قال ابن إسحاق : وكان جميع من شهد فتح مكة من المسلمين عشرة آلاف ، من بني سليم سبعمائة ، ويقول بعضهم : ألف . ومن بني غفار أربعمائة ، ومن أسلم أربعمائة ، ومن مزينة ألف وثلاثة نفر ، وسائرهم من قريش والأنصار وحلفائهم وطوائف العرب من تميم وقيس وأسد . وقال عروة والزهري : كان المسلمون يوم الفتح الذين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم اثني عشر ألفا . فالله أعلم . وموسى بن عقبة
قال ابن إسحاق : وكان مما قيل من قول الشعر في يوم الفتح حسان بن ثابت
عفت ذات الأصابع فالجواء إلى عذراء منزلها خلاء [ ص: 591 ] ديار من بني الحسحاس قفر
تعفيها الروامس والسماء وكانت لا يزال بها أنيس
خلال مروجها نعم وشاء فدع هذا ولكن من لطيف
يؤرقني إذا ذهب العشاء لشعثاء التي قد تيمته
فليس لقلبه منها شفاء كأن خبيئة من بيت رأس
يكون مزاجها عسل وماء إذا ما الأشربات ذكرن يوما
فهن لطيب الراح الفداء نوليها الملامة إن ألمنا
إذا ما كان مغث أو لحاء ونشربها فتتركنا ملوكا
وأسدا ما ينهنهنا اللقاء [ ص: 92 ] عدمنا خيلنا إن لم تروها
تثير النقع موعدها كداء ينازعن الأعنة مصغيات
على أكتافها الأسل الظماء تظل جيادنا متمطرات
يلطمهن بالخمر النساء فإما تعرضوا عنا اعتمرنا
وكان الفتح وانكشف الغطاء وإلا فاصبروا لجلاد يوم
يعز الله فيه من يشاء وجبريل رسول الله فينا
وروح القدس ليس له كفاء وقال الله قد أرسلت عبدا
يقول الحق إن نفع البلاء شهدت به فقوموا صدقوه
فقلتم لا نقوم ولا نشاء وقال الله قد سيرت جندا
هم الأنصار عرضتها اللقاء لنا في كل يوم من معد
سباب أو قتال أو هجاء فنحكم بالقوافي من هجانا
ونضرب حين تختلط الدماء ألا أبلغ أبا سفيان عني
مغلغلة . فقد برح الخفاء بأن سيوفنا تركتك عبدا
وعبد الدار سادتها الإماء هجوت محمدا فأجبت عنه
وعند الله في ذاك الجزاء [ ص: 593 ] أتهجوه ولست له بكفء
فشركما لخيركما الفداء هجوت مباركا برا حنيفا
أمين الله شيمته الوفاء أمن يهجو رسول الله منكم
ويمدحه وينصره سواء فإن أبي ووالده وعرضي
لعرض محمد منكم وقاء لساني صارم لا عيب فيه
وبحري لا تكدره الدلاء
قلت : والذي قاله متوجه ، لما في أثناء هذه القصيدة مما يدل على ذلك ، وأبو سفيان المذكور في البيت هو . أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب
قال ابن هشام : وبلغني عن الزهري أنه قال : أبي بكر ، رضي الله عنه . لما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم النساء يلطمن الخيل بالخمر ، تبسم إلى
قال ابن إسحاق : وقال أنس بن زنيم الدئلي ، يعتذر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مما كان قال فيهم عمرو بن سالم الخزاعي - يعني لما جاء يستنصر عليهم ، كما تقدم - :
أأنت الذي تهدى معد بأمره بل الله يهديهم وقال لك اشهد
وما حملت من ناقة فوق رحلها أبر وأوفى ذمة من محمد [ ص: 594 ]
أحث على خير وأسبغ نائلا إذا راح كالسيف الصقيل المهند
وأكسى لبرد الخال قبل ابتذاله وأعطى لرأس السابق المتجرد
تعلم رسول الله أنك مدركي وأن وعيدا منك كالأخذ باليد
تعلم رسول الله أنك قادر على كل صرم متهمين ومنجد
تعلم بأن الركب ركب عويمر هم الكاذبون المخلفو كل موعد
ونبوا رسول الله أني هجوته فلا حملت سوطي إلي إذن يدي
سوى أنني قد قلت ويل ام فتية أصيبوا بنحس لا بطلق وأسعد
أصابهم من لم يكن لدمائهم كفاء فعزت عبرتي وتبلدي
وإنك قد أخفرت إن كنت ساعيا بعبد بن عبد الله وابنة مهود [ ص: 595 ]
ذؤيب وكلثوم وسلمى تتابعوا جميعا فإن لا تدمع العين أكمد
وسلمى وسلمى ليس حي كمثله وإخوته وهل ملوك كأعبد
فإني لا دينا فتقت ولا دما هرقت تبين عالم الحق واقصد
نفى أهل الحبلق كل فج مزينة غدوة وبنو خفاف
ضربناهم بمكة يوم فتح الن بي الخير بالبيض الخفاف
صبحناهم بسبع من سليم وألف من بني عثمان واف
نطأ أكتافهم ضربا وطعنا ورشقا بالمريشة اللطاف
ترى بين الصفوف لها حفيفا كما انصاع الفواق من الرصاف
فرحنا والجياد تجول فيهم بأرماح مقومة الثقاف
فأبنا غانمين بما اشتهينا وآبوا نادمين على الخلاف [ ص: 596 ]
وأعطينا رسول الله منا مواثقنا على حسن التصافي
وقد سمعوا مقالتنا فهموا غداة الروع منا بانصراف
منا بمكة يوم فتح محمد ألف تسيل به البطاح مسوم
نصروا الرسول وشاهدوا آياته وشعارهم يوم اللقاء مقدم
في منزل ثبتت به أقدامهم ضنك كأن الهام فيه الحنتم
جرت سنابكها بنجد قبلها حتى استقام لها الحجاز الأدهم
الله مكنه له وأذله حكم السيوف لنا وجد مزحم
عود الرياسة شامخ عرنينه متطلع ثغر المكارم خضرم
قل للقبائل من سليم كلها أودى ضمار وعاش أهل المسجد
إن الذي ورث النبوة والهدى بعد ابن مريم من قريش مهتدي
أودى ضمار وكان يعبد مرة قبل الكتاب إلى النبي محمد