فصل 
وقد ذكرنا فيما سلف صفة أهل الجنة حال دخولهم إليها ،  وقدومهم عليها ، وأنهم يحول خلقهم إلى طول ستين ذراعا في عرض سبعة أذرع ، وأنهم يكونون جردا مردا مكحلين في سن أبناء ثلاث وثلاثين ، وأنهم يعربون . 
قال أبو بكر بن أبي الدنيا    : حدثني القاسم بن هاشم  ، حدثنا صفوان بن   [ ص: 426 ] صالح  ، حدثني رواد بن الجراح العسقلاني ،  حدثنا الأوزاعي ،  عن هارون بن رئاب  ، عن أنس بن مالك  ، قال : قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : " يدخل أهل الجنة الجنة على طول آدم ،  ستين ذراعا بذراع الملك ، على حسن يوسف ،  وعلى ميلاد عيسى  ثلاث وثلاثين ، وعلى لسان محمد  صلى الله عليه وسلم ، جرد مرد مكحلون   " . 
وروى  داود بن الحصين  ، عن عكرمة ،  عن ابن عباس  قال : لسان أهل الجنة عربي   . 
وقال عقيل  ، عن الزهري  قال : لسان أهل الجنة عربي   . 
وروى  البيهقي  من طريقين فيهما ضعف ، عن أبي كريمة المقدام بن معديكرب ،  رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ما من أحد يموت سقطا ولا هرما وإنما الناس فيما بين ذلك إلا بعث ابن ثلاثين سنة - وفي رواية : ثلاث وثلاثين سنة - فإن كان من أهل الجنة كان على مسحة آدم ،   [ ص: 427 ] وصورة يوسف ،  وقلب أيوب ،  مردا مكحلين ، أولي أفانين ، ومن كان من أهل النار عظموا وفخموا كالجبال   " . وفي رواية : حتى يصير جلده أربعين باعا ، وحتى يصير ناب من أنيابه مثل أحد " . 
وثبت أنهم يأكلون ويشربون ، ولا يبولون ، ولا يتغوطون ، إنما يكون منصرف طعامهم أنهم يعرقون ويتجشئون كرائحة المسك ، ونفسهم تسبيح وتحميد وتكبير ، وأول زمرة منهم تدخل الجنة منهم على صورة القمر ، ثم الذين يلونهم في البهاء كأضوأ كوكب دري في السماء ، وأنهم يجامعون ولا يولد لهم ، إلا من شاء منهم ، وأنهم لا يموتون ولا ينامون ، لكمال حياتهم ، وكثرة لذاتهم ، وتوالي نعيمهم ومسراتهم ، وكلما ازدادوا خلودا ازدادوا حسنا وجمالا وشبابا وقوة ، وازدادت لهم الجنة حسنا وبهاء وطيبا وضياء ، وكانوا أرغب شيء فيها وأحرص عليها ، وكانت عندهم أعز وأغلى وألذ وأحلى ، كما قال تعالى : خالدين فيها لا يبغون عنها حولا    [ الكهف : 108 ] . وهذا عكس حال أهل الدنيا ، ولو كان أحدهم في ألذ عيش .   [ ص: 428 ] 
				
						
						
