلغون الردم ويقتلون العجم يطلبون الغنم . قالوا : يا سطيح فمن يكون أولئك ؟ فقال لهم : والبيت ذي الأركان ، والأمن والسكان ، لينشؤن من عقبكم ولدان يكسرون الأوثان ، وينكرون عبادة الشيطان ، ويوحدون الرحمن ، وينشرون دين الديان ، يشرفون البنيان ، ويستفتون الفتيان . قالوا : يا سطيح من نسل من يكون أولئك ؟ قال : وأشرف الأشراف والمفضي للإسراف والمزعزع الأحقاف والمضعف الأضعاف لينشؤن الآلاف من عبد شمس وعبد مناف نشوءا يكون فيه اختلاف ، قالوا : يا سوءتاه يا سطيح فما تخبرنا من العلم بأمرهم ومن [ ص: 618 ] أي بلد يخرج أولئك ؟
فقال : والباقي الأبد ، والبالغ الأمد ، ليخرجن من ذا البلد ، فتى يهدي إلى الرشد ، يرفض يغوث والفند ، يبرأ من عبادة الضدد ، يعبد ربا انفرد ، ثم يتوفاه الله محمودا ، من الأرض مفقودا ، وفي السماء مشهودا ، ثم يلي أمره الصديق ، إذا قضى صدق ، وفي رد الحقوق لا خرق ولا نزق ، ثم يلي أمره الحنيف ، مجرب غطريف ، ويترك قول العنيف ، قد ضاف المضيف ، وأحكم التحنيف ، ثم يلي أمره داعيا لأمره مجربا ، فيجتمع له جموعا وعصبا ، فيقتلونه نقمة عليه وغضبا ، فيؤخذ الشيخ فيذبح إربا ، فيقوم به رجال خطباء ، ثم يلي أمره الناصر ، يخلط الرأي برأي الناكر ، يظهر في الأرض العساكر ، ثم يلي بعده ابنه يأخذ جمعه ، ويقل حمده ، ويأخذ المال ، ويأكل وحده ويكثر المال لعقبه من بعده ثم يلي من بعده عدة ملوك ، لا شك الدم فيهم مسفوك ، ثم يلي من بعدهم الصعلوك ، [ ص: 619 ] يطويهم كطي الدرنوك ، ثم يلي من بعده عظهور يقصي الخلق ويدني مضر ، يفتتح الأرض افتتاحا منكرا ، ثم يلي قصير القامة ، بظهره علامة ، يموت موتا وسلامة ، ثم يلي قليلا باكر ، يترك الملك بائر ، ثم يلي أخوه بسنته سابر ، يختص بالأموال والمنابر ، ثم يلي من بعده أهوج ، صاحب دنيا ونعيم مخلج ، يتشاوره معاشره وذووه ، ينهضون إليه يخلعونه بأخذ الملك ويقتلونه ، ثم يلي أمره من بعده السابع ، يترك الملك محلا ضائع ، بنوه في ملكه كالمشوه جائع ، عند ذلك يطمع في الملك كل عريان ، ويلي أمره اللهفان ، يرضي نزارا جمع قحطان ، إذا التقيا بدمشق جمعان ، بين بنيان ولبنان ، يصنف اليمن يومئذ صنفان ، صنف المسرة وصنف المخذول لا ترى إلا حباء محلول ، وأسيرا مغلول ، بين القراب [ ص: 620 ] والخيول ، عند ذلك تخرب المنازل ، وتسلب الأرامل ، وتسقط الحوامل ، وتظهر الزلازل ، وتطلب الخلافة وائل ، فتغضب نزار ، فتدني العبيد والأشرار ، وتقصي الأمثال والأخيار ، وتغلو الأسعار ، في صفر الأصفار ، يغل كل جبار منه ، ثم يسيرون إلى خنادق وإنها ذات أشعار وأشجار ، تصد له الأنهار ، ويهزمهم أول النهار ، تظهر الأخيار ، فلا ينفعهم نوم ولا قرار ، حتى يدخل مصرا من الأمصار ، فيدركه القضاء والأقدار .
ثم يجيء الرماة ، تلف مشاة ، لقتل الكماة ، وأسر الحماة ، ومهلك الغواة ، هنالك يدرك في أعلى المياه ، ثم يبور الدين وتقلب الأمور ، وتكفر الزبور ، وتقطع الجسور ، فلا يفلت إلا من كان في جزائر البحور ، ثم تبور الحبوب ، وتظهر الأعاريب ، ليس فيهم معيب ، على أهل الفسوق والريب ، في زمان عصيب ، لو كان للقوم حياء وما تغني المنى . قالوا : ثم ماذا يا سطيح ؟ قال : ثم يظهر رجل من أهل اليمن ، كالشطن ، يذهب الله على رأسه الفتن .
وهذا أثر غريب كتبناه لغرابته وما تضمن من الفتن والملاحم وقد تقدم قصة شق وسطيح مع ربيعة بن نصر ملك اليمن وكيف بشرا بوجود رسول [ ص: 621 ] الله صلى الله عليه وسلم ، وكذلك تقدم قصة سطيح مع ابن أخته عبد المسيح حين أرسله ملك بني ساسان لارتجاس الإيوان وخمود النيران ورؤيا الموبذان وذلك ليلة مولد الذي نسخ بشريعته سائر الأديان .