الأمير الكبير فلك الدين ، أبو منصور سليمان بن شروة بن خلدك أخو الملك العادل لأمه .
وكانت وفاته في التاسع والعشرين من المحرم ، ودفن [ ص: 724 ] بداره التي جعلها مدرسة داخل باب الفراديس في محلة الأفتريس ، وأوقف عليها الجمان بكمالها ؛ تقبل الله منه .
القاضي الضياء الشهرزوري
أبو الفضائل ، القاسم بن يحيى بن عبد الله بن القاسم الشهرزوري الموصلي ، قاضي القضاة ببغداد ، وهو ابن أخي قاضي القضاة بدمشق كمال الدين الشهرزوري أيام نور الدين ، ولما توفي سنة ست وسبعين في أيام الدولة الصلاحية أوصى لولد أخيه هذا بالقضاء فوليه ، ثم عزل عنه وعوض بالسفارة إلى الملوك ، ثم تولى قضاء بلدة بابن أبي عصرون ، الموصل ، ثم استدعي إلى بغداد فوليها سنتين وأربعة أشهر ، ثم استقاله فلم يقله الخليفة لحظوته عنده ، فاستشفع بزوجته ست الملوك على أم الخليفة ، وكانت لها مكانة عندها ، فأجيب إلى ذلك ، فصار إلى قضاء حماة لمحبته إياها ، وكان يعاب عليه ذلك ، وكانت لديه فضائل ، وله أشعار رائقة ، وكانت وفاته بحماة في المنتصف من رجب ؛ رحمه الله .
عبيد الله بن علي بن نصر بن حمزة
أبو بكر البغدادي المعروف بابن المرستانية ، أحد الفضلاء المشهورين ، سمع الحديث وجمعه ، وكان طبيبا منجما يعرف علوم الأوائل وأيام الناس ، وصنف ديوان الإسلام في تاريخ دار السلام ، [ ص: 725 ] ورتبه على ثلاثمائة وستين كتابا إلا أنه لم يشتهر ، وجمع سيرة ابن هبيرة وقد كان يزعم أنه من سلالة الصديق ، فتكلموا فيه بسبب ذلك . وأنشد بعضهم :
دع الأنساب لا تعرض لتيم فإن الهجن من ولد الصميم لقد أصبحت من تيم دعيا
كدعوى حيص بيص إلى تميم
ابن النجا الواعظ
علي بن إبراهيم بن نجا ، زين الدين أبو الحسن الدمشقي ، الواعظ الحنبلي ، وسبط الشيخ أبي الفرج الشيرازي الحنبلي . قدم بغداد فتفقه بها ، وسمع الحديث ، ثم رجع إلى بلده ، ثم عاد إليها رسولا من جهة نور الدين في سنة أربع وستين ، وحدث بها ، ثم كانت له حظوة عند الملك الناصر صلاح الدين ، وهو الذي نم على عمارة اليمني وذويه فصلبوا ، وكانت له مكانة بمصر ، وقد تكلم يوم الجمعة التي خطب فيها بالقدس الشريف بعد الفراغ من الجمعة ، وكان وقتا مشهودا ، وكان يعيش عيشا أطيب من عيش الملوك في الأطعمة والملابس ، وكان عنده عشرون سرية ، كل واحدة بألف دينار ، وبعد هذا كله مات فقيرا لم يخلف كفنا ، وقد أنشد وهو على منبره للوزير شعرا فقال : طلائع بن رزيك
مشيبك قد قضى صبغ الشباب وحل الباز في وكر الغراب
[ ص: 726 ] تنام ومقلة الحدثان يقظى وما ناب النوائب عنك ناب
وكيف بقاء عمرك وهو كنز وقد أنفقت منه بلا حساب
الشيخ أبو البركات
محمد بن أحمد بن سعيد التكريتي يعرف بالمؤيد ، كان أديبا شاعرا ، ومما نظمه في الوجيه النحوي - حين كان حنبليا ، فانتقل حنفيا ، ثم صار شافعيا - في حلقة النحو بالنظامية :
ألا مبلغ عني الوجيه رسالة وإن كان لا تجدي لديه الرسائل
تمذهبت للنعمان بعد ابن حنبل وذلك لما أعوزتك المآكل
وما اخترت رأي تدينا ولكنما تهوى الذي هو حاصل الشافعي
وعما قليل أنت لا شك صائر إلى مالك فافطن لما أنت قائل
الست الجليلية المصونة زمرد خاتون
، أم الخليفة الناصر لدين الله بن المستضيء كانت صالحة عابدة كثيرة البر والصلات والأوقاف [ ص: 727 ] والصدقات ، عمرت المصانع بطريق الحجاز الشريف ، وأصلحت الطرقات ، وبنت لها تربة إلى جانب قبر معروف الكرخي ، وكانت جنازتها مشهودة جدا ، واستمر العزاء بسببها شهرا ، عاشت في خلافة ولدها أربعا وعشرين سنة نافذة الكلمة مطاعة الأوامر .
وفي هذه السنة كان مولد الشيخ شهاب - الدين أبي شامة ، وقد ترجم نفسه عند ذكر مولده في هذه السنة في " الذيل " ترجمة مطولة ، فينقل إلى سنة وفاته ؛ رحمه الله ، وذكر بدء أمره واشتغاله ، ومصنفاته وشيئا كثيرا من أشعاره ، وما رئي له من المنامات المبشرة . وفي هذه السنة كان ابتداء ملك ملك جنكزخان التتار - لعنه الله - هو صاحب الياسق ، وضعها ليتحاكم إليها وجنكزخان التتار ومن اتبعهم من أمراء الترك - ممن يبتغي حكم الجاهلية - وهو والد تولي ، وجد هولاكو بن تولي - الذي قتل الخليفة المستعصم وأهل بغداد في سنة ست وخمسين وستمائة ، كما سيأتي بيانه .