[ ص: 250 ] ثم دخلت سنة خمس عشرة وخمسمائة 
فيها أقطع السلطان محمود  الأمير إيلغازي  مدينة ميافارقين   فبقيت في يد أولاده إلى أن أخذها  صلاح الدين يوسف بن أيوب  في سنة ثمانين . 
وفيها أقطع أيضا آق سنقر البرسقي  مدينة الموصل  وأمره بقتال الفرنج    . 
وفيها حاصر بلك بن بهرام    - وهو ابن أخي إيلغازي    - مدينة الرها ،  فأسر ملكها جوسلين الفرنجي  وجماعة من رءوس أصحابه وسجنهم بقلعة خرتبرت    . 
وفيها هبت ريح سوداء ، فاستمرت ثلاثة أيام ، فأهلكت خلقا كثيرا من الناس والدواب والأنعام . 
وفيها كانت زلزلة عظيمة بالحجاز ،  فتضعضع بسببها الركن اليماني ، وتهدم بعضه ، وتهدم شيء من حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة النبوية    . 
 [ ص: 251 ] وفيها ظهر رجل علوي بمكة  ، كان قد اشتغل بالنظامية في الفقه وغيره ، أمر بالمعروف ونهى عن المنكر فاتبعه ناس كثير ، فنفاه صاحبها ابن أبي هاشم  إلى البحرين    . 
وفيها احترقت دار السلطان بأصبهان ،  فلم يبق فيها شيء من الأثاث والفراش والجواهر والذهب والفضة سوى الياقوت الأحمر ، فإنا لله وإنا إليه راجعون . 
وقبل ذلك بأسبوع احترق جامع أصبهان  أيضا ، وكان جامعا عظيما فيه أخشاب تساوي ألف ألف دينار ، وفي جملة ما احترق فيه خمسمائة مصحف ; من جملتها مصحف بخط أبي بن كعب  ، فإنا لله وإنا إليه راجعون . 
وفي شعبان منها جلس  الخليفة المسترشد  في دار الخلافة في أبهة الخلافة ; البردة على كتفيه والقضيب بين يديه وجاء الأخوان الملكان محمود  ومسعود  فوقفا بين يديه ، وقبلا الأرض ، فخلع على محمود  سبع خلع وطوقا وسوارين وتاجا ، وأجلس على كرسي ، ووعظه الخليفة وتلا عليه قوله تعالى فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره    [ الزلزلة : 7 ، 8 ] وأمره بالإحسان إلى الرعايا ، وعقد له الخليفة لواءين بيده ، وقلده الملك ، وخرجا من بين يديه مطاعين معظمين ، والجيش بين أيديهما إلى دارهما في أبهة عظيمة جدا . 
وحج بالناس نظر الخادم    . 
وقد توفي فيها : 
ابن القطاع اللغوي أبو القاسم علي بن جعفر بن علي بن عبد الله بن الحسين  بن أحمد بن محمد بن زيادة الله بن محمد بن   [ ص: 252 ] الأغلب السعدي  الصقلي ثم المصري اللغوي ، مصنف كتاب " الأفعال " الذي برز فيه على ابن القوطية  وله مصنفات كثيرة ، وقد قدم مصر  في حدود سنة خمسمائة لما أشرفت الفرنج  على أخذ صقلية ،  فأكرمه المصريون  ، وبالغوا في إكرامه وكان ينسب إلى التساهل في الرواية ، وله شعر جيد قوي ، أورد له القاضي ابن خلكان  منه قطعة جيدة ، وقد جاوز الثمانين . 
				
						
						
