[ ص: 566 ] قصة الذي أصيبت امرأته في هذه الغزوة
قال محمد بن إسحاق : حدثني عمي صدقة بن يسار ، عن عقيل بن جابر ، عن قال : جابر بن عبد الله ذات الرقاع من نخل ، فأصاب رجل امرأة رجل من المشركين ، فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم قافلا ، أتى زوجها وكان غائبا ، فلما أخبر الخبر ، حلف لا ينتهي حتى يهريق في أصحاب محمد دما ، فخرج يتبع أثر رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم منزلا فقال : من رجل يكلؤنا ليلتنا ؟ فانتدب رجل من المهاجرين ورجل من الأنصار . فقالا : نحن يا رسول الله . قال : فكونا بفم الشعب من الوادي . وهما عمار بن ياسر ، وعباد بن بشر ، فلما خرجا إلى فم الشعب قال الأنصاري للمهاجري : أي الليل تحب أن [ ص: 567 ] أكفيكه ; أوله أم آخره ؟ قال : بل اكفني أوله . فاضطجع المهاجري فنام ، وقام الأنصاري يصلي . قال : وأتى الرجل ، فلما رأى شخص الرجل ، عرف أنه ربيئة القوم ، فرمى بسهم فوضعه فيه ، فانتزعه ووضعه ، وثبت قائما . قال : ثم رمى بسهم آخر فوضعه فيه . قال : فانتزعه ، فوضعه وثبت قائما . قال : ثم عاد له بالثالث ، فوضعه فيه فنزعه فوضعه ، ثم ركع وسجد ، ثم أهب صاحبه ، فقال : اجلس فقد أثبت . قال : فوثب الرجل ، فلما رآهما الرجل ، عرف أنه قد نذرا به ، فهرب . قال : ولما رأى المهاجري ما بالأنصاري من الدماء قال : سبحان الله ! أفلا أهببتني أول ما رماك ؟ ! قال : كنت في سورة أقرؤها ، فلم أحب أن أقطعها حتى أنفذها ، فلما تابع علي الرمي ركعت فآذنتك ، وايم الله لولا أن أضيع ثغرا أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفظه ، لقطع نفسي قبل أن أقطعها أو أنفذها . هكذا ذكره خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة ابن إسحاق في المغازي . وقد رواه أبو داود ، عن أبي توبة ، عن ، عن عبد الله بن المبارك ابن إسحاق به . [ ص: 568 ]
وقد ذكر الواقدي ، عن عبد الله العمري ، عن أخيه عبيد الله ، عن ، عن القاسم بن محمد صالح بن خوات عن أبيه حديث صلاة الخوف بطوله قال : وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أصاب في محالهم نسوة ، وكان في السبي جارية وضيئة ، وكان زوجها يحبها ، فحلف ليطلبن محمدا ، ولا يرجع حتى يصيب دما أو يخلص صاحبته . ثم ذكر من السياق نحو ما أورده محمد بن إسحاق .
قال الواقدي : وكان يقول : جابر بن عبد الله بينا أنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاء رجل من أصحابه بفرخ طائر ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر إليه ، فأقبل إليه أبواه أو أحدهما ، حتى طرح نفسه في يدي الذي أخذ فرخه ، فرأيت أن الناس عجبوا من ذلك ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أتعجبون من هذا الطائر ؟ ! أخذتم فرخه فطرح نفسه رحمة لفرخه ، فوالله من هذا الطائر بفرخه لربكم أرحم بكم