ذكر أمر غريب جدا 
لما ذهبت لتهنئة الأمير ناصر الدين بن الأقوش  بنيابة بعلبك  وجدت هنالك   [ ص: 556 ] شابا ، فذكر لي من حضر أن هذا هو الذي كان أنثى ثم ظهر له ذكر ، وقد كان أمره اشتهر ببلاد طرابلس  ، وشاع بين الناس بدمشق  وغيرها ، وتحدث الناس به ، فلما رأيته وعليه قبعة تركية استدعيته إلي ، وسألته بحضرة من حضر ، فقلت له : كيف كان أمرك ؟ فاستحيى وعلاه خجل يشبه النساء ، فقال : كنت امرأة مدة خمس عشرة سنة ، وزوجوني بثلاثة أزواج لا يقدرون علي ، وكلهم يطلق ، ثم اعترضني حال غريب ، فغارت ثدياي وصغرت ، وجعل النوم يعتريني ليلا ونهارا ، ثم جعل يخرج من محل الفرج شيء قليلا قليلا ، ويتزايد حتى برز شبه ذكر وأنثيان . فسألته : أهو كبير أم صغير ؟ فاستحيى ثم ذكر أنه صغير بقدر الأصبع . فسألته : هل احتلم ؟ فذكر أنه احتلم مرتين منذ حصل له ذلك . وكان له قريبا من ستة أشهر إلى حين أخبرني ، وذكر أنه يحسن صنعة النساء كلها من الغزل ، والتطريز ، والزركاش ، وغير ذلك ، فقلت له : ما كان اسمك وأنت على صفة النساء ؟ فقال : نفيسة    . فقلت : واليوم ؟ فقال : عبد الله    . وذكر أنه لما حصل له هذا الحال كتمه عن أهله حتى عن أبيه ، ثم عزموا على تزويجه برابع ، فقال لأمه : إن الأمر ما صفته كيت وكيت ، فلما اطلع أهله على ذلك أعلموا به نائب السلطنة هناك ، وكتب بذلك محضرا ، واشتهر أمره ، فقدم دمشق  ، ووقف بين يدي نائب السلطنة بدمشق ،  فسأله فأخبره كما أخبرني ، فأخذه الحاجب سيف الدين كجكن بن الأقوش  عنده ، وألبسه ثياب الأجناد ، وهو شاب حسن ، على وجهه وسمته ومشيته وحديثه أنوثة النساء ، فسبحان الفعال لما يشاء ، فهذا أمر لم يقع مثله في العالم إلا قليلا جدا . وعندي أن ذكره كان   [ ص: 557 ] غائرا في جورة ظنوها فرجا ، ثم لما بلغ ظهر قليلا قليلا حتى تكامل ظهوره ، فتبينوا أنه كان ذكرا ، وذكر لي أن ذكره برز مختونا ، فسمي ختان القمر ، فهذا يوجد كثيرا ، والله أعلم . 
وفي يوم الثلاثاء خامس شهر رجب قدم الأمير عز الدين طقطاي الدوادار  من الديار الحلبية ، وخبر عما اتفق عليه العساكر الحلبية من ذهابهم مع نائبهم ونواب تلك الحصون وعساكر خلف ابن دلغادر التركماني    - الذي كان أعان بيبغا  وذويه على خروجه على السلطان ، وقدم معه إلى دمشق  ، وكان من أمره ما تقدم بسطه في السنة الماضية - وأنهم نهبوا أمواله ، وحواصله ، وأسروا خلقا من بنيه وذويه وحريمه ، وأن الجيش أخذ شيئا كثيرا من الأغنام ، والأبقار ، والرقيق ، والدواب ، والأمتعة ، وغير ذلك ، وأنه لجأ إلى ابن أرتنا ،  فاحتاط عليه واعتقله عنده ، وراسل السلطان بأمره ، ففرح الناس براحة الجيش الحلبي وسلامته بعدما قاسوا شديدا وتعبا كثيرا . 
وفي يوم الأربعاء ثالث عشره كان قدوم الأمراء الذين كانوا مسجونين بالإسكندرية  من لدن عود السلطان إلى الديار المصرية  ، ممن كان اتهم بموالاة بيبغا  أو خدمته ، كالأمير سيف الدين  ملك آص ، وعلاء الدين  علي البشمقدار ، وساطلمش الجلالي  ومن معهم . 
 [ ص: 558 ] وفي أول شهر رمضان اتفق أن جماعة من المفتين أفتوا بأحد قولي العلماء ، وهما وجهان لأصحابنا الشافعية ، وهو جواز استعادة ما استهدم من الكنائس ،  فتغضب عليهم قاضي القضاة تقي الدين السبكي ،  فقرعهم في ذلك ، ومنعهم من الإفتاء ، وصنف في ذلك مصنفا يتضمن المنع من ذلك سماه " الدسائس في الكنائس " . 
وفي خامس عشري رمضان قدم بالأمير ابن دلغادر التركماني  الذي كان مؤازرا بيبغا  في العام الماضي على تلك الأفاعيل القبيحة ، وهو مضيق عليه ، فأحضر بين يدي النائب ، ثم أودع القلعة المنصورة في هذا اليوم . 
 [ ص: 559 ] 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					