ذكر أنواع من الفتن وقعت ، وستكثر وتتفاقم في آخر الزمان  
قال  البخاري    : حدثنا مالك بن إسماعيل ،  حدثنا ابن عيينة  أنه سمع الزهري ،  عن عروة ،  عن  زينب بنت أم سلمة ،  عن أم حبيبة ،  عن زينب بنت جحش ،  أنها قالت : استيقظ النبي صلى الله عليه وسلم من النوم محمرا وجهه ، يقول : " لا إله إلا الله ، ويل للعرب من شر قد اقترب! فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج  مثل هذه " . وعقد سفيان  تسعين أو مائة ، قيل : أنهلك وفينا الصالحون؟  قال : " نعم ، إذا كثر الخبث   " . وهكذا رواه مسلم  عن  عمرو الناقد ،  عن سفيان بن عيينة ،  به . قال : وعقد سفيان  بيده عشرة . وكذلك رواه عن حرملة ،  عن ابن وهب ،  عن يونس ،  عن الزهري ،  وقال : وحلق بإصبعه الإبهام ، والتي تليها . ثم رواه عن أبي بكر بن أبي شيبة ،  وسعيد بن عمرو ،   وزهير بن حرب ،  وابن أبي عمر ،  عن سفيان ،  عن الزهري ،  عن عروة ،  عن زينب ،  عن حبيبة ،  عن أم حبيبة ،  عن زينب بنت جحش ،  فاجتمع فيه تابعيان ، وربيبتان ،   [ ص: 68 ] وزوجتان ، أربع صحابيات ، رضي الله عنهن . 
وقال  البخاري    : حدثنا موسى بن إسماعيل ،  حدثنا وهيب ،  حدثنا ابن طاوس ،  عن أبيه ، عن  أبي هريرة ،  عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : " فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه " . وعقد وهيب  تسعين   . وهكذا رواه مسلم  من حديث وهيب  مثله . 
وروى  البخاري  من حديث الزهري ،  عن هند بنت الحارث الفراسية ،  أن أم سلمة  زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت : استيقظ النبي صلى الله عليه وسلم ليلة فزعا ، يقول : " سبحان الله ! ماذا أنزل الليلة من الخزائن ، وماذا أنزل من الفتن؟ من يوقظ صواحب الحجرات - يريد أزواجه - لكي يصلين ، رب كاسية في الدنيا عارية في الآخرة    " . 
ثم روى  البخاري  ومسلم  من حديث الزهري ،  عن عروة ،  عن أسامة بن زيد ،  قال : أشرف النبي صلى الله عليه وسلم على أطم من آطام المدينة ،  فقال : " هل ترون ما أرى؟ " قالوا : لا . قال : " فإني لأرى الفتن تقع خلال بيوتكم ، كوقع القطر    " . وروى  البخاري  من حديث الزهري ،  عن سعيد ،  عن  أبي هريرة ،  عن   [ ص: 69 ] النبي صلى الله عليه وسلم قال : " يتقارب الزمان ، وينقص العلم ، ويلقى الشح ، وتظهر الفتن ، ويكثر الهرج    " . قالوا : يا رسول الله ، أيما هو؟ قال : " القتل ، القتل   " . ورواه أيضا ، عن الزهري ،  عن حميد ،  عن  أبي هريرة ،  ثم رواه من حديث الأعمش ،  عن شقيق ،  عن  عبد الله بن مسعود ،  وأبي موسى    . 
وقال  البخاري    : حدثنا محمد بن يوسف ،  حدثنا سفيان ،  عن  الزبير بن عدي ،  قال : أتينا أنس بن مالك ،  فشكونا إليه ما يلقون من الحجاج ،  فقال : " اصبروا فإنه لا يأتي على الناس زمان إلا الذي بعده شر منه ، حتى تلقوا ربكم   " سمعته من نبيكم صلى الله عليه وسلم . ورواه الترمذي  من حديث الثوري ،  وقال : حسن صحيح . وهذا الحديث يعبر عنه العوام ، فيما يوردونه ، بلفظ آخر : كل عام ترذلون . 
وروى  البخاري  ومسلم  من حديث الزهري ،  عن  سعيد بن المسيب ،  وعن   [ ص: 70 ] أبي سلمة ،  عن  أبي هريرة ،  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ستكون فتن ، القاعد فيها خير من القائم ، والقائم فيها خير من الماشي ، والماشي فيها خير من الساعي ، من يشرف لها تستشرفه ، فمن وجد فيها ملجأ أو معاذا فليعذ به    " . ولمسلم  عن أبي بكرة  نحوه بأبسط منه . 
وقال  البخاري    : حدثنا محمد بن كثير ،  حدثنا سفيان ،  حدثنا الأعمش ،  عن  زيد بن وهب ،  حدثنا حذيفة ،  قال : حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثين رأيت أحدهما وأنا أنتظر الآخر ، حدثنا أن الأمانة نزلت في جذر قلوب الرجال ، ثم علموا من القرآن ، ثم علموا من السنة . وحدثنا عن رفعها قال : " ينام الرجل النومة فتقبض الأمانة  من قلبه ، فيظل أثرها مثل أثر الوكت ، ثم ينام النومة فتقبض ، فيبقى أثرها مثل أثر المجل ، كجمر دحرجته على رجلك فنفط ،   [ ص: 71 ] فتراه منتبرا وليس فيه شيء ، فيصبح الناس يتبايعون ، ولا يكاد أحد يؤدي الأمانة ، فيقال : إن في بني فلان رجلا أمينا . ويقال للرجل : ما أعقله ، وما أظرفه ، وما أجلده! وما في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان ، ولقد أتى علي زمان وما أبالي أيكم بايعت ، لئن كان مسلما  رده علي الإسلام ، وإن كان نصرانيا رده علي ساعيه ، وأما اليوم فما كنت أبايع إلا فلانا وفلانا   " . ورواه مسلم  من حديث الأعمش ،  به . 
وروى  البخاري  من حديث الزهري ،  عن سالم ،  عن أبيه ، ومن حديث الليث ،  عن نافع ،  عن ابن عمر ،  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام إلى جنب المنبر وهو مستقبل المشرق ، فقال : " ألا إن الفتنة هاهنا ،  من حيث يطلع قرن الشيطان " . أو قال : " قرن الشمس   " . ورواه مسلم  من حديث الزهري  وغيره ، عن سالم  به . ورواه أحمد  من طريق  عبد الله بن دينار ،   والطبراني  من رواية عطية ،  كلاهما عن عبد الله بن عمر ،  به . 
 [ ص: 72 ] وقال  البخاري    : حدثنا إسماعيل ،  حدثني مالك ،  عن  أبي الزناد ،  عن  الأعرج ،  عن  أبي هريرة ،  قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل ، فيقول : يا ليتني مكانه    " . 
وقال  الإمام أحمد    : ثنا عفان ،  ثنا حماد بن سلمة ،  أنا يونس ،  عن الحسن ،  عن سمرة ،  عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : " توشكون أن يملأ الله أيديكم من العجم - وقال عفان  مرة : من الأعاجم - يكونون أسدا لا يفرون ، يقتلون مقاتلتكم ، ويأكلون فيئكم    . 
وقال  البخاري    : حدثنا أبو اليمان ،  أنا شعيب ،  عن الزهري ،  أخبرني  سعيد بن المسيب  أن  أبا هريرة  قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " لا تقوم الساعة حتى تضطرب أليات نساء دوس على ذي الخلصة    " . وذو الخلصة  طاغية دوس ،  التي كانوا يعبدون في الجاهلية . 
وقال  البخاري    : حدثنا عبد الله بن سعيد الكندي ،  عن عقبة بن خالد ،  حدثنا عبيد الله ،  عن خبيب بن عبد الرحمن ،  عن جده حفص بن عاصم ،  عن  أبي هريرة ،  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يوشك الفرات  أن يحسر عن   [ ص: 73 ] كنز من ذهب ، فمن حضره فلا يأخذ منه شيئا    " . قال عقبة :  وحدثنا عبيد الله ،  حدثنا أبو الزناد ،  عن  الأعرج ،  عن  أبي هريرة ،  عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله ، إلا أنه قال : " يحسر عن جبل من ذهب   " . وكذلك رواه مسلم ،  من حديث عقبة بن خالد ،  من الوجهين . 
ثم رواه عن قتيبة ،  عن يعقوب بن عبد الرحمن ،  عن سهيل ،  عن أبيه ، عن  أبي هريرة ،  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا تقوم الساعة حتى ينحسر الفرات  عن جبل من ذهب ، يقتتل الناس عليه ، فيقتل من كل مائة تسعة وتسعون ، ويقول كل رجل منهم : لعلي أكون أنا الذي أنجو   " . 
ثم روى من حديث  عبد الله بن الحارث بن نوفل ،  قال : كنت واقفا مع أبي بن كعب  في ظل أجم " حسان ،  فقال : لا يزال الناس مختلفة أعناقهم في طلب الدنيا ، قلت : أجل . قال : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " يوشك الفرات أن يحسر عن جبل من ذهب ، فإذا سمع به الناس ساروا إليه ، فيقول من عنده : لئن تركنا الناس يأخذون منه ليذهبن به كله " . قال : " فيقتتلون عليه ، فيقتل من كل مائة تسعة وتسعون    " . 
وقال  البخاري    : حدثنا أبو اليمان ،  أخبرنا شعيب ،  حدثنا أبو الزناد ،  عن   [ ص: 74 ] عبد الرحمن ،  عن  أبي هريرة ،  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا تقوم الساعة حتى تقتتل فئتان عظيمتان يكون بينهما مقتلة عظيمة ، دعواهما واحدة ،  وحتى يبعث دجالون كذابون قريب من ثلاثين ،  كل يزعم أنه رسول الله ، وحتى يقبض العلم ، وتكثر الزلازل ،  ويتقارب الزمان ، وتظهر الفتن ، ويكثر الهرج ، وهو القتل ، وحتى يكثر فيكم المال فيفيض ،  حتى يهم رب المال من يقبل صدقته ، وحتى يعرضه فيقول الذي يعرضه عليه : لا أرب لي به . وحتى يتطاول الناس في البنيان ،  وحتى يمر الرجل بقبر الرجل ، فيقول : يا ليتني مكانه . وحتى تطلع الشمس من مغربها ،  فإذا طلعت ورآها الناس آمنوا أجمعون وذلك حين لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن ءامنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا    [ الأنعام : 158 ] . ولتقومن الساعة وقد نشر الرجلان ثوبهما بينهما فلا يتبايعانه ولا يطويانه . ولتقومن الساعة وقد انصرف الرجل بلبن لقحته فلا يطعمه ، ولتقومن الساعة وهو يليط حوضه فلا يسقي فيه . ولتقومن الساعة وقد رفع أكلته إلى فيه فلا يطعمها   " . 
وقال  الإمام أحمد    : ثنا سريج بن النعمان ،  ثنا عبد العزيز ، يعني الدراوردي ،  عن  زيد بن أسلم ،  عن  سعد بن أبي وقاص ،  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تقوم الساعة حتى يخرج قوم يأكلون بألسنتهم كما تأكل البقر   [ ص: 75 ] بألسنتها    " . تفرد به أحمد    . 
وقال مسلم    : حدثني حرملة بن يحيى التجيبي ،  أنا ابن وهب ،  أنا يونس ،  عن ابن شهاب ،  أن أبا إدريس الخولاني ،  قال : قال حذيفة بن اليمان    : والله إني لأعلم الناس بكل فتنة كائنة فيما بيني وبين الساعة ، وما بي إلا أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم أسر إلي في ذلك شيئا لم يحدثه غيري ، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وهو يحدث مجلسا أنا فيه عن الفتن ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يعد الفتن : " منهن ثلاث لا يكدن يذرن شيئا ، ومنهن فتن كرياح الصيف ، منها صغار ، ومنها كبار " . قال حذيفة    : فذهب أولئك الرهط كلهم غيري   . 
وروى مسلم  من حديث زهير ،  عن سهيل ،  عن أبيه ، عن  أبي هريرة ،  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا منعت العراق  درهمها وقفيزها ، ومنعت الشام  مديها ودينارها ، ومنعت مصر  إردبها ودينارها ،  وعدتم من حيث بدأتم ، وعدتم من حيث بدأتم ، وعدتم من حيث بدأتم " . شهد على ذلك لحم  أبي هريرة  ودمه   . 
 [ ص: 76 ] قال  الإمام أحمد    : حدثنا إسماعيل ،  حدثنا الجريري ،  عن  أبي نضرة ،  قال : كنا عند جابر  فقال : يوشك أهل العراق  أن لا يجبى إليهم قفيز ولا درهم . قلنا : من أين ذاك؟ قال : من قبل العجم ، يمنعون ذاك . ثم قال : يوشك أهل الشام  أن لا يجبى إليهم دينار ولا مدي . قلنا : من أين ذاك . قال : من قبل الروم ،  يمنعون ذاك . قال : ثم سكت هنيهة ، ثم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يكون من آخر أمتي خليفة يحثو المال حثيا لا يعده عدا " . قال الجريري : فقلت لأبي نضرة  وأبي العلاء    : أتريانه عمر بن عبد العزيز؟  فقالا : لا ورواه مسلم  من حديث الجريري ،  بنحوه . 
وقال  الإمام أحمد    : حدثنا أبو عامر ،  حدثنا أفلح بن سعيد الأنصاري ،  شيخ من أهل قباء  من الأنصار ،  حدثني عبد الله بن رافع مولى أم سلمة ،  قال : سمعت  أبا هريرة  يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن طالت بكم مدة أوشك أن ترى قوما يغدون في سخط الله ، ويروحون في لعنته ، في أيديهم مثل أذناب البقر    " . وأخرجه مسلم  عن  محمد بن عبد الله بن نمير ،  عن زيد بن   [ ص: 77 ] الحباب ،  عن أفلح بن سعيد ،  به . 
ثم روى عن  زهير بن حرب ،  عن جرير ،  عن سهيل ،  عن أبيه ، عن  أبي هريرة  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " صنفان من أهل النار لم أرهما بعد; قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ، ونساء كاسيات عاريات ، مائلات مميلات ، رءوسهن كأسنمة البخت المائلة ، لا يدخلن الجنة ، ولا يجدن ريحها ، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا   " . 
وقال أحمد : حدثنا زيد بن يحيى الدمشقي ،  حدثنا أبو معيد ،  حدثنا مكحول ،  عن أنس بن مالك ،  قال : قيل : يا رسول الله ، متى ندع الائتمار بالمعروف ، والنهي عن المنكر؟  قال : " إذا ظهر فيكم مثل ما ظهر في بني إسرائيل ،  إذا كانت الفاحشة في كباركم ، والعلم في رذالكم ، والملك في صغاركم   " . ورواه ابن ماجه ،  عن العباس بن الوليد الدمشقي ،  عن زيد بن يحيى بن عبيد ،  عن الهيثم بن حميد ،  عن أبى معيد حفص بن غيلان ،  عن مكحول ،  عن أنس ،  فذكر نحوه . 
وقال  الإمام أحمد    : حدثنا يحيى بن حماد ،  حدثنا أبو عوانة ،  عن عطاء   [ ص: 78 ] بن السائب ،  عن أبيه ، عن عبد الله بن عمرو ،  أنه حدثهم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ضاف رجل رجلا من بني إسرائيل ،  وفي داره كلبة مجح ، فقالت الكلبة : والله لا أنبح ضيف أهلي . قال : فعوى جراؤها في بطنها . قال : قيل : ما هذا؟ قال : فأوحى الله ، عز وجل ، إلى رجل منهم : هذا مثل أمة تكون من بعدكم ، يقهر سفهاؤها حلماءها    " . 
وقال  الإمام أحمد    : حدثنا معاوية بن عمرو ،  حدثنا أبو إسحاق ،  عن الأوزاعي ،  حدثني أبو عمار ،  حدثني جار  لجابر بن عبد الله ،  قال : قدمت من سفر ، فجاءني جابر  يسلم علي ، فجعلت أحدثه عن افتراق الناس وما أحدثوا ، فجعل جابر  يبكي ، ثم قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :   " إن الناس دخلوا في دين الله أفواجا ، وسيخرجون منه أفواجا " .  
وقال  الإمام أحمد    : حدثنا يحيى بن إسحاق ،  حدثنا ابن لهيعة ،  حدثنا أبو يونس ،  عن  أبي هريرة    . وقال حسن    : حدثنا ابن لهيعة ،  حدثنا أبو يونس ،  عن  أبي هريرة ،  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ويل للعرب من شر قد اقترب; فتنا كقطع الليل المظلم ، يصبح الرجل مؤمنا ، ويمسي كافرا ، يبيع قوم دينهم بعرض من الدنيا قليل ،  المتمسك يومئذ بدينه كالقابض على الجمر   " . أو قال : " على الشوك " . وقال حسن في حديثه : " بخبط الشوك " . 
 [ ص: 79 ] وقال  الإمام أحمد    : حدثنا أبو جعفر المدائني ،  حدثنا عبد الصمد بن حبيب الأزدي ،  عن أبيه حبيب بن عبد الله ،  عن شبيل بن عوف ،  عن  أبي هريرة ،  قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لثوبان    : " كيف أنت يا ثوبان ،  إذا تداعت عليكم الأمم  كتداعيهم إلى قصعة الطعام ، يصيبون منه؟ " قال ثوبان    : بأبي وأمي يا رسول الله ، أمن قلة بنا؟ قال : " لا ، بل أنتم يومئذ كثير ، ولكن يلقى في قلوبكم الوهن " . قالوا : وما الوهن يا رسول الله؟ قال : " حبكم الدنيا ، وكراهيتكم القتال   " . 
وقال  الإمام أحمد    : حدثنا عبد الرزاق ،  أخبرنا معمر ،  عن رجل ، عن عمرو بن وابصة الأسدي ،  عن أبيه ، قال : إني بالكوفة  في داري ، إذ سمعت على باب الدار : السلام عليكم ، أألج؟ فقلت : عليكم السلام ، فلج . فلما دخل ، فإذا هو  عبد الله بن مسعود ،  فقلت : يا أبا عبد الرحمن ،  أية ساعة زيارة هذه؟! وذلك في نحر الظهيرة ، فقال : طال علي النهار ، فذكرت من أتحدث إليه . قال : فجعل يحدثني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحدثه ، ثم أنشأ يحدثني ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " تكون فتنة ، النائم فيها خير من المضطجع ، والمضطجع فيها خير من القاعد ، والقاعد فيها خير من القائم ، والقائم فيها خير   [ ص: 80 ] من الماشي ، والماشي خير من الراكب ، والراكب خير من المجري ، قتلاها كلها في النار    " . قال : قلت : يا رسول الله ، ومتى ذلك؟ قال : " ذلك أيام الهرج " . قلت : ومتى أيام الهرج؟ قال : " حين لا يأمن الرجل جليسه    " . قال : قلت : فما تأمرني إن أدركت ذلك؟ قال : " اكفف نفسك ويدك ، وادخل دارك    " . قال : قلت : يا رسول الله ، أرأيت إن دخل رجل علي داري؟ قال : " فادخل بيتك " . قال : قلت : أرأيت إن دخل علي بيتي؟ قال : " فادخل مسجدك ، واصنع هكذا - وقبض بيمينه على الكوع - وقل : ربي الله . حتى تموت على ذلك   " . وقال أبو داود :  حدثنا عمرو بن عثمان ،  حدثنا أبي ، حدثنا  شهاب بن خراش ،  عن القاسم بن غزوان ،  عن إسحاق بن راشد الجزري ،  عن سالم ،  حدثني عمرو بن وابصة ،  عن أبيه ، عن ابن مسعود  قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ، فذكر بعض حديث أبي بكرة ،  قال : " قتلاها كلهم في النار " . قال فيه : قلت : متى ذلك يا ابن مسعود؟  قال : " تلك أيام الهرج ، حيث لا يأمن الرجل جليسه " . قلت : فما تأمرني إن أدركني ذلك الزمان؟ قال : " تكف لسانك ويدك ، وتكون حلسا من أحلاس بيتك   " . قال - يعني وابصة    - : فلما قتل عثمان  طار قلبي مطاره ، فركبت حتى أتيت دمشق ،  فلقيت خريم بن فاتك الأسدي ،  فحلف بالله الذي لا إله إلا هو لسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كما حدثنيه ابن مسعود    . 
 [ ص: 81 ] وقال أبو داود :  حدثنا  عثمان بن أبي شيبة ،  حدثنا  وكيع ،  عن عثمان الشحام ،  حدثني مسلم بن أبي بكرة ،  عن أبيه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنها ستكون فتنة ، المضطجع فيها خير من الجالس ، والجالس خير من القائم ، والقائم خير من الماشي ، والماشي خير من الساعي " . قال : يا رسول الله ، ما تأمرني؟ قال : " من كانت له إبل فليلحق إبله ،  ومن كانت له غنم فليلحق بغنمه ، ومن كانت له أرض فليلحق بأرضه " . قال : فمن لم يكن له شيء من ذلك . قال : " فليعمد إلى سيفه فليضرب بحده على حرة ، ثم لينج ما استطاع النجاء   " . وقد رواه مسلم  من حديث عثمان الشحام  بنحوه . 
وقال أبو داود :  حدثنا يزيد بن خالد الرملي ،  حدثنا المفضل ،  عن عياش ،  عن بكير ،  عن  بسر بن سعيد ،  عن حسين بن عبد الرحمن الأشجعي ،  أنه سمع  سعد بن أبي وقاص ،  عن النبي صلى الله عليه وسلم ، في هذا الحديث قال : فقلت : يا رسول الله ، أرأيت إن دخل علي بيتي ، وبسط يده ليقتلني؟  فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كن كابن آدم " . وتلا يزيد : لئن بسطت إلي يدك لتقنلني   [ ص: 82 ] الآية [ المائدة : 28 ] انفرد به أبو داود  من هذا الوجه . 
وقال أحمد : حدثنا قتيبة بن سعيد ،  حدثنا  ليث بن سعد ،  عن عياش بن عباس ،  عن  بكير بن عبد الله ،   عن بشر بن سعيد ،  أن  سعد بن أبي وقاص  قال عند فتنة عثمان بن عفان    : أشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إنها ستكون فتنة ، القاعد فيها خير من القائم ، والقائم خير من الماشي ، والماشي خير من الساعي " . قال : أفرأيت إن دخل علي بيتي فبسط يده إلي ليقتلني؟ قال : " كن كابن آدم   " . وهكذا رواه الترمذي ،  عن قتيبة ،  عن الليث ،  عن عياش بن عباس القتباني ،  عن بكير بن عبد الله بن الأشج ،  عن  بسر بن سعيد الحضرمي ،  عن  سعد بن أبي وقاص ،  فذكره ، وقال : هذا حديث حسن ، ورواه بعضهم عن الليث ،  وزاد في الإسناد رجلا . يعني : الحسين    - وقيل : الحسيل - ابن عبد الرحمن ،  ويقال : عبد الرحمن بن الحسين  عن سعد ،  كما رواه أبو داود  آنفا . 
ثم قال أبو داود :  حدثنا مسدد ،  حدثنا عبد الوارث بن سعيد ،  عن  محمد بن جحادة ،  عن عبد الرحمن بن ثروان ،  عن هزيل ،  عن  أبي موسى الأشعري ،  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن بين يدي الساعة فتنا كقطع الليل المظلم ، يصبح الرجل فيها مؤمنا ، ويمسي كافرا ، ويمسي مؤمنا ، ويصبح كافرا ، القاعد فيها خير من القائم ، والماشي فيها خير من الساعي ، فكسروا قسيكم ، وقطعوا أوتاركم ، واضربوا سيوفكم بالحجارة ، فإن دخل - يعني : على أحد منكم - فليكن   [ ص: 83 ] كخير ابني آدم   " . 
وقال  الإمام أحمد    : حدثنا مرحوم ، حدثني أبو عمران الجوني ،  عن عبد الله بن الصامت ،  عن أبي ذر ،  قال : ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم حمارا ، وأردفني خلفه ، فقال :   " يا أبا ذر ، أرأيت إن أصاب الناس جوع شديد ، حتى لا تستطيع أن تقوم من فراشك إلى مسجدك ، كيف تصنع؟    " قال : الله ورسوله أعلم . قال : " تعفف " . قال : " يا أبا ذر ،  أرأيت إن أصاب الناس موت شديد ، يكون البيت فيه بالعبد - يعني : القبر - كيف تصنع؟ " قلت : الله ورسوله أعلم . قال : " اصبر " . قال : " يا أبا ذر ،  أرأيت إن قتل الناس بعضهم بعضا - يعني حتى تغرق حجارة الزيت من الدماء - كيف تصنع؟ " قلت : الله ورسوله أعلم . قال : " اقعد في بيتك ، وأغلق عليك بابك " . قال : فإن لم أترك؟ قال : " فائت من أنت منهم ، فكن فيهم " . قلت : فآخذ سلاحي؟ قال : " إذا تشاركهم فيما هم فيه ، وكن إن خشيت أن يردعك شعاع السيف ، فألق طرف ردائك على وجهك كي يبوء بإثمه وإثمك   " . هكذا رواه  الإمام أحمد ،  وقد رواه أبو داود  عن مسدد   وابن ماجه  عن أحمد بن عبدة ،  كلاهما عن حماد بن زيد ،  عن  أبي عمران الجوني ،  عن المشعث بن طريف ،  عن عبد الله بن الصامت ،  عن أبي ذر ،  بنحوه " . ثم قال أبو داود :  لم يذكر المشعث  في هذا   [ ص: 84 ] الحديث غير حماد بن زيد    . 
وقال أبو داود :  حدثنا  محمد بن يحيى بن فارس ،  ثنا  عفان بن مسلم ،  ثنا عبد الواحد بن زياد ،  ثنا عاصم الأحول ،  عن أبي كبشة ،  قال : سمعت أبا موسى  يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن بين أيديكم فتنا كقطع الليل ، يصبح الرجل فيها مؤمنا ويمسي كافرا ، ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا ، القاعد فيها خير من القائم ، والقائم فيها خير من الماشي ، والماشي فيها خير من الساعي " . قالوا . فما تأمرنا؟ قال : " كونوا أحلاس بيوتكم   " . 
وقال  الإمام أحمد    : حدثنا سليمان بن حرب ،  حدثنا حماد بن زيد ،  عن أيوب ،  عن أبى قلابة ،  عن أبي أسماء ،  عن ثوبان  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها ، وإن ملك أمتي سيبلغ ما زوي لي منها ، وإني أعطيت الكنزين; الأحمر والأبيض ، وإني سألت ربي لأمتي أن لا يهلكوا بسنة بعامة ، ولا يسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم ، فيستبيح بيضتهم ، وإن ربي ، عز وجل ، قال : يا محمد ،  إني إذا قضيت قضاء ، فإنه لا يرد ، وإني أعطيت لأمتك أن لا أهلكهم بسنة بعامة ، ولا أسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم ، ولو اجتمع عليهم من بين أقطارها - أو قال : من بأقطارها - حتى يكون بعضهم يسبي بعضا ، وإنما أخاف على أمتي   [ ص: 85 ] الأئمة المضلين ،  وإذا وضع في أمتي السيف لم يرفع عنهم إلى يوم القيامة ، ولا تقوم الساعة حتى يلحق قبائل من أمتي بالمشركين ،  وحتى تعبد قبائل من أمتي الأوثان ، وإنه سيكون في أمتي كذابون ثلاثون ، كلهم يزعم أنه نبي ،  وأنا خاتم النبيين ، لا نبي بعدي ،  ولا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق ، لا يضرهم من خالفهم ،  حتى يأتي أمر الله ، عز وجل   " . ورواه مسلم ،  وأبو داود ،   والترمذي ،   وابن ماجه  من طرق ، عن  أبي قلابة عبد الله بن زيد الجرمي ،  عن أبي أسماء عمرو بن مرثد ،  عن  ثوبان بن بجدد ،  بنحوه ، وقال الترمذي    : حسن صحيح . 
وقال أبو داود :  حدثنا هارون بن عبد الله ،  حدثنا أبو داود الحفري ،  عن بدر بن عثمان ،  عن عامر ،  عن رجل ، عن عبد الله ،  عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " تكون في هذه الأمة أربع فتن ، آخرها الفناء   " . 
ثم قال أبو داود :  حدثنا  يحيى بن عثمان بن سعيد الحمصي ،  حدثنا أبو المغيرة ،  حدثني عبد الله بن سالم ،  حدثني العلاء بن عتبة ،  عن  عمير بن هانئ العنسي ،  سمعت عبد الله بن عمر  يقول : كنا قعودا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكر الفتن ، فأكثر في ذكرها ، حتى ذكر فتنة الأحلاس ،  فقال قائل : يا رسول الله ، وما فتنة الأحلاس؟ قال : " هي حرب وهرب ، ثم فتنة السراء ،   [ ص: 86 ] دخنها من تحت قدمي رجل من أهل بيتي ، يزعم أنه مني ، وليس مني ، وإنما أوليائي المتقون ، ثم يصطلح الناس على رجل كورك على ضلع ، ثم فتنة الدهيماء ،  لا تدع أحدا من هذه الأمة إلا لطمته ، حتى إذا قيل : انقضت عادت ، يصبح الرجل فيها مؤمنا ويمسي كافرا ، حتى يصير الناس إلى فسطاطين; فسطاط إيمان لا نفاق فيه ، وفسطاط نفاق لا إيمان فيه ، فإذا كان ذاكم ، فانتظروا الدجال ،  من يومه أو من غده   " . تفرد به أبو داود ،  وقد رواه أحمد  في " مسنده " ، عن أبي المغيرة ،  بمثله . 
وقال أبو داود :  حدثنا القعنبي ،  حدثنا عبد العزيز ،  يعني ابن أبي حازم ،  عن أبيه ، عن عمارة بن عمرو ،  عن  عبد الله بن عمرو بن العاص ،  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " كيف بكم وزمان - أو : أوشك أن يأتي زمان - يغربل الناس فيه غربلة ، تبقى حثالة من الناس قد مرجت عهودهم وأماناتهم ، واختلفوا فكانوا   [ ص: 87 ] هكذا " . وشبك بين أصابعه ، فقالوا : كيف بنا يا رسول الله؟ قال : " تأخذون بما تعرفون ، وتدعون ما تنكرون ، تقبلون على أمر خاصتكم ، وتذرون أمر عامتكم   " . قال أبو داود :  هكذا روي عن  عبد الله بن عمرو بن العاص ،  عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير وجه . وهكذا رواه ابن ماجه ،  عن هشام بن عمار ،   ومحمد بن الصباح ،  عن عبد العزيز بن أبي حازم ،  به . ورواه أحمد  في " مسنده " ، عن  سعيد بن منصور ،  عن يعقوب بن عبد الرحمن ،  عن أبي حازم ،  به . وقد رواه  الإمام أحمد ،  عن حسين بن محمد ،  عن محمد بن مطرف ،  عن أبي حازم ،  عن عمرو بن شعيب ،  عن أبيه ، عن جده ، فذكر نحوه ، أو مثله . 
ثم قال أبو داود :  حدثنا هارون بن عبد الله ،  حدثنا  الفضل بن دكين ،  حدثنا  يونس ، يعني ابن أبي إسحاق ،  عن هلال بن خباب أبي العلاء ،  حدثنا عكرمة ،  حدثني  عبد الله بن عمرو بن العاص ،  قال : بينما نحن حول رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ ذكر الفتنة ، أو ذكرت عنده ، فقال : " إذا رأيتم الناس قد مرجت عهودهم ، وخفت أماناتهم ، وكانوا هكذا " . وشبك بين أصابعه ، قال : فقمت إليه ، فقلت : كيف أفعل عند ذلك جعلني الله فداك؟ قال : " الزم بيتك ، واملك عليك لسانك ، وخذ بما تعرف ، ودع ما تنكر ، وعليك بأمر خاصة نفسك ،   [ ص: 88 ] ودع عنك أمر العامة    " . وهكذا رواه أحمد ،  عن  أبي نعيم الفضل بن دكين ،  به ، وأخرجه  النسائي  في اليوم والليلة ، عن  أحمد بن بكار ،  عن مخلد بن يزيد ،  عن يونس بن أبي إسحاق ،  فذكر بإسناده نحوه . 
قال أحمد : ثنا عبد القدوس بن الحجاج ،  ثنا  حريز ، يعني ابن عثمان الرحبي ،  ثنا  راشد بن سعد المقرائي ،  عن أبي حي ،  عن ذي مخمر ،  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " كان هذا الأمر في حمير ،  فنزعه الله منهم ، فجعله في قريش  و س ي ع و د إل ي ه م   " . قال عبد الله بن أحمد    : هكذا في كتاب أبي مقطع ، وحيث حدثنا به تكلم به على الاستواء . 
وقال أبو داود :  حدثنا محمد بن عبيد ،  حدثنا حماد بن زيد ،  حدثنا الليث ،  عن طاوس ،  عن رجل يقال له : زياد    . عن عبد الله بن عمرو ،  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنه ستكون فتنة تستنظف العرب ، قتلاها في النار ، اللسان فيها أشد من وقع السيف   " . وقد رواه أحمد ،  عن أسود بن عامر ،  عن حماد بن سلمة ،   والترمذي ،   وابن ماجه ،  من حديثه عن الليث ،  عن طاوس ،  عن زياد ،   [ ص: 89 ] وهو الأعجم ،  ويقال له : زياد سيمين كوش    . وقد حكى الترمذي  عن  البخاري  أنه ليس لزياد  هذا حديث سواه ، وأن حماد بن زيد  رواه عن الليث  فوقفه ، وقد استدرك  ابن عساكر  على  البخاري  هذا الحديث ، فإن أبا داود  رواه من طريق حماد بن زيد  مرفوعا ، فالله أعلم . 
وقال أبو داود :  حدثنا عبد الملك بن شعيب ،  حدثني ابن وهب ،  حدثني الليث ،  عن يحيى بن سعيد ،  قال : قال خالد بن أبي عمران ،  عن عبد الرحمن بن البيلماني ،  عن  عبد الرحمن بن هرمز ،  عن  أبي هريرة ،  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ستكون فتنة صماء بكماء عمياء ، من أشرف لها استشرفت له ، وإشراف اللسان فيها كوقوع السيف    " . 
وقال  الإمام أحمد    : حدثنا  وكيع    - وقال : حدثنا أبو معاوية    - حدثنا الأعمش ،  عن  زيد بن وهب ،  عن عبد الرحمن بن عبد رب الكعبة ،   عن عبد الله بن عمرو    - وكنت جالسا معه في ظل الكعبة  وهو يحدث الناس - قال : كنا مع   [ ص: 90 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر ، فنزلنا منزلا ، فمنا من يضرب خباءه ، ومنا من هو في جشره ، ومنا من ينتضل ، إذ نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم : الصلاة جامعة . قال : فانتهيت إليه وهو يخطب الناس ، ويقول : " أيها الناس ، إنه لم يكن نبي قبلي إلا كان حقا عليه أن يدل أمته على ما يعلمه خيرا لهم ،  وينذرهم ما يعلمه شرا لهم ، ألا وإن عافية هذه الأمة في أولها ، وسيصيب آخرها بلاء وفتن يرقق بعضها بعضا ، تجيء الفتنة ، فيقول المؤمن : هذه مهلكتي . ثم تنكشف ، ثم تجئ فيقول : هذه هذه . ثم تجيء فيقول : هذه ، هذه . ثم تنكشف ، فمن أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتدركه منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر ،  ويأتي إلى الناس ما يحب أن يؤتى إليه ، ومن بايع إماما فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه ، فليطعه إن استطاع    " . وقال مرة : " ما استطاع " . قال عبد الرحمن    : فلما سمعتها أدخلت رأسي بين رجلين ، قلت : فإن ابن عمك معاوية  يأمرنا أن نأكل أموالنا بيننا بالباطل ، وأن نقتل أنفسنا ، وقد قال الله تعالى : ياأيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل    [ النساء : 29 ] . ولا تقتلوا أنفسكم    [ النساء : 29 ] . قال : فجمع يديه ، فوضعهما على جبهته ، ثم نكس هنيهة ، ثم رفع رأسه ، فقال : أطعه في طاعة الله ، واعصه في معصية الله . 
 [ ص: 91 ] قلت له : أنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال : نعم ، سمعته أذناي ، ووعاه قلبي   . ورواه مسلم  وأبو داود   والنسائي   وابن ماجه ،  من حديث الأعمش ،  به ، وأخرجه مسلم  أيضا ، من حديث الشعبي ،  عن عبد الرحمن بن عبد رب الكعبة ،  عن عبد الله بن عمرو ،  بنحوه . 
وقال أحمد    : حدثنا ابن نمير ،  حدثنا الحسن بن عمرو ،  عن  أبي الزبير ،  عن عبد الله بن عمرو ،  قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إذا رأيتم أمتي تهاب الظالم أن تقول له : إنك ظالم . فقد تودع منهم    " . 
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يكون في أمتي قذف وخسف ومسخ    " . 
وقال  الإمام أحمد    : حدثنا يحيى بن إسحاق ،  حدثنا يحيى بن أيوب ،  حدثني أبو قبيل ،  قال : كنا عند عبد الله بن عمرو ،  وسئل : أي المدينتين تفتح أولا؟ القسطنطينية  أو رومية؟  قال : فدعا عبد الله  بصندوق له حلق ، قال : فأخرج منه كتابا . قال : فقال عبد الله    : بينما نحن حول رسول الله صلى الله عليه وسلم نكتب إذ سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم : أي المدينتين تفتح أولا؟ قسطنطينية  أو رومية؟   فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " مدينة هرقل  تفتح أولا " . يعني القسطنطينية    . 
وقال القرطبي  في " التذكرة " : وروي من حديث حذيفة بن اليمان ،  عن   [ ص: 92 ] النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : " ويبدأ الخراب في أطراف الأرض حتى تخرب مصر ،  ومصر  آمنة من الخراب حتى تخرب البصرة ،   وخراب البصرة  من الغرق ، وخراب مصر  من جفاف النيل ، وخراب مكة  من الحبشة ،  وخراب المدينة  من الجوع ، وخراب اليمن  من الجراد ، وخراب الأبلة  من الحصار ، وخراب فارس  من الصعاليك ، وخراب الترك  من الديلم ،  وخراب الديلم  من الأرمن ،  وخراب الأرمن  من الخزر ،  وخراب الخزر  من الترك . . . ،  وخراب الترك  من الصواعق ، وخراب السند  من الهند ،  وخراب الهند  من الصين ،  وخراب الصين  من الرمل ، وخراب الحبشة  من الرجفة ، وخراب الزوراء  من السفياني ،  وخراب الروحاء  من الخسف ، وخراب العراق  من القحط   " . ثم قال : ذكره  أبو الفرج ابن الجوزي ،  قال : وسمعت أن خراب الأندلس  بالريح العقيم . والله أعلم . 
وهذا الحديث لا يعرف في شيء من الكتب المعتمدة ، وأخلق به أن لا يكون صحيحا ، بل أخلق به أن يكون موضوعا ، أو أن يكون موقوفا على حذيفة ،  ولا يصح عنه أيضا ، والله سبحانه أعلم . 
				
						
						
