حمير إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال قدوم رسول ملوك الواقدي وكان ذلك في رمضان سنة تسع .
قال ابن إسحاق : وقدم على رسول الله كتاب ملوك حمير ورسلهم [ ص: 318 ] بإسلامهم مقدمه من تبوك وهم ; الحارث بن عبد كلال ، ونعيم بن عبد كلال ، والنعمان قيل ذي رعين ومعافر وهمدان ، وبعث إليه زرعة ذو يزن مالك بن مرة الرهاوي بإسلامهم ومفارقتهم الشرك وأهله ، محمد رسول الله النبي إلى الحارث بن عبد كلال ونعيم بن عبد كلال والنعمان قيل ذي رعين ومعافر وهمدان أما بعد ذلكم ; فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو ، فإنه قد وقع بنا رسولكم منقلبنا من أرض الروم ، فلقينا بالمدينة ، فبلغ ما أرسلتم به ، وخبر ما قبلكم ، وأنبأنا بإسلامكم ، وقتلكم المشركين ، وأن الله قد هداكم بهداه ، إن أصلحتم وأطعتم الله ورسوله ، وأقمتم الصلاة ، وآتيتم الزكاة ، وأعطيتم من المغانم خمس الله ، وسهم النبي صلى الله عليه وسلم وصفيه ، وما كتب على المؤمنين في الصدقة ; من العقار عشر ما سقت العين وسقت السماء ، وعلى ما سقى الغرب نصف العشر ، وأن في الإبل في الأربعين ابنة لبون ، وفي ثلاثين من الإبل ابن لبون ذكر ، وفي كل خمس من الإبل شاة ، وفي كل عشر من الإبل شاتان ، وفي [ ص: 319 ] كل أربعين من البقر بقرة ، وفي كل ثلاثين من البقر تبيع جذع أو جذعة ، وفي كل أربعين من الغنم سائمة وحدها شاة ، وإنها فريضة الله التي فرض على المؤمنين في الصدقة ، فمن زاد خيرا فهو خير له ، ومن أدى ذلك وأشهد على إسلامه وظاهر المؤمنين على المشركين ، فإنه من المؤمنين ، له ما لهم وعليه ما عليهم ، وله ذمة الله ، وذمة رسوله ، وإنه من أسلم من يهودي أو نصراني ، فإنه من المؤمنين ، له ما لهم وعليه ما عليهم ، ومن كان على يهوديته أو نصرانيته فإنه لا يرد عنها وعليه الجزية ; على كل حالم ذكر أو أنثى ، حر أو عبد ، دينار واف من قيمة المعافر أو عوضه ثيابا ، فمن أدى ذلك إلى رسول الله ، فإن له ذمة الله ، وذمة رسوله ، ومن منعه فإنه عدو لله ولرسوله .
أما بعد ; فإن رسول الله محمدا النبي أرسل إلى زرعة ذي يزن أن إذا أتاك رسلي فأوصيكم بهم خيرا ; معاذ بن جبل ، وعبد الله بن زيد ، ومالك بن عبادة ، وعقبة بن نمر ، ومالك بن مرة وأصحابهم ، وأن اجمعوا ما عندكم من الصدقة والجزية من مخاليفكم ، وأبلغوها رسلي ، وإن أميرهم معاذ بن جبل ، فلا ينقلبن إلا راضيا .
أما بعد ; فإن محمدا يشهد أن لا إله إلا الله وأنه عبده ورسوله ، ثم إن مالك بن مرة الرهاوي قد حدثني أنك أسلمت من أول حمير ، وقتلت المشركين ، [ ص: 320 ] فأبشر بخير ، وآمرك بحمير خيرا ، ولا تخونوا ولا تخاذلوا ، فإن رسول الله هو مولى غنيكم وفقيركم ، وإن الصدقة لا تحل لمحمد ولا لأهل بيته ، وإنما هي زكاة يزكى بها على فقراء المسلمين وابن السبيل وإن قد بلغ الخبر وحفظ الغيب ، فآمركم به خيرا ، وإني قد أرسلت إليكم من صالحي أهلي وأولي دينهم وأولي علمهم ، فآمركم بهم خيرا ، فإنهم منظور إليهم ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته " . مالكا فكتب إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم " بسم الله الرحمن الرحيم من
وقد قال : حدثنا الإمام أحمد حسن ، حدثنا عمارة ، عن ثابت ، عن أنس بن مالك أن مالك ذي يزن أهدى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حلة قد أخذها بثلاثة وثلاثين بعيرا وثلاثة وثلاثين ناقة . ورواه أبو داود ، عن ، عن عمرو بن عون الواسطي عمارة بن زاذان الصيدلاني ، عن ثابت البناني ، عن أنس به .
وقد أورد هاهنا حديث كتاب الحافظ البيهقي عمرو بن حزم ، فقال : أنبأنا أبو عبد الله الحافظ ، أنبأنا أبو العباس الأصم ، ثنا أحمد بن عبد الجبار ، ثنا ، عن يونس بن بكير محمد بن إسحاق حدثني عبد الله بن أبي بكر عن أبيه قال : هذا أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم لعمرو بن حزم حين بعثه إلى اليمن يفقه أهلها ، ويعلمهم السنة ، ويأخذ صدقاتهم ، فكتب له كتابا وعهدا ، وأمره فيه أمره فكتب : كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عندنا ، الذي كتبه " بسم الله [ ص: 321 ] الرحمن الرحيم ، هذا كتاب من الله ورسوله يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود ( المائدة : 1 ) عهدا من رسول الله لعمرو بن حزم حين بعثه إلى اليمن ; آمره بتقوى الله في أمره كله ، فإن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون " . وأمره أن يأخذ بالحق كما أمره الله ، وأن يبشر الناس بالخير ويأمرهم به ، ويفقههم في الدين ، وأن ينهى الناس ويعلم الناس القرآن ، فلا يمس أحد القرآن إلا وهو طاهر فإن وأن يخبر الناس بالذي لهم والذي عليهم ، ويلين لهم في الحق ، ويشتد عليهم في الظلم ، ، فقال عز وجل الله حرم الظلم ونهى عنه ألا لعنة الله على الظالمين الذين يصدون عن سبيل الله ( هود : 18 ، 19 ) وأن ، يبشر الناس بالجنة وبعملها ، ويستألف الناس حتى وينذر الناس النار وعملها ، ويعلم الناس يتفقهوا في الدين ، وما أمر الله به ، والحج الأكبر الحج ، والحج الأصغر العمرة ، وأن معالم الحج وسننه وفرائضه ، ينهى الناس أن يصلي الرجل في ثوب واحد صغير ، إلا أن يكون واسعا فيخالف بين طرفيه على عاتقيه ، ولا ينقض شعر رأسه إذا عفا في قفاه [ ص: 322 ] وينهى الناس إن كان بينهم هيج أن يدعوا إلى القبائل والعشائر ، وينهى أن يحتبي الرجل في ثوب واحد ، ويفضي بفرجه إلى السماء ، فمن لم يدع إلى الله ، عز وجل ، ودعا إلى العشائر والقبائل فليعطفوا بالسيف حتى يكون دعاؤهم إلى الله وحده لا شريك له ، ويأمر الناس وليكن دعاؤهم إلى الله وحده لا شريك له وجوههم وأيديهم إلى المرافق ، وأرجلهم إلى الكعبين ، وأن يمسحوا رءوسهم كما أمرهم الله عز وجل ، وأمروا بالصلاة لوقتها ، بإسباغ الوضوء ، وإتمام الركوع والسجود ، وأن يغلس بالصبح ، وأن يهجر بالهاجرة ، حتى تميل الشمس ، وصلاة العصر والشمس في الأرض مبددة ، والمغرب حين يقبل الليل ولا تؤخر حتى تبدو النجوم في السماء ، وأمره والعشاء أول الليل ، وأمره أن بالسعي إلى الجمعة إذا نودي بها ، والغسل عند الرواح إليها ، وما كتب على المؤمنين من يأخذ من المغانم خمس الله ، الصدقة من العقار فيما سقت العين وفيما سقت السماء العشر ، وما سقى القرب فنصف العشر ، [ ص: 323 ] وفي كل عشر من الإبل شاتان ، وفي عشرين أربع شياه ، وفي أربعين من البقر بقرة ، وفي وفي كل ثلاثين من البقر تبيع أو تبيعة جذع أو جذعة ، فإنها فريضة الله التي افترض على المؤمنين من الصدقة فمن زاد فهو خير له ، وإنه من أسلم من يهودي أو نصراني إسلاما خالصا من نفسه فدان دين الإسلام فإنه من المؤمنين ، له ما لهم وعليه ما عليهم ، ومن كان على يهوديته أو نصرانيته فإنه لا يغير عنها ، كل أربعين من الغنم سائمة وحدها شاة ، ومن منع ذلك فإنه عدو الله ورسوله والمؤمنين جميعا ، صلوات الله على وعلى كل حالم ذكر أو أنثى حر أو عبد دينار واف أو عوضه من الثياب ، فمن أدى ذلك فإن له ذمة الله ، عز وجل ، وذمة رسوله صلى الله عليه وسلم محمد ، والسلام عليه ورحمة الله وبركاته " .
قال : وقد روى الحافظ البيهقي سليمان بن داود ، عن الزهري ، عن ، عن أبيه ، عن جده هذا الحديث موصولا بزيادات كثيرة ونقصان عن بعض ما ذكرناه في الزكاة والديات وغير ذلك . أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم
قلت ومن هذا الوجه رواه في " سننه " مطولا الحافظ أبو عبد الرحمن النسائي ، وأبو داود في كتاب " المراسيل " ، وقد ذكرت ذلك بأسانيده وألفاظه في " السنن " ولله الحمد والمنة ، وسنذكر بعد الوفود بعث النبي صلى الله عليه وسلم الأمراء إلى اليمن لتعليم الناس وأخذ صدقاتهم وأخماسهم ; معاذ بن جبل وأبا موسى ، ، وخالد بن الوليد وعلي بن أبي طالب ، رضي الله عنهم أجمعين .