فصل استقبال رسول الله عبد الله بن جعفر  
قال ابن إسحاق :  فحدثني محمد بن جعفر بن الزبير ،  عن عروة بن الزبير  قال : فلما دنوا من المدينة  تلقاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون ، قال : ولقيهم الصبيان يشتدون ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم مقبل مع القوم على دابة ، فقال : " خذوا الصبيان فاحملوهم وأعطوني ابن جعفر " . فأتي بعبد الله بن جعفر ، فأخذه فحمله بين يديه . قال : وجعل الناس يحثون على الجيش التراب ويقولون : يا فرار ، فررتم في سبيل الله ؟! قال : فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ليسوا بالفرار ، ولكنهم الكرار إن شاء الله وهذا مرسل   [ ص: 446 ]   . 
وقد قال الإمام أحمد    : ثنا أبو معاوية ،  ثنا عاصم ،  عن مورق العجلي ،  عن عبد الله بن جعفر  قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قدم من سفر تلقي بالصبيان من أهل بيته ، وإنه قدم من سفر فسبق بي إليه . قال : فحملني بين يديه . قال : ثم جيء بأحد ابني فاطمة ، إما حسن وإما حسين ، فأردفه خلفه ، فدخلنا المدينة ثلاثة على دابة وقد رواه مسلم  وأبو داود   والنسائي   وابن ماجه  من حديث عاصم الأحول ،  عن مورق  به . 
وقال الإمام أحمد    : ثنا روح ،  حدثنا  ابن جريج ،  ثنا جعفر بن خالد بن سارة ،  أن أباه أخبره أن عبد الله بن جعفر  قال : لو رأيتني وقثم  وعبيد الله  ابني العباس  ونحن صبيان نلعب ، إذ مر النبي صلى الله عليه وسلم على دابة فقال : " ارفعوا هذا إلي " . فحملني أمامه وقال لقثم : " ارفعوا هذا إلي " . فجعله وراءه ، وكان عبيد الله  أحب إلى عباس  من قثم  ، فما استحى من عمه أن حمل قثم  وتركه . قال : ثم مسح على رأسي ثلاثا . وقال كلما مسح : " اللهم اخلف جعفرا  في ولده قال : قلت لعبد الله    : ما فعل قثم ؟  قال : استشهد . قال : قلت : الله ورسوله أعلم بالخير . قال : أجل . ورواه  النسائي  في " اليوم والليلة " من حديث  ابن جريج ،  به   [ ص: 447 ]   . 
وهذا كان بعد الفتح ، فإن العباس  إنما قدم المدينة  بعد الفتح ، فأما الحديث الذي رواه الإمام أحمد    : ثنا إسماعيل ،  ثنا حبيب بن الشهيد ،  عن  عبد الله بن أبي مليكة ،  قال : قال عبد الله بن جعفر  لابن الزبير    : أتذكر إذ تلقينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا وأنت وابن عباس ؟  قال : نعم . فحملنا وتركك   . 
هكذا رأيته في المسند ، وكأنه غلط في النسخة ، فإنه من مسند عبد الله بن جعفر ،  فصوابه : قال عبد الله بن الزبير   لعبد الله بن جعفر    : أتذكر إذ تلقينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا وأنت وابن عباس ؟ قال : نعم ، فحملنا وتركك   . وبهذا اللفظ أخرجه  البخاري ،  ومسلم  من حديث حبيب بن الشهيد ،  وهذا يعد من الأجوبة المسكتة ، ويروى أن  عبد الله بن عباس  أجاب به ابن الزبير  أيضا ، وهذه القصة قصة أخرى كانت بعد الفتح ، كما قدمنا بيانه . والله أعلم . 
				
						
						
