فصل ( ) خلود الكافرين في النار
إذا خرج أهل المعاصي من النار ، فلم يبق فيها غير الكافرين ، فإنهم لا يموتون فيها ولا يحيون ، ولا خروج لهم منها ، ولا محيد لهم عنها ، بل هم خالدون فيها أبدا ، وهم الذين حبسهم القرآن ، وحكم عليهم بالخلود ، كما قال تعالى : ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها أبدا [ الجن : 23 ] . وقال : إن الله لعن الكافرين وأعد لهم سعيرا خالدين فيها أبدا لا يجدون وليا ولا نصيرا [ الأحزاب : 64 ، 65 ] . وقال تعالى في سورة " النساء " في آخرها : إن الذين كفروا وظلموا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم طريقا إلا طريق جهنم خالدين فيها أبدا وكان ذلك على الله يسيرا [ النساء : 168 ، 169 ] .
فهذه ثلاث آيات ، فيهن الحكم عليهم بالخلود في النار أبدا ، ليس لهن رابعة مثلهن في ذلك . وأما قوله تعالى : خالدين فيها إلا ما شاء الله إن ربك حكيم عليم [ الأنعام : 128 ] . وقوله : خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك إن ربك فعال لما يريد [ هود : 107 ] . فقد [ ص: 255 ] تكلم ابن جرير وغيره من المفسرين على هذه الآيات بكلام يطول بسطه ، وجاءت آثار عن الصحابة غريبة ، ووردت أخبار عجيبة ، وللكلام على ذلك موضع آخر ، ليس هذا موضعه . والله أعلم وأحكم وأكرم .
وقد قال : حدثنا الإمام أحمد إبراهيم بن إسحاق ، حدثنا ابن المبارك ، عن عمر بن محمد بن زيد ، حدثني أبي ، عن ابن عمر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ، ثم ينادي مناد : جيء بالموت حتى يوقف بين الجنة والنار ، ثم يذبح . فازداد أهل الجنة فرحا إلى فرحهم ، وازداد أهل النار حزنا إلى حزنهم يا أهل الجنة ، خلود ولا موت ، ويا أهل النار ، خلود ولا موت " . إذا صار أهل الجنة في الجنة ، وأهل النار في النار
وهكذا رواه عن البخاري ، معاذ بن أسد ، عن به مثله . عبد الله بن المبارك ،
وقال حدثنا الإمام أحمد : غسان بن الربيع ، موصلي ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن عن عاصم بن بهدلة ، أبي صالح ، عن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أبي هريرة ، " . وهذا إسناد غريب من هذا الوجه . يؤتى بالموت كبشا أغبر ، فيوقف بين الجنة والنار ، فيقال : يا أهل الجنة . فيشرئبون ، وينظرون ، ويقال : يا أهل النار . فيشرئبون وينظرون ، [ ص: 256 ] ويرون أن قد جاء الفرج ، فيذبح ويقال : خلود لا موت
وقال : حدثنا الإمام أحمد يزيد وابن نمير ، قالا : حدثنا محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن قال : قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : " أبي هريرة ، يزيد : أن يخرجوا - من مكانهم الذي هم فيه فيقال : هل تعرفون هذا ؟ قالوا : نعم ربنا ، هذا الموت . ثم يقال : يا أهل النار . فيطلعون فرحين مستبشرين أن يخرجوا من مكانهم الذي هم فيه ، فيقال : هل تعرفون هذا ؟ قالوا : نعم ، هذا الموت . فيؤمر به فيذبح على الصراط ، ثم يقال للفريقين كليهما : خلود فيما تجدون لا موت فيه أبدا " . إسناده جيد قوي على شرط الصحيح ، ولم يخرجه أحد من هذا الوجه . يؤتى بالموت يوم القيامة ، فيوقف على الصراط ، فيقال : يا أهل الجنة ، فيطلعون خائفين وجلين أن يخرجوا - وقال
وقال البزار : حدثنا بشر بن آدم ، حدثنا نافع بن خالد الطاحي ، حدثنا نوح بن قيس الطاحي ، عن أخيه خالد بن قيس ، عن قتادة ، عن أنس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ، فيقال : يا أهل الجنة ، خلود لا موت ، ويا أهل النار ، خلود لا موت يؤتى بالموت يوم القيامة ، فيوقف بين الجنة والنار ، فيذبح " . ثم قال البزار : لا نعلمه يروى عن أنس إلا من هذا الوجه . والله سبحانه أعلم .