وممن توفي فيها من الأعيان : 
أحمد بن مروان ، أبو نصر الكردي   
صاحب بلاد بكر  وميافارقين  ، لقبه  القادر بالله  نصر الدولة  ، ملك هذه البلاد ثنتين وخمسين سنة ، وتنعم تنعما لم يقع لأحد من أهل زمانه ، ولا أدركه فيه أحد من بعده ، وكان عنده خمسمائة سرية سوى من يخدمهن ، وعنده خمسمائة خادم ، وعنده من المغنيات شيء كثير ، كل واحدة مشتراها خمسة آلاف دينار وأكثر ، وكان يحضر في مجلسه من الآلات والأواني ما يساوي مائتي ألف دينار ، وتزوج بعدة من بنات الملوك ، وكان كثير المهادنة للملوك ، إذا قصده عدو أرسل إليه بمقدار ما يغرمه على حربه ويصالحه بذلك ، فيرجع عنه . 
وقد أرسل إلى الملك طغرلبك  بهدية عظيمة حين ملك العراق  ، من ذلك جبل من ياقوت كان لبني بويه  ، اشتراه بمقدار عظيم ، وبعث إليه بمائة ألف دينار عينا ، وغير ذلك . ووزر له أبو القاسم المغربي  مرتين ، ووزر له أيضا أبو نصر محمد بن محمد بن جهير  ، فخر الملك ، وكانت بلاده من آمن البلاد ، وأطيبها وأكثرها عدلا . وقد بلغه أن الطيور تنجع في الشتاء في الجبال إلى   [ ص: 784 ] القرى ، فيصطادها الناس ، فأمر بفتح الأهراء وإلقاء ما يكفيها من الغلات في مدة الشتاء ، فكانت تكون في ضيافته طول عمره . وكانت وفاته في هذه السنة ، وقد قارب الثمانين أو جاوزها . 
قال ابن خلكان    : قال ابن الأزرق  في " تاريخه " : إنه لم يصادر أحدا من رعيته سوى رجل واحد ، ولم تفته صلاة مع كثرة مباشرته للذات ، وكانت له ثلاثمائة وستون حظية ، يبيت عند كل واحدة ليلة من السنة ، وخلف أولادا كثيرة ، ولم يزل على ذلك الحال إلى أن توفي في التاسع والعشرين من شوال من هذه السنة ، رحمه الله تعالى . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					