[ ص: 229 ] ذكر سياق  البخاري  لعمرة الحديبية  
قال في كتاب المغازي : حدثنا عبد الله بن محمد  ، حدثنا سفيان  ، سمعت الزهري  حين حدث هذا الحديث ، حفظت بعضه ، وثبتني معمر  ، عن عروة بن الزبير  ، عن المسور بن مخرمة   ومروان بن الحكم  ، يزيد أحدهما على صاحبه ، قالا : خرج النبي صلى الله عليه وسلم عام الحديبية  في بضع عشرة مائة من أصحابه ، فلما أتى ذا الحليفة  قلد الهدي وأشعره ، وأحرم منها بعمرة ، وبعث عينا له من خزاعة ،  وسار النبي صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان بغدير الأشطاط  أتاه عينه ، قال : إن قريشا  قد جمعوا لك جموعا ، وقد جمعوا لك الأحابيش ، وهم مقاتلوك وصادوك عن البيت ومانعوك . فقال : " أشيروا أيها الناس علي ، أترون أن أميل إلى عيالهم ، وذراري هؤلاء الذين يريدون أن يصدونا عن البيت ؟ فإن يأتونا كان الله قد قطع عينا من المشركين وإلا تركناهم محرومين " . قال أبو بكر    : يا رسول الله ، خرجت عامدا لهذا البيت لا تريد قتل أحد ولا حرب أحد ، فتوجه له ، فمن صدنا عنه قاتلناه ، قال : " امضوا على اسم الله هكذا رواه هاهنا ووقف ولم يزد شيئا على هذا .   [ ص: 230 ] 
وقال في كتاب الشهادات : حدثني عبد الله بن محمد  ، حدثنا عبد الرزاق  ، أنبأنا معمر  ، أخبرني الزهري  ، أخبرني عروة بن الزبير  ، ، عن المسور بن مخرمة   ومروان بن الحكم  ، يصدق كل واحد منهما حديث صاحبه ، قالا : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم زمن الحديبية ،  حتى إذا كانوا ببعض الطريق ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : " إن خالد بن الوليد  بالغميم ،  في خيل لقريش  طليعة ، فخذوا ذات اليمين " . فوالله ما شعر بهم خالد  حتى إذا هم بقترة الجيش ، فانطلق يركض نذيرا لقريش ،  وسار النبي صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان بالثنية  التي يهبط عليهم منها بركت به راحلته ، فقال الناس : حل حل . فألحت ، فقالوا : خلأت القصواء ، خلأت القصواء . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما خلأت القصواء ، وما ذاك لها بخلق ، ولكن حبسها حابس الفيل " . ثم قال : " والذي نفسي بيده لا يسألوني خطة يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها " . ثم زجرها فوثبت ، فعدل عنهم حتى نزل بأقصى الحديبية  ، على ثمد قليل الماء يتبرضه الناس تبرضا ، فلم يلبثه الناس حتى نزحوه ، وشكي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العطش ، فانتزع سهما من كنانته ، ثم أمرهم أن يجعلوه فيه ، فوالله مازال   [ ص: 231 ] يجيش لهم بالري حتى صدروا عنه ، فبينما هم كذلك إذ جاء بديل بن ورقاء الخزاعي  ، في نفر من قومه من خزاعة    - وكانوا عيبة نصح رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل تهامة    - فقال : إني تركت كعب بن لؤي  ، وعامر بن لؤي  نزلوا أعداد مياه الحديبية ،  معهم العوذ المطافيل وهم مقاتلوك وصادوك عن البيت . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " إنا لم نجئ لقتال أحد ، ولكن جئنا معتمرين ، وإن قريشا  قد نهكتهم الحرب وأضرت بهم ، فإن شاءوا ماددتهم مدة ، ويخلوا بيني وبين الناس ، فإن أظهر ، فإن شاءوا أن يدخلوا فيما دخل فيه الناس فعلوا ، وإلا فقد جموا ، وإن هم أبوا ، فوالذي نفسي بيده لأقاتلنهم على أمري هذا حتى تنفرد سالفتي ، ولينفذن أمر الله " . قال بديل    : سأبلغهم ما تقول . فانطلق حتى أتى قريشا ،  فقال : إنا قد جئناكم من عند هذا الرجل ، وسمعناه يقول قولا ، فإن شئتم أن نعرضه عليكم فعلنا . فقال سفهاؤهم : لا حاجة لنا أن تخبرنا عنه بشيء . وقال ذوو الرأي منهم : هات ما سمعته يقول . قال : سمعته يقول كذا وكذا فحدثهم بما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقام عروة بن مسعود  فقال : أي قوم ، ألستم بالوالد ؟ قالوا : بلى . قال : أو لست بالولد ؟ قالوا : بلى . قال : فهل تتهموني ؟ قالوا : لا . قال : ألستم تعلمون أني استنفرت أهل عكاظ ،  فلما بلحوا علي جئتكم بأهلي وولدي ومن أطاعني ؟ قالوا : بلى .   [ ص: 232 ] قال : فإن هذا قد عرض لكم خطة رشد اقبلوها ودعوني آته . فقالوا : ائته . فأتاه ، فجعل يكلم النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم نحوا من قوله لبديل  ، فقال عروة  عند ذلك : أي محمد ،  أرأيت إن استأصلت أمر قومك ، هل سمعت بأحد من العرب اجتاح أهله قبلك ؟ وإن تكن الأخرى ، فإني والله لا أرى وجوها ، وإني لأرى أشوابا من الناس خليقا أن يفروا ويدعوك . فقال له أبو بكر    : امصص بظر اللات ، أنحن نفر عنه وندعه ؟ قال : من ذا ؟ قالوا : أبو بكر    . قال : أما والذي نفسي بيده لولا يد كانت لك عندي لم أجزك بها ، لأجبتك . قال : وجعل يكلم النبي صلى الله عليه وسلم ، فكلما تكلم أخذ بلحيته ،  والمغيرة بن شعبة  قائم على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومعه السيف وعليه المغفر ، فكلما أهوى عروة  بيده إلى لحية رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب يده بنعل السيف ، وقال له : أخر يدك عن لحية رسول الله صلى الله عليه وسلم . فرفع عروة  رأسه فقال : من هذا ؟ قالوا : المغيرة بن شعبة  فقال : أي غدر ، ألست أسعى في غدرتك ؟ وكان المغيرة بن شعبة  صحب قوما في الجاهلية فقتلهم وأخذ أموالهم ، ثم جاء فأسلم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " أما الإسلام فأقبل ، وأما المال فلست منه في شيء " . ثم إن عروة  جعل يرمق أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بعينيه ، قال : فوالله ما تنخم رسول الله صلى الله عليه وسلم نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم ، فدلك بها وجهه وجلده ، وإذا   [ ص: 233 ] أمرهم ابتدروا أمره ، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه ، وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده ، وما يحدون إليه النظر تعظيما له . فرجع عروة  إلى أصحابه فقال : أي قوم ، والله لقد وفدت على الملوك ؛ وفدت على قيصر   وكسرى   والنجاشي  ، والله إن رأيت ملكا قط يعظمه أصحابه ما يعظم أصحاب محمد  محمدا ،  والله إن تنخم نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم فدلك بها وجهه وجلده ، وإذا أمرهم ابتدروا أمره ، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه ، وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده ، وما يحدون النظر إليه تعظيما له ، وإنه قد عرض عليكم خطة رشد فاقبلوها . فقال رجل من بني كنانة : دعوني آته . فقالوا : ائته . فلما أشرف على النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " هذا فلان ، وهو من قوم يعظمون البدن فابعثوها له " . فبعثت له ، واستقبله الناس يلبون ، فلما رأى ذلك قال : سبحان الله! ما ينبغي لهؤلاء أن يصدوا عن البيت    . فلما رجع إلى أصحابه قال : رأيت البدن قد قلدت وأشعرت ، فما أرى أن يصدوا عن البيت ،  فقام رجل منهم يقال له : مكرز بن حفص    . فقال : دعوني آته . قالوا : ائته . فلما أشرف عليهم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " هذا مكرز  ، وهو رجل فاجر " . فجعل يكلم النبي صلى الله عليه وسلم ، فبينما هو يكلمه إذ جاء  سهيل بن عمرو    . 
قال معمر    : فأخبرني أيوب  ، عن عكرمة  أنه لما جاء  سهيل بن عمرو  قال   [ ص: 234 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لقد سهل لكم من أمركم قال معمر    : قال الزهري  في حديثه : فجاء سهيل  فقال : هات اكتب بيننا وبينكم كتابا . فدعا النبي صلى الله عليه وسلم الكاتب ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " اكتب بسم الله الرحمن الرحيم " . فقال سهيل    : أما الرحمن ، فوالله ما أدري ما هو ، ولكن اكتب باسمك اللهم ، كما كنت تكتب . فقال المسلمون : والله لا نكتبها إلا بسم الله الرحمن الرحيم . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " اكتب باسمك اللهم " . ثم قال : " هذا ما قاضى عليه محمد  رسول الله " . فقال سهيل    : والله لو كنا نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت ولا قاتلناك ، ولكن اكتب محمد بن عبد الله    . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " والله إني لرسول الله وإن كذبتموني ، اكتب محمد بن عبد الله " .  قال الزهري    : وذلك لقوله : " لا يسألوني خطة يعظمون فيها حرمات الله ، إلا أعطيتهم إياها " . فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : " على أن تخلوا بيننا وبين البيت فنطوف به " . قال سهيل    : والله لا تتحدث العرب أنا أخذنا ضغطة ، ولكن ذلك من العام المقبل ، فكتب ، فقال سهيل    : وعلى أنه لا يأتيك منا رجل ، وإن كان على دينك ، إلا رددته إلينا . قال المسلمون : سبحان الله! كيف يرد إلى المشركين وقد جاء مسلما . فبينما هم كذلك إذ جاء  أبو جندل بن سهيل بن عمرو  يرسف في قيوده ، وقد خرج من أسفل مكة  حتى رمى بنفسه بين أظهر المسلمين ، فقال سهيل    : هذا يا محمد ،  أول من أقاضيك عليه أن ترده إلي . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " إنا لم نقض الكتاب بعد " . قال : فوالله إذا لم أصالحك على شيء أبدا . قال النبي صلى الله عليه وسلم : " فأجزه لي " . قال : ما أنا بمجيزه لك . قال : " بلى ، فافعل " . قال : ما أنا بفاعل . قال مكرز    : بل قد أجزناه لك . قال  أبو جندل    : أي معشر المسلمين ، أرد إلى المشركين وقد جئت   [ ص: 235 ] مسلما ؟ ألا ترون ما قد لقيت ؟! - وكان قد عذب عذابا شديدا في الله - قال : فقال عمر  ، رضي الله عنه : فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : ألست نبي الله حقا ؟ قال : " بلى " . قلت : ألسنا على الحق ، وعدونا على الباطل ؟ قال : " بلى " . قلت : فلم نعطي الدنية في ديننا إذن ؟! . قال : " إني رسول الله ، ولست أعصيه وهو ناصري " . قلت : أولست كنت تحدثنا أنا سنأتي البيت فنطوف به ؟ قال : " بلى ، فأخبرتك أنا نأتيه العام ؟ " قال : قلت : لا . قال : " فإنك آتيه ومطوف به " . قال : فأتيت أبا بكر  فقلت : يا أبا بكر  ، أليس هذا نبي الله حقا ؟ قال : بلى . قلت : ألسنا على الحق ، وعدونا على الباطل ؟ . قال : بلى . قال : قلت : فلم نعطي الدنية في ديننا إذن ؟ قال : أيها الرجل ، إنه لرسول الله ، وليس يعصي ربه ، وهو ناصره ، فاستمسك بغرزه ، فوالله إنه على الحق . قلت : أليس كان يحدثنا أنا سنأتي البيت ونطوف به ؟ قال : بلى ، أفأخبرك أنك تأتيه العام ؟ فقلت : لا . قال : فإنك آتيه ومطوف به . 
قال الزهري    : قال عمر    : فعملت لذلك أعمالا . قال : فلما فرغ من قضية الكتاب ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه : " قوموا فانحروا ثم احلقوا " . قال : فوالله ما قام منهم رجل حتى قال ذلك ثلاث مرات ، فلما لم يقم منهم أحد دخل على أم سلمة ،  فذكر لها ما لقي من الناس ، فقالت أم سلمة    : يا نبي الله ، أتحب ذلك ؟ اخرج ثم لا تكلم أحدا منهم كلمة حتى تنحر بدنك ، وتدعو حالقك فيحلقك . فخرج فلم يكلم أحدا منهم حتى فعل ذلك ؛ نحر   [ ص: 236 ] بدنه ودعا حالقه فحلقه ، فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا ، وجعل بعضهم يحلق بعضا ، حتى كاد بعضهم يقتل بعضا غما . ثم جاءه نسوة مؤمنات ، فأنزل الله تعالى : يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن  حتى بلغ بعصم الكوافر    ( الممتحنة : 1 ) فطلق عمر  يومئذ امرأتين كانتا له في الشرك ، فتزوج إحداهما  معاوية بن أبي سفيان  ، والأخرى صفوان بن أمية  ثم رجع النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة  فجاءه أبو بصير    - رجل من قريش    - وهو مسلم  ، فأرسلوا في طلبه رجلين فقالوا : العهد الذي جعلت لنا . فدفعه إلى الرجلين ، فخرجا به حتى بلغا ذا الحليفة ،  فنزلوا يأكلون من تمر لهم ، فقال أبو بصير  لأحد الرجلين : والله إني لأرى سيفك هذا يا فلان جيدا . فاستله الآخر فقال : أجل والله إنه لجيد ، لقد جربت به ، ثم جربت به ، ثم جربت . فقال أبو بصير    : أرني أنظر إليه . فأمكنه منه ، فضربه به حتى برد ، وفر الآخر حتى أتى المدينة  ، فدخل المسجد يعدو ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رآه : " لقد رأى هذا ذعرا " . فلما انتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال : قتل والله صاحبي وإني لمقتول . فجاء أبو بصير  فقال : يا نبي الله ، قد والله أوفى الله ذمتك ، قد رددتني إليهم ، ثم أنجاني الله منهم . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " ويل امه ، مسعر حرب ، لو كان له   [ ص: 237 ] أحد " . فلما سمع ذلك عرف أنه سيرده إليهم ، فخرج حتى أتى سيف البحر . قال : وينفلت منهم  أبو جندل بن سهيل بن عمرو  ، فلحق بأبي بصير  ، فجعل لا يخرج من قريش  رجل قد أسلم إلا لحق بأبي بصير  ، حتى اجتمعت منهم عصابة ، فوالله ما يسمعون بعير خرجت لقريش  إلى الشام  إلا اعترضوا لها فقتلوهم وأخذوا أموالهم ، فأرسلت قريش  إلى النبي صلى الله عليه وسلم تناشده الله والرحم لما أرسل إليهم ، فمن أتاه فهو آمن ، فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إليهم ، فأنزل الله تعالى : وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم  حتى بلغ الحمية حمية الجاهلية    ( الفتح : 24 26 ) . وكانت حميتهم أنهم لم يقروا أنه نبي الله ، ولم يقروا ببسم الله الرحمن الرحيم ، وحالوا بينهم وبين البيت . فهذا السياق فيه زيادات وفوائد حسنة ليست في رواية ابن إسحاق  عن الزهري  ، فقد رواه عن الزهري  جماعة ؛ منهم سفيان بن عيينة  ، ومعمر  ،  ومحمد بن إسحاق  ، كلهم عن الزهري  ، عن عروة  ، عن مروان  ومسور  ، فذكر القصة . 
وقد رواه  البخاري  في أول كتاب الشروط ، عن يحيى بن بكير  ، عن   [ ص: 238 ] الليث بن سعد  ، عن عقيل  ، عن الزهري  ، عن عروة  ، عن  مروان بن الحكم   والمسور بن مخرمة  ، عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكر القصة . وهذا هو الأشبه ؛ فإن مروان  ، ومسورا  كانا صغيرين يوم الحديبية  ، والظاهر أنهما أخذاه عن الصحابة ، رضي الله عنهم أجمعين . 
وقال  البخاري    : حدثنا الحسن بن إسحاق  ، حدثنا محمد بن سابق  ، حدثنا  مالك بن مغول  ، سمعت أبا حصين  قال : قال أبو وائل    : لما قدم سهل بن حنيف  من صفين  أتيناه نستخبره ، فقال : اتهموا الرأي ، فلقد رأيتني يوم  أبي جندل  ولو أستطيع أن أرد على رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره لرددت ، والله ورسوله أعلم ، وما وضعنا أسيافنا على عواتقنا لأمر يفظعنا إلا أسهلن بنا إلى أمر نعرفه قبل هذا الأمر ، ما نسد منها خصما إلا انفجر علينا خصم ، ما ندري كيف نأتي له . 
وقال  البخاري    : حدثنا عبد الله بن يوسف  ، أخبرنا مالك  ، عن  زيد بن أسلم  ، عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسير في بعض أسفاره ، وكان عمر بن الخطاب  يسير معه ليلا ، فسأله عمر بن الخطاب  عن شيء فلم يجبه رسول الله   [ ص: 239 ] صلى الله عليه وسلم ، ثم سأله فلم يجبه ، ثم سأله فلم يجبه ، فقال عمر بن الخطاب  ثكلتك أمك يا عمر  ، نزرت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات ، كل ذلك لا يجيبك . قال عمر    : فحركت بعيري ثم تقدمت أمام المسلمين ، وخشيت أن ينزل في قرآن ، فما نشبت أن سمعت صارخا يصرخ بي ، قال : فقلت : لقد خشيت أن يكون نزل في قرآن ، فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلمت عليه فقال : " لقد أنزلت علي الليلة سورة لهي أحب إلي مما طلعت عليه الشمس " . ثم قرأ : إنا فتحنا لك فتحا مبينا    ( الفتح 1 )   . 
قلت : وقد تكلمنا على سورة " الفتح " بكمالها في كتابنا " التفسير " بما فيه كفاية ، ولله الحمد والمنة ، ومن أحب أن يكتب ذلك هنا فليفعل . 
				
						
						
