فصل في صفة قبره عليه الصلاة والسلام  
قد علم بالتواتر أنه ، عليه الصلاة والسلام ، دفن في حجرة عائشة   التي كانت تختص بها شرقي مسجده في الزاوية الغربية القبلية من الحجرة ، ثم دفن بعده فيها أبو بكر ،  ثم عمر ،  رضي الله عنهما . 
وقد قال  البخاري    : ثنا محمد بن مقاتل  ثنا عبد الله ،  ثنا أبو بكر بن عياش ،  عن سفيان التمار ،  أنه حدثه أنه رأى قبر النبي صلى الله عليه وسلم مسنما . تفرد به  البخاري    . 
 [ ص: 154 ] وقال أبو داود    : ثنا  أحمد بن صالح ،  ثنا ابن أبي فديك ،  أخبرني عمرو بن عثمان بن هانئ ،  عن القاسم  قال : دخلت على عائشة ،  وقلت لها يا أمه ، اكشفي لي عن قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبيه ، فكشفت لي عن ثلاثة قبور لا مشرفة ولا لاطئة ، مبطوحة ببطحاء العرصة الحمراء . 
النبي صلى الله عليه وسلم 
أبو بكر  رضي الله عنه 
عمر  رضي الله عنه 
تفرد به أبو داود    . 
وقد رواه  الحاكم   والبيهقي  من حديث ابن أبي فديك ،  عن عمرو بن عثمان ،  عن القاسم  قال : فرأيت النبي ، عليه الصلاة والسلام ، مقدما وأبو بكر  رأسه بين كتفي النبي صلى الله عليه وسلم ، وعمر  رأسه عند رجل النبي صلى الله عليه وسلم . قال  البيهقي    : وهذه الرواية تدل على أن قبورهم مسطحة ; لأن الحصباء لا تثبت إلا على المسطح . وهذا عجيب من  البيهقي ،  رحمه الله ; فإنه ليس في الرواية ذكر الحصباء بالكلية ، وبتقدير ذلك فيمكن أن يكون مسنما ، وعليه الحصباء مغروزة بالطين ونحوه . 
 [ ص: 155 ] وقد روى الواقدي ،  عن الدراوردي  عن  جعفر بن محمد ،  عن أبيه قال : جعل قبر النبي صلى الله عليه وسلم مسطحا . 
وقال  البخاري    : ثنا فروة بن أبي المغراء ،  ثنا علي بن مسهر ،  عن  هشام بن عروة ،  عن أبيه قال : لما سقط عليهم الحائط في زمان  الوليد بن عبد الملك  أخذوا في بنائه ، فبدت لهم قدم ففزعوا فظنوا أنه قدم النبي صلى الله عليه وسلم ، فما وجد واحد يعلم ذلك ، حتى قال لهم عروة    : لا والله ما هي قدم النبي صلى الله عليه وسلم ما هي إلا قدم عمر    . 
وعن هشام  عن أبيه ، عن عائشة ،  أنها أوصت عبد الله بن الزبير  لا تدفني معهم ، وادفني مع صواحبي بالبقيع ،  لا أزكى به أبدا   . 
قلت : كان  الوليد بن عبد الملك  حين ولي الإمارة في سنة ست وثمانين ، قد شرع في بناء جامع دمشق  ، وكتب إلى نائبه بالمدينة ،  ابن عمه عمر بن عبد العزيز ،  أن يوسع في مسجد المدينة  فوسعه حتى من ناحية الشرق ، فدخلت الحجرة النبوية فيه . 
وقد روى الحافظ  ابن عساكر  بسنده ، عن زاذان  مولى الفرافصة ، وهو الذي بنى المسجد النبوي  أيام ولاية عمر بن عبد العزيز  على المدينة  فذكر عن   [ ص: 156 ]  سالم بن عبد الله  نحو ما ذكره  البخاري ،  وحكى صفة القبور ، كما رواه أبو داود    . 
				
						
						
