عزل القضاة الثلاثة بدمشق   
ولما كان يوم الثلاثاء تاسع شعبان قدم من الديار المصرية بريدي ومعه تذكرة ورقة فيها السلام على القضاة المستجدين ، وأخبر بعزل القاضي الشافعي ،   [ ص: 588 ] والحنفي ، والمالكي ، وأنه ولي قضاء الشافعية القاضي بهاء الدين أبو البقاء السبكي ،  وقضاء الحنفية الشيخ جمال الدين بن السراج الحنفي ،  وذهب الناس إلى السلام عليهم والتهنئة لهم ، واحتفلوا بذلك ، وأخبروا أن القاضي المالكي سيقدم من الديار المصرية . ولما كان يوم السبت السابع والعشرين من شعبان ، وصل البريد من الديار المصرية ، ومعه تقليدان وخلعتان للقاضي الشافعي والقاضي الحنفي ، فلبسا الخلعتين ، وجاءا من دار السعادة إلى الجامع الأموي ، وجلسا في محراب المقصورة ، وقرأ تقليد قاضي القضاة بهاء الدين أبي البقاء  الشافعي الشيخ نور الدين بن الصارم  المحدث على السدة تجاه المحراب ، وقرأ تقليد قاضي القضاة جمال الدين بن السراج  الحنفي الشيخ عماد الدين بن السراج  المحدث أيضا على السدة ، ثم حكما هنالك ، ثم جاء معا إلى الغزالية ، فدرس بها قاضي القضاة بهاء الدين أبو البقاء ،  وجلس الحنفي إلى جانبه عن يمينه ، وحضرت عنده ، فأخذ في صيام يوم الشك ، ثم جاءا معا إلى المدرسة النورية ، فدرس بها قاضي القضاة جمال الدين  المذكور ، وحضر عنده قاضي القضاة بهاء الدين ،  وذكروا أنه أخذ في قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط  الآية [ النساء : 135 ] ثم انصرف بهاء الدين  إلى المدرسة العادلية الكبيرة ، فدرس بها قوله تعالى : إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل  الآية [ النساء : 58 ] . 
وفي صبيحة يوم الأربعاء ثامن شهر رمضان دخل القاضي المالكي من الديار المصرية ، فلبس الخلعة يومئذ ، ودخل المقصورة من الجامع الأموي ، وقرئ هنالك تقليده بحضرة القضاة والأعيان - قرأه الشيخ نور الدين بن الصارم  المحدث - وهو قاضي القضاة شرف الدين أحمد ابن الشيخ شهاب الدين عبد الرحمن ابن   [ ص: 589 ] الشيخ شمس الدين محمد بن عسكر العراقي  البغدادي ، قدم الشام  مرارا ، ثم استوطن الديار المصرية بعد ما حكم ببغداد  نيابة عن قطب الدين الأخوين ، ودرس بالمستنصرية بعد أبيه ، وحكم بدمياط  أيضا ، ثم نقل إلى قضاء المالكية بدمشق ،  وهو شيخ حسن ، كثير التودد ، ومسدد العبارة ، حسن البشر عند اللقاء ، مشكور ، في مباشرته عفة ونزاهة وكرم ، الله يوفقه ويسدده . 
				
						
						
