[ ص: 127 ] ثم دخلت سنة إحدى وعشرين وستمائة  
فيها وصلت سرية من جهة جنكزخان  غير الأولتين إلى الري  ، وكانت قد عمرت قليلا ، فقتلوا أهلها أيضا ، ثم ساروا إلى ساوه ،  ثم إلى قم  وقاشان ،  ولم تكونا طرقتا إلا هذه المرة ، ففعلوا بها مثل ما تقدم من القتل والسبي ، ثم ساروا إلى همذان  ، فقتلوا أيضا وسبوا ، ثم ساروا خلف الخوارزمية  إلى أذربيجان  ، فكبسوهم وقتلوا منهم خلقا كثيرا ، فهربوا منهم إلى تبريز  ، فلحقوهم وكتبوا إلى ابن البهلوان    : إن كنت مصالحا لنا ، فابعث لنا بالخوارزمية ،  وإلا فأنت مثلهم . فقتل منهم خلقا ، وأرسل برءوسهم إليهم ، مع تحف وهدايا كثيرة ، هذا كله وإنما كانت هذه السرية ثلاثة آلاف ، والخوارزمية  وأصحاب البهلوان  أضعاف أضعافهم ، ولكن الله تعالى ألقى عليهم الخذلان والفشل ، فإنا لله وإنا إليه راجعون . 
وفيها ملك غياث الدين بن خوارزم شاه  بلاد فارس  مع ما في يده من   [ ص: 128 ] مملكة أصفهان  وهمذان    . 
وفيها استعاد الملك الأشرف  مدينة خلاط  من أخيه شهاب الدين غازي ،  وكان قد جعلها إليه مع جميع بلاد أرمينية  وميافارقين  وحاني  وجبل جور ،  وجعله ولي عهده من بعده ، فلما عصى عليه وتشعب دماغه بما كتب إليه المعظم  من تحسينه له مخالفته ، فركب إليه وحاصره بخلاط ،  فسلمت إليه ، وامتنع أخوه في القلعة ، فلما كان الليل نزل إلى أخيه معتذرا ، فقبل عذره ولم يعاقبه ، بل أقره على ميافارقين  وحدها ، وكان صاحب إربل  والمعظم  متفقين مع الشهاب غازي  على الأشرف ،  فكتب الكامل  إلى المعظم  يتهدده ، لئن ساعد على الأشرف  ليأخذن بلاده . وكان  بدر الدين لؤلؤ  صاحب الموصل  مع الأشرف ،  فركب إليه صاحب إربل ،  فحاصره بسبب قلة جنده; لأنه أرسلهم إلى الأشرف  حين نازل خلاط  ، فلما انفصلت الأمور على ما ذكرنا ندم صاحب إربل  والمعظم  بدمشق  أيضا . 
وفيها أرسل المعظم  ولده الناصر داود  إلى صاحب إربل  تقوية على مخالفة الأشرف ،   وأرسل صوفيا من السميساطية يقال له : الملق  إلى جلال الدين بن خوارزم شاه    - وكان قد أخذ أذربيجان  في هذه السنة ، وقوي جأشه - يتفق معه   [ ص: 129 ] على أخيه الأشرف ،  فوعده النصر والرفادة . 
وفيها قدم الملك مسعود أقسيس  ملك اليمن  على أبيه الكامل بالديار المصرية ،  ومعه شيء كثير من الهدايا والتحف ، من ذلك مائتا خادم وثلاثة أفيلة هائلة ، وأحمال عود وند ومسك وعنبر ، وخرج أبوه الكامل  لتلقيه ، ومن نية أقسيس  أن ينزع الشام  من يد عمه المعظم    . 
وفيها كمل عمارة دار الحديث الكاملية بمصر ،  وولي مشيختها الحافظ أبو الخطاب بن دحية الكلبي ،  وكان مكثارا ، كثير الفنون ، وعنده فوائد وعجائب ، رحمه الله تعالى . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					