ذكر ما ورد من التعزية به عليه الصلاة والسلام  
قال ابن ماجه    : حدثنا الوليد بن عمرو بن السكين ،  ثنا أبو همام ، وهو محمد بن الزبرقان الأهوازي ،  ثنا موسى بن عبيدة ،  ثنا مصعب بن محمد ،  عن  أبي سلمة بن عبد الرحمن ،  عن عائشة  قالت : فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم بابا بينه وبين الناس ، أو كشف سترا ، فإذا الناس يصلون وراء أبي بكر ،  فحمد الله على ما رأى من حسن حالهم ; رجاء أن يخلفه الله فيهم بالذي رآهم ، فقال :   " يا أيها   [ ص: 165 ] الناس ، أيما أحد من الناس أو من المؤمنين أصيب بمصيبة ، فليتعز بمصيبته بي عن المصيبة التي تصيبه بغيري ، فإن أحدا من أمتي لن يصاب بمصيبة بعدي أشد عليه من مصيبتي " تفرد به ابن ماجه    . 
وقال الحافظ  البيهقي    : أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الفقيه ،  ثنا شافع بن محمد ،  ثنا  أبو جعفر بن سلامة الطحاوي ،  ثنا المزني ،  ثنا  الشافعي ،  عن القاسم بن عبد الله بن عمر بن حفص ،  عن  جعفر بن محمد ،  عن أبيه أن رجالا من قريش  دخلوا على أبيه علي بن الحسين ،  فقال ألا أحدثكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالوا : بلى . فحدثنا عن أبي القاسم  ، قال : لما مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه جبريل ،  فقال : يا محمد  إن الله أرسلني إليك ; تكريما لك وتشريفا لك ، وخاصة لك أسألك عما هو أعلم به منك ، يقول : كيف تجدك ؟ قال : " أجدني يا جبريل  مغموما ، وأجدني يا جبريل  مكروبا " ثم جاءه اليوم الثاني ، فقال له ذلك ، فرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم كما رد أول يوم ، ثم جاءه اليوم الثالث ، فقال له كما قال أول يوم ، ورد عليه كما رد ، وجاء معه ملك يقال له : إسماعيل  على مائة ألف ملك ، كل ملك على مائة ألف ملك ، فاستأذن عليه ، فسأل عنه ، ثم قال جبريل : هذا ملك الموت يستأذن عليك ، ما استأذن على آدمي قبلك ، ولا يستأذن على آدمي بعدك . فقال عليه الصلاة والسلام : " ائذن له " فأذن له ، فدخل فسلم عليه ، ثم قال : يا محمد ،  إن الله أرسلني إليك ، فإن أمرتني أن أقبض روحك قبضته ، وإن أمرتني أن أتركه تركته . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أوتفعل يا ملك الموت ؟ " قال : نعم ، وبذلك أمرت ، وأمرت أن أطيعك . قال :   [ ص: 166 ] فنظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى جبريل ،  فقال له جبريل    : يا محمد ،  إن الله قد اشتاق إلى لقائك . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لملك الموت : " امض لما أمرت به " فقبض روحه ، فلما توفي النبي صلى الله عليه وسلم وجاءت التعزية سمعوا صوتا من ناحية البيت : السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله وبركاته ، إن في الله عزاء من كل مصيبة ، وخلفا من كل هالك ، ودركا من كل فائت ، فبالله فثقوا ، وإياه فارجوا ، فإنما المصاب من حرم الثواب . فقال علي  رضي الله عنه : أتدرون من هذا ؟ هذا الخضر ،  عليه الصلاة والسلام   . وهذا الحديث مرسل ، وفي إسناده ضعف بحال القاسم العمري  هذا ، فإنه قد ضعفه غير واحد من الأئمة ، وتركه بالكلية آخرون . وقد رواه الربيع ،  عن  الشافعي ،  عن القاسم ،  عن جعفر ،  عن أبيه ، عن جده ، فذكر منه قصة التعزية فقط ، موصولا ، وفي الإسناد العمري  المذكور ، قد نبهنا على أمره لئلا يغتر به . 
على أنه قد رواه الحافظ  البيهقي ،  عن  الحاكم ،  عن أبي جعفر البغدادي ،  حدثنا عبد الله بن الحارث  أو عبد الرحمن بن المرتعد الصنعاني ،  ثنا أبو الوليد المخزومي ،  ثنا أنس بن عياض ،  عن جعفر بن محمد ، عن  أبيه ، عن  جابر بن عبد الله  قال : لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم عزتهم الملائكة ، يسمعون الحس ولا يرون الشخص ، فقال : السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله وبركاته ، إن في الله   [ ص: 167 ] عزاء من كل مصيبة ، وخلفا من كل فائت ، ودركا من كل هالك ، فبالله فثقوا ، وإياه فارجوا ، فإنما المحروم من حرم الثواب ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته   . ثم قال  البيهقي    : هذان الإسنادان وإن كانا ضعيفين ، فأحدهما يتأكد بالآخر ، ويدل على أن له أصلا من حديث جعفر    . والله أعلم . 
وقال  البيهقي    : أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ،  أنبأنا أبو بكر أحمد بن بالويه ،  ثنا محمد بن بشر بن مطر ،  ثنا كامل بن طلحة    : ثنا عباد بن عبد الصمد ،  عن أنس بن مالك  قال : لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدق به أصحابه فبكوا حوله واجتمعوا ، فدخل رجل أشهب اللحية جسيم صبيح ، فتخطى رقابهم فبكى ، ثم التفت إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : إن في الله عزاء من كل مصيبة ، وعوضا من كل فائت ، وخلفا من كل هالك ، فإلى الله فأنيبوا ، وإليه فارغبوا ، ونظره إليكم في البلايا ، فانظروا ، فإن المصاب من لم يجبره . فانصرف ، فقال بعضهم لبعض : تعرفون الرجل ؟ فقال أبو بكر  وعلي    : نعم ، هذا أخو رسول الله صلى الله عليه وسلم الخضر    . ثم قال  البيهقي    : عباد بن عبد الصمد  ضعيف ، وهذا منكر بمرة . 
وقد روى الحارث بن أبي أسامة ،  عن محمد بن سعد  أنبأنا  هاشم بن القاسم ،  ثنا صالح المري ،  عن أبي حازم المدني  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قبضه الله عز وجل ، دخل المهاجرون فوجا فوجا يصلون عليه ويخرجون ، ثم دخلت   [ ص: 168 ] الأنصار  على مثل ذلك ، ثم دخل أهل المدينة  حتى إذا فرغت الرجال دخلت النساء ، فكان منهن صوت وجزع كبعض ما يكون منهن ، فسمعن هدة في البيت ففرقن فسكتن ، فإذا قائل يقول : إن في الله عزاء من كل هالك ، وعوضا من كل مصيبة ، وخلفا من كل فائت ، والمجبور من جبره الثواب ، والمصاب من لم يجبره الثواب . 
				
						
						
