[ ص: 257 ] فصل في فضل من شهد بدرا  من المسلمين 
 قال  البخاري  في هذا الباب : حدثنا عبد الله بن محمد ،  ثنا معاوية بن عمرو ،  ثنا أبو إسحاق ،  عن حميد ،  سمعت أنسا  يقول : أصيب حارثة  يوم بدر ،  فجاءت أمه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالت : يا رسول الله ، قد عرفت منزلة حارثة ،  مني فإن يك في الجنة أصبر وأحتسب ، وإن تكن الأخرى تر ما أصنع . فقال : ويحك ، أوهبلت ، أوجنة واحدة هي ؟ إنها جنان كثيرة ، وإنه في جنة الفردوس . تفرد به  البخاري  من هذا الوجه 
وقد روي من غير هذا الوجه من حديث ثابت  وقتادة ،  عن أنس ،  وأن حارثة  كان في النظارة ، وفيه : إن ابنك أصاب الفردوس الأعلى وفي هذا تنبيه عظيم على فضل أهل بدر ،   فإن هذا الذي لم يكن في بحبحة القتال   [ ص: 258 ] ولا في حومة الوغى ، بل كان من النظارة من بعيد ، وإنما أصابه سهم غرب ، وهو يشرب من الحوض ، ومع هذا أصاب بهذا الموقف الفردوس ، التي هي أعلى الجنان وأوسط الجنة ، ومنه تفجر أنهار الجنة ، التي أمر الشارع أمته إذا سألوا الله الجنة أن يسألوه إياها ، فإذا كان هذا حال هذا ، فما ظنك بمن كان واقفا في نحر العدو ، وعدوهم على ثلاثة أضعافهم عددا وعددا . 
ثم روى البخاري ومسلم جميعا عن إسحاق ابن راهويه ،  عن عبد الله بن إدريس ،  عن حصين بن عبد الرحمن ،  عن سعد بن عبيدة ،  عن  أبي عبد الرحمن السلمي ،  عن علي بن أبي طالب ،  قصة  حاطب بن أبي بلتعة  وبعثه الكتاب إلى أهل مكة   عام الفتح  ، وأن عمر  استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ضرب عنقه ، فإنه قد خان الله ورسوله والمؤمنين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنه قد شهد بدرا ،  وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر   فقال : اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم ولفظ  البخاري    :   " أليس من أهل بدر   ؟! ولعل الله اطلع على أهل بدر ، فقال : اعملوا ما شئتم فقد وجبت لكم الجنة " أو " قد غفرت لكم " فدمعت عينا عمر ،  وقال : الله ورسوله أعلم . 
وروى مسلم ،  عن قتيبة ،  عن الليث ،  عن  أبي الزبير ،  عن جابر ،  أن   [ ص: 259 ] عبدا لحاطب  جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم يشكو حاطبا ،  فقال : يا رسول الله ، ليدخلن حاطب  النار . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كذبت ، لا يدخلها ، فإنه شهد بدرا  والحديبية .  
وقال  الإمام أحمد    : حدثنا سليمان بن داود ،  حدثنا أبو بكر بن عياش ،  حدثني الأعمش ،  عن أبي سفيان ،  عن جابر  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لن يدخل النار رجل شهد بدرا  أو الحديبية    . تفرد به أحمد ،  وهو على شرط مسلم .  
وقال  الإمام أحمد    : حدثنا يزيد ،  أنبأنا حماد بن سلمة ،  عن عاصم بن أبي النجود ،  عن أبي صالح ،  عن  أبي هريرة ،  عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : إن الله اطلع على أهل بدر فقال : اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم . ورواه أبو داود  ، عن أحمد بن سنان ،   وموسى بن إسماعيل ،  كلاهما عن  يزيد بن هارون  به . 
وروى البزار  في " مسنده " ثنا محمد بن مرزوق ،  ثنا أبو حذيفة ،  ثنا   [ ص: 260 ] عكرمة ،  عن  يحيى بن أبي كثير ،  عن أبي سلمة ،  عن  أبي هريرة  قال : قال : رسول الله صلى الله عليه وسلم : إني لأرجو أن لا يدخل النار من شهد بدرا  إن شاء الله   . ثم قال لا نعلمه يروى عن  أبي هريرة  إلا من هذا الوجه . قلت : وقد تفرد البزار  بهذا الحديث ولم يخرجوه ، وهو على شرط الصحيح . والله أعلم . 
وقال  البخاري  في باب شهود الملائكة بدرا     : حدثنا إسحاق بن إبراهيم ،  ثنا جرير ،  عن يحيى بن سعيد ،  عن معاذ بن رفاعة بن رافع الزرقي ،  عن أبيه - وكان أبوه من أهل بدر     - قال : جاء جبريل  إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : ما تعدون أهل بدر   فيكم قال : من أفضل المسلمين - أو كلمة نحوها - قال : وكذلك من شهد بدرا  من الملائكة   . انفرد به  البخاري    . 
				
						
						
