[ ص: 52 ] فصل في
nindex.php?page=treesubj&link=30736_2335فرضية صوم شهر رمضان سنة ثنتين قبل وقعة بدر
قال
ابن جرير : وفي هذه السنة فرض صيام شهر رمضان . وقد قيل : إنه فرض في شعبان منها . ثم حكى
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة وجد اليهود يصومون nindex.php?page=treesubj&link=2547يوم عاشوراء ، فسألهم عنه فقالوا : هذا يوم نجى الله فيه موسى . فقال : نحن أحق بموسى منكم ، فصامه وأمر الناس بصيامه وهذا الحديث ثابت في " الصحيحين " عن
ابن عباس ، وقد قال الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=183يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون أياما معدودات فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين فمن تطوع خيرا فهو خير له وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر الآية [ البقرة : 183 - 185 ]
[ ص: 53 ] وقد تكلمنا على ذلك في " التفسير " بما فيه كفاية من إيراد الأحاديث المتعلقة بذلك ، والآثار المروية في ذلك والأحكام المستفادة منه . ولله الحمد .
وقد قال الإمام
أحمد : حدثنا
أبو النضر ، حدثنا
المسعودي ، حدثنا
عمرو بن مرة ، عن
عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن
معاذ بن جبل قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3510293أحيلت الصلاة ثلاثة أحوال ، وأحيل الصيام ثلاثة أحوال . فذكر أحوال الصلاة ، قال وأما أحوال الصيام ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة ، فجعل يصوم من كل شهر ثلاثة أيام ، وصام عاشوراء ، ثم إن الله عز وجل ، فرض عليه الصيام ، وأنزل : nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=183يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم إلى قوله nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=184وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين فكان من شاء صام ومن شاء أطعم مسكينا ، فأجزأ ذلك عنه ، ثم إن الله ، عز وجل ، أنزل الآية الأخرى nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=185شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن إلى قوله nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=185فمن شهد منكم الشهر فليصمه فأثبت صيامه على المقيم الصحيح ، ورخص فيه للمريض والمسافر ، وأثبت الإطعام للكبير الذي لا يستطيع الصيام ، فهذان حولان . قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3510294وكانوا يأكلون ، ويشربون ، ويأتون النساء ما لم يناموا ، فإذا ناموا ، امتنعوا ثم إن رجلا من الأنصار يقال له : صرمة . كان يعمل صائما حتى أمسى ، فجاء إلى أهله فصلى العشاء ، ثم نام ، فلم يأكل ولم يشرب حتى أصبح ، فأصبح صائما فرآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قد جهد جهدا شديدا ، فقال : ما لي أراك قد جهدت جهدا شديدا ؟ فأخبره ، قال : وكان عمر قد أصاب من النساء بعد ما نام ، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فأنزل الله [ ص: 54 ] عز وجل : nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=187أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم هن لباس لكم إلى قوله : nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=187ثم أتموا الصيام إلى الليل [ البقرة : 187 ] ورواه
أبو داود في " سننه " ،
nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم في " مستدركه " من حديث
المسعودي نحوه .
وفي " الصحيحين " من حديث
الزهري ، عن
عروة عن
عائشة أنها قالت :
كان عاشوراء يصام ، فلما نزل رمضان كان من شاء صام ومن شاء أفطر . nindex.php?page=showalam&ids=12070وللبخاري عن
ابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود مثله ، ولتحرير هذا موضع آخر من " التفسير " ومن " الأحكام الكبير " وبالله المستعان .
قال
ابن جرير : وفي هذه السنة
nindex.php?page=treesubj&link=30736أمر الناس بزكاة الفطر ، وقد قيل : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس قبل الفطر بيوم أو يومين ، وأمرهم بذلك . قال : وفيها صلى النبي صلى الله عليه وسلم صلاة العيد ، وخرج بالناس إلى المصلى ، فكان أول صلاة عيد صلاها ، وخرجوا بين يديه بالحربة ، وكانت
للزبير ، وهبها له
النجاشي ، فكانت تحمل بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأعياد .
قلت : وفي هذه السنة ، فيما ذكره غير واحد من المتأخرين ، فرضت الزكاة ذات النصب ، كما سيأتي تفصيل ذلك كله بعد وقعة
بدر ، إن شاء الله تعالى ، وبه الثقة ، وعليه التكلان ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
[ ص: 52 ] فَصْلٌ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=30736_2335فَرْضِيَّةِ صَوْمِ شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ ثِنْتَيْنِ قَبْلَ وَقْعَةِ بَدْرٍ
قَالَ
ابْنُ جَرِيرٍ : وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ فُرِضَ صِيَامُ شَهْرِ رَمَضَانَ . وَقَدْ قِيلَ : إِنَّهُ فُرِضَ فِي شَعْبَانَ مِنْهَا . ثُمَّ حَكَى
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ وَجَدَ الْيَهُودَ يَصُومُونَ nindex.php?page=treesubj&link=2547يَوْمَ عَاشُورَاءَ ، فَسَأَلَهُمْ عَنْهُ فَقَالُوا : هَذَا يَوْمٌ نَجَّى اللَّهُ فِيهِ مُوسَى . فَقَالَ : نَحْنُ أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ ، فِصَامَهُ وَأَمَرَ النَّاسَ بِصِيَامِهِ وَهَذَا الْحَدِيثُ ثَابِتٌ فِي " الصَّحِيحَيْنِ " عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=183يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ الْآيَةَ [ الْبَقَرَةِ : 183 - 185 ]
[ ص: 53 ] وَقَدْ تَكَلَّمْنَا عَلَى ذَلِكَ فِي " التَّفْسِيرِ " بِمَا فِيهِ كِفَايَةٌ مِنْ إِيرَادِ الْأَحَادِيثِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِذَلِكَ ، وَالْآثَارِ الْمَرْوِيَّةِ فِي ذَلِكَ وَالْأَحْكَامِ الْمُسْتَفَادَةِ مِنْهُ . وَلِلَّهِ الْحَمْدُ .
وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ
أَحْمَدُ : حَدَّثَنَا
أَبُو النَّضْرِ ، حَدَّثَنَا
الْمَسْعُودِيُّ ، حَدَّثَنَا
عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ ، عَنْ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى ، عَنْ
مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3510293أُحِيلَتِ الصَّلَاةُ ثَلَاثَةَ أَحْوَالٍ ، وَأُحِيلَ الصِّيَامُ ثَلَاثَةَ أَحْوَالٍ . فَذَكَرَ أَحْوَالَ الصَّلَاةِ ، قَالَ وَأَمَّا أَحْوَالُ الصِّيَامِ ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ ، فَجَعَلَ يَصُومُ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ، وَصَامَ عَاشُورَاءَ ، ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ ، فَرَضَ عَلَيْهِ الصِّيَامَ ، وَأَنْزَلَ : nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=183يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِلَى قَوْلِهِ nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=184وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَكَانَ مَنْ شَاءَ صَامَ وَمَنْ شَاءَ أَطْعَمَ مِسْكِينًا ، فَأَجْزَأَ ذَلِكَ عَنْهُ ، ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ ، عَزَّ وَجَلَّ ، أَنْزَلَ الْآيَةَ الْأُخْرَى nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=185شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ إِلَى قَوْلِهِ nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=185فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ فَأَثْبَتَ صِيَامَهُ عَلَى الْمُقِيمِ الصَّحِيحِ ، وَرَخَّصَ فِيهِ لِلْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ ، وَأَثْبَتَ الْإِطْعَامَ لِلْكَبِيرِ الَّذِي لَا يَسْتَطِيعُ الصِّيَامَ ، فَهَذَانِ حَوْلَانِ . قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3510294وَكَانُوا يَأْكُلُونَ ، وَيَشْرَبُونَ ، وَيَأْتُونَ النِّسَاءَ مَا لَمْ يَنَامُوا ، فَإِذَا نَامُوا ، امْتَنَعُوا ثُمَّ إِنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ : صِرْمَةُ . كَانَ يَعْمَلُ صَائِمًا حَتَّى أَمْسَى ، فَجَاءَ إِلَى أَهْلِهِ فَصَلَّى الْعِشَاءَ ، ثُمَّ نَامَ ، فَلَمْ يَأْكُلْ وَلَمْ يَشْرَبْ حَتَّى أَصْبَحَ ، فَأَصْبَحَ صَائِمًا فَرَآهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ جَهَدَ جَهْدًا شَدِيدًا ، فَقَالَ : مَا لِي أَرَاكَ قَدْ جَهَدْتَ جَهْدًا شَدِيدًا ؟ فَأَخْبَرَهُ ، قَالَ : وَكَانَ عُمَرُ قَدْ أَصَابَ مِنَ النِّسَاءِ بَعْدَ مَا نَامَ ، فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ [ ص: 54 ] عَزَّ وَجَلَّ : nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=187أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ إِلَى قَوْلِهِ : nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=187ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ [ الْبَقَرَةِ : 187 ] وَرَوَاهُ
أَبُو دَاوُدَ فِي " سُنَنِهِ " ،
nindex.php?page=showalam&ids=14070وَالْحَاكِمُ فِي " مُسْتَدْرَكِهِ " مِنْ حَدِيثِ
الْمَسْعُودِيِّ نَحْوَهُ .
وَفِي " الصَّحِيحَيْنِ " مِنْ حَدِيثِ
الزُّهْرِيِّ ، عَنْ
عُرْوَةَ عَنْ
عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ :
كَانَ عَاشُورَاءُ يُصَامُ ، فَلَمَّا نَزَلَ رَمَضَانُ كَانَ مَنْ شَاءَ صَامَ وَمَنْ شَاءَ أَفْطَرَ . nindex.php?page=showalam&ids=12070وَلِلْبُخَارِيِّ عَنِ
ابْنِ عُمَرَ nindex.php?page=showalam&ids=10وَابْنِ مَسْعُودٍ مِثْلَهُ ، وَلِتَحْرِيرِ هَذَا مَوْضِعٌ آخَرُ مِنَ " التَّفْسِيرِ " وَمِنَ " الْأَحْكَامِ الْكَبِيرِ " وَبِاللَّهِ الْمُسْتَعَانُ .
قَالَ
ابْنُ جَرِيرٍ : وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ
nindex.php?page=treesubj&link=30736أُمِرَ النَّاسُ بِزَكَاةِ الْفِطْرِ ، وَقَدْ قِيلَ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ النَّاسَ قَبْلَ الْفِطْرِ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ ، وَأَمَرَهُمْ بِذَلِكَ . قَالَ : وَفِيهَا صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الْعِيدِ ، وَخَرَجَ بِالنَّاسِ إِلَى الْمُصَلَّى ، فَكَانَ أَوَّلَ صَلَاةِ عِيدٍ صَلَّاهَا ، وَخَرَجُوا بَيْنَ يَدَيْهِ بِالْحَرْبَةِ ، وَكَانَتْ
لِلزُّبَيْرِ ، وَهَبَهَا لَهُ
النَّجَاشِيُّ ، فَكَانَتْ تُحْمَلُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْأَعْيَادِ .
قُلْتُ : وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ ، فِيمَا ذَكَرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ ، فُرِضَتِ الزَّكَاةُ ذَاتُ النُّصُبِ ، كَمَا سَيَأْتِي تَفْصِيلُ ذَلِكَ كُلِّهِ بَعْدَ وَقْعَةِ
بَدْرٍ ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ، وَبِهِ الثِّقَةُ ، وَعَلَيْهِ التُّكْلَانُ ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ .