وممن توفي فيها    : قاضي القضاة جلال الدين محمد بن عبد الرحمن القزويني  الشافعي ، قدم هو وأخوه أيام التتر من بلادهم إلى دمشق    - وهما فاضلان - بعد التسعين وستمائة ، فدرس إمام الدين  في تربة أم الصالح  ، وأعاد جلال الدين  بالبادرائية  عند الشيخ برهان الدين ابن الشيخ تاج الدين  شيخ الشافعية ، ثم تنقلت بهما الأحوال إلى أن ولي إمام الدين  قضاء الشافعية بدمشق    ; انتزع له من يد القاضي بدر الدين بن جماعة ،  ثم هرب سنة قازان  إلى الديار المصرية مع الناس فمات هنالك ، وأعيد ابن جماعة  إلى القضاء ، وخلت خطابة البلد سنة ثلاث وسبعمائة ، فوليها جلال الدين  المذكور ، ثم ولي القضاء بدمشق  سنة خمس وعشرين مع الخطابة ، ثم انتقل إلى الديار المصرية سنة سبع وعشرين ، بعد   [ ص: 412 ] أن عجز قاضي القضاة بدر الدين بن جماعة  بسبب الضرر في عينيه ، فلما كان في سنة ثمان وثلاثين تغضب عليه السلطان الملك الناصر  بسبب أمور يطول شرحها ، ونفاه إلى الشام  ، واتفق موت قاضي القضاة شهاب الدين بن المجد عبد الله ،  كما تقدم ، فولاه السلطان قضاء الشام  عودا على بدء ، فاستناب ولده بدر الدين  على نيابة القضاء ، الذي هو خطيب دمشق  ، ثم كانت وفاته في أوائل هذه السنة ، ودفن بالصوفية ،  وكانت له يد طولى في المعاني والبيان ، ويفتي كثيرا ، وله مصنفات في المعاني ، ومصنف مشهور اختصر فيه " المفتاح " للسكاكي ،  وكان مجموع الفضائل ، مات وكان عمره قريبا من السبعين أو جاوزها . 
وممن توفي فيها رابع الحجة يوم الأحد : الشيخ الإمام العالم الحافظ علم الدين أبو محمد القاسم بن محمد بن البرزالي ،  مؤرخ الشام  الشافعي  ، ولد سنة وفاة الشيخ أبي شامة  سنة خمس وستين وستمائة ، وقد كتب تاريخا ذيل به على الشيخ شهاب الدين ،  من حين وفاته ومولد البرزالي ،  إلى أن توفي في هذه السنة وهو محرم ، فغسل وكفن ، ولم تستر رأسه ، وحمله الناس على نعشه وهم يلبون حوله ، وكان يوما   [ ص: 413 ] مشهودا ، سمع الكثير من أزيد من ألف شيخ ، وخرج له المحدث شمس الدين بن سعد  مشيخة لم يكملها ، وقرأ شيئا كثيرا ، وأسمع شيئا كثيرا ، وكان له خط حسن ، وخلق حسن ، وهو مشكور عند القضاة ومشايخ أهل العلم ، سمعت العلامة ابن تيمية  يقول : نقل البرزالي  نقر في حجر . وكان أصحابه من كل الطوائف يحبونه ويكرمونه ، وكان له أولاد ماتوا قبله ، وكتبت ابنته فاطمة    " البخاري " في ثلاثة عشر مجلدا ، فقابله لها ، وكان يقرأ فيه على الحافظ المزي  تحت القبة ، حتى صارت نسختها أصلا معتمدا يكتب منها الناس ، وكان شيخ حديث بالنورية - وفيها وقف كتبه - وبدار الحديث النفيسية ، وبدار الحديث القوصية ، وكان قارئ الحديث بدار الحديث الأشرفية على المزي ،  ومن قبله كابن الشريشي ،  وكان يعيد في الجامع وغيره وعلى كراسي الحديث ، وكان متواضعا محببا إلى الناس ، متوددا إليهم . توفي عن أربع وسبعين سنة ، رحمه الله . 
المؤرخ شمس الدين محمد بن إبراهيم الجزري ،  جمع تاريخا حافلا كتب فيه أشياء يستفيد منها الحافظ; كالمزي ،  والذهبي ،  والبرزالي ،  يكتبون عنه ويعتمدون على نقله ، وكان شيخا قد جاوز الثمانين وثقل سمعه وضعف خطه ، وهو والد الشيخ ناصر الدين محمد  وأخوه مجد الدين    . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					