وأما إماؤه عليه الصلاة والسلام  
فمنهن أمة الله بنت رزينة     . الصحيح أن الصحبة لأمها رزينة  كما سيأتي ، ولكن وقع في رواية ابن أبي عاصم  حدثنا عقبة بن مكرم ،  ثنا محمد بن موسى ،  حدثتنا عليلة بنت الكميت العتكية  قالت حدثتني أمي ، عن أمة الله  خادم النبي صلى الله عليه وسلم ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سبى صفية  يوم قريظة  والنضير ،  فأعتقها وأمهرها رزينة  أم أمة الله    . وهذا حديث غريب جدا . 
ومنهن أميمة     . قال  ابن الأثير    : وهي مولاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، روى حديثها أهل الشام     . روى عنها  جبير بن نفير  أنها كانت توضئ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأتاه رجل يوما فقال له : أوصني . فقال : " لا تشرك بالله شيئا وإن قطعت أو حرقت بالنار ، ولا تدع صلاة متعمدا ، فمن تركها فقد برئت منه ذمة الله وذمة رسوله ، ولا تشربن مسكرا ; فإنه رأس كل خطيئة ، ولا تعصين والديك   [ ص: 284 ] وإن أمراك أن تختلي من أهلك ودنياك "   . 
ومنهن بركة أم أيمن  ،  وأم  أسامة بن زيد بن حارثة    . وهي بركة بنت ثعلبة بن عمرو بن حصين بن مالك بن سلمة بن عمرو بن النعمان الحبشية ،  غلب عليها كنيتها أم أيمن ،  وهو ابنها من زوجها الأول عبيد بن زيد الحبشي ،  ثم تزوجها بعده  زيد بن حارثة ،  فولدت له أسامة بن زيد ،  وتعرف بأم الظباء ،  وقد هاجرت الهجرتين رضي الله عنها ، وهي حاضنة رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أمه آمنة بنت وهب    . وقد كانت ممن ورثها رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبيه ، قاله الواقدي    . وقال غيره : بل ورثها من أمه . وقيل : بل كانت لأخت خديجة  فوهبتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وآمنت قديما وهاجرت ، وتأخرت بعد النبي صلى الله عليه وسلم ، وتقدم ما ذكرناه من زيارة أبي بكر  وعمر  رضي الله عنهما ، إياها بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ، وأنها بكت ، فقالا لها : أما تعلمين أن ما عند الله خير لرسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقالت : بلى ، ولكن أبكي لأن الوحي قد انقطع من السماء . فجعلا يبكيان معها   . 
وقال  البخاري  في " التاريخ " : وقال عبد الله بن يوسف ،  عن ابن وهب ،  عن  يونس بن يزيد ،  عن الزهري  قال : كانت أم أيمن  تحضن النبي صلى الله عليه وسلم حتى كبر ، فأعتقها ، ثم زوجها  زيد بن حارثة ،  وتوفيت بعد النبي صلى الله عليه وسلم بخمسة أشهر ،   [ ص: 285 ] وقيل : إنها بقيت بعد قتل عمر بن الخطاب ،  رضي الله عنه   . وقد رواه مسلم ،  عن أبي الطاهر ،  وحرملة ،  كلاهما عن ابن وهب ،  عن يونس ،  عن الزهري  قال : كانت  أم أيمن الحبشية    . فذكره . 
وقال محمد بن سعد  عن الواقدي    : توفيت أم أيمن  في أول خلافة عثمان بن عفان ،  رضي الله عنه . 
قال الواقدي    : وأنبأنا يحيى بن سعيد بن دينار ،  عن شيخ من بني سعد بن بكر  قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول  لأم أيمن    " يا أمه " . وكان إذا نظر إليها قال : " هذه بقية أهل بيتي "   . 
وقال أبو بكر بن أبي خيثمة    : أخبرني سليمان بن أبي شيخ  قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول :   " أم أيمن  أمي بعد أمي "   . 
وقال الواقدي  عن أصحابه المدنيين قالوا : نظرت أم أيمن  إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يشرب ، فقالت : اسقني . فقالت عائشة    : يا أم أيمن ،  أتقولين هذا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ ! فقالت : ما خدمته أطول . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " صدقت " . فجاء بالماء فسقاها   . 
 [ ص: 286 ] وقال المفضل بن غسان    : حدثنا  وهب بن جرير  ثنا أبي قال : سمعت عثمان بن القاسم  قال : لما هاجرت أم أيمن  أمست بالمنصرف دون الروحاء  وهي صائمة  ، فأصابها عطش شديد حتى جهدها . قال ، فدلي عليها دلو من السماء برشاء أبيض فيه ماء . قالت : فشربت فما أصابني عطش بعد ، وقد تعرضت للعطش بالصوم وفي الهواجر ، فما عطشت بعد   . 
وقال الحافظ أبو يعلى    : ثنا محمد بن أبي بكر المقدمي ،  ثنا سلم بن قتيبة ،  عن الحسين بن حريث ،  عن يعلى بن عطاء ،  عن الوليد بن عبد الرحمن ،  عن أم أيمن  قالت : كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم فخارة يبول فيها ، فكان إذا أصبح يقول : " يا أم أيمن ،  صبي ما في الفخارة " فقمت ليلة وأنا عطشى فغلطت فشربت ما فيها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا أم أيمن ،  صبي ما في الفخارة " فقالت : يا رسول الله صلى الله عليه وسلم قمت وأنا عطشى ، فشربت ما فيها . فقال : " إنك لن تشتكي بطنك بعد يومك هذا أبدا "   . 
قال  ابن الأثير  في " الغابة " : وروى  حجاج بن محمد ،  عن  ابن جريج ،  عن حكيمة بنت أميمة ،  عن أمها أميمة بنت رقيقة  قالت : كان للنبي صلى الله عليه وسلم قدح من عيدان يبول فيه ، يضعه تحت السرير ، فجاءت امرأة اسمها بركة  فشربته ،   [ ص: 287 ] فطلبه فلم يجده ، فقيل : شربته بركة . فقال : " لقد احتظرت من النار بحظار " قال الحافظ أبو الحسن بن الأثير    : وقيل إن التي شربت بوله عليه الصلاة والسلام ، إنما هي  بركة الحبشية  التي قدمت مع أم حبيبة من الحبشة    . وفرق بينهما . فالله أعلم . 
قلت : فأما بريرة  فإنها كانت لآل أبي أحمد بن جحش ،  فكاتبوها فاشترتها عائشة  رضي الله عنها منهم فأعتقتها فثبت ولاؤها لها ، كما ورد الحديث بذلك في " الصحيحين " ، ولم يذكرها  ابن عساكر    . 
ومنهن خضرة     . ذكرها ابن منده  فقال : روى معاوية بن هشام ،  عن سفيان ، عن  جعفر بن محمد ،  عن أبيه قال : كان للنبي صلى الله عليه وسلم خادم يقال لها : خضرة    . 
وقال محمد بن سعد  عن الواقدي ،  ثنا فائد مولى عبيد الله ،  عن عبيد الله بن علي بن أبي رافع ،  عن جدته سلمى  قالت : كان خدم رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا وخضرة  ورضوى  وميمونة بنت سعد ،  أعتقهن رسول الله   [ ص: 288 ] صلى الله عليه وسلم كلهن ، رضي الله عنهن   . 
ومنهن خليسة مولاة حفصة بنت عمر بن الخطاب  ،  رضي الله عنهما . قال  ابن الأثير ،  في " الغابة " : روت حديثها عليلة بنت الكميت ،  عن جدتها ، عن خليسة مولاة حفصة ،  في قصة حفصة   وعائشة  مع  سودة بنت زمعة ،  ومزحهما معها بأن الدجال  قد خرج ، فاختبأت في بيت كانوا يوقدون فيه ، واستضحكتا ، وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " ما شأنكما ؟ " . فأخبرتاه بما كان من أمر سودة ،  فذهب إليها ، فقالت : يا رسول الله ، أخرج الدجال ؟ فقال : " لا " . وكان قد خرج فخرجت ، وجعلت تنفض عنها بيض العنكبوت   . وذكر  ابن الأثير  خليسة مولاة سلمان الفارسي  ،  وقال : لها ذكر في إسلام سلمان ،  رضي الله عنهما ، وإعتاقها إياه ، وتعويضه عليه الصلاة والسلام لها بأن غرس لها ثلاثمائة فسيلة . ذكرتها تمييزا . 
ومنهن خولة   خادم النبي صلى الله عليه وسلم . كذا قال  ابن الأثير ،  وقد روى حديثها الحافظ أبو نعيم  من طريق حفص بن سعيد القرشي ،  عن أمه ، عن أمها خولة ،  وكانت خادم النبي صلى الله عليه وسلم ، فذكر حديثا في تأخر الوحي بسبب جرو كلب مات تحت سريره عليه الصلاة والسلام ولم يشعروا به ، فلما أخرجه جاء الوحي ، فنزل قوله تعالى : والضحى والليل إذا سجى  وهذا غريب ،   [ ص: 289 ] والمشهور في سبب نزولها غير ذلك . والله أعلم . 
ومنهن رزينة     . قال  ابن عساكر    : والصحيح أنها كانت  لصفية بنت حيي    . وكانت تخدم النبي صلى الله عليه وسلم . 
قلت : وقد تقدم في ترجمة ابنتها أمة الله  أنه عليه الصلاة والسلام أمهر  صفية بنت حيي  أمها رزينة ،  فعلى هذا يكون أصلها له عليه الصلاة والسلام . 
وقال الحافظ أبو يعلى    : ثنا أبو سعيد الجشمي ،  حدثتنا عليلة بنت الكميت  قالت : سمعت أمي أمينة  قالت : حدثتني أمة الله بنت رزينة ،  عن أمها رزينة  مولاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سبى صفية  يوم قريظة  والنضير  حين فتح الله عليه ، فجاء بها يقودها سبية ، فلما رأت النساء قالت : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأنك رسول الله . فأرسلها وكان ذراعها في يده ، فأعتقها ، ثم خطبها وتزوجها ، وأمهرها رزينة   . هكذا وقع في هذا السياق ، وهو أجود مما سبق من رواية ابن أبي عاصم ،  ولكن الحق أنه عليه الصلاة والسلام اصطفى صفية  من غنائم خيبر  وأنه أعتقها وجعل عتقها صداقها . وما وقع في هذه الرواية يوم قريظة  والنضير  تخبيط ; فإنهما يومان ، بينهما سنتان . والله أعلم . 
وقال الحافظ  أبو بكر البيهقي  في " الدلائل " : أخبرنا ابن عبدان  أنبأنا   [ ص: 290 ] أحمد بن عبيد الصفار ،  ثنا علي بن الحسن السكري ،  ثنا عبيد الله بن عمر القواريري ،  حدثتنا عليلة بنت الكميت العتكية ،  عن أمها أمينة  قالت : قلت لأمة الله بنت رزينة  مولاة رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا أمة الله ،  أسمعت أمك تذكر أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر صوم عاشوراء ؟ قالت : نعم ، كان يعظمه ويدعو برضعائه ورضعاء ابنته فاطمة ،  فيتفل في أفواههم ، ويقول لأمهاتهم : " لا ترضعيهم إلى الليل " له شاهد في الصحيح 
ومنهن رضوى     . قال  ابن الأثير    : روى  سعيد بن بشير ،  عن قتادة  عن رضوى بنت كعب ،  أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحائض تختضب ، فقال : " ما بذلك بأس " رواه أبو موسى المديني    . 
ومنهن ريحانة بنت شمعون القرظية     . وقيل : النضرية . وقد تقدم ذكرها بعد أزواجه صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهن . 
ومنهن زرينة    . بتقديم الزاي . والصحيح رزينة  كما تقدم . 
ومنهن سائبة   مولاة رسول الله صلى الله عليه وسلم . روت عنه حديثا في اللقطة ، وعنها طارق بن عبد الرحمن ،  روى حديثها أبو موسى المديني    . هكذا ذكر  ابن الأثير  في " الغابة " . 
 [ ص: 291 ] ومنهن سديسة الأنصارية     . وقيل : مولاة  حفصة بنت عمر ،  روت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : إن الشيطان لم يلق عمر  منذ أسلم إلا خر لوجهه قال  ابن الأثير    : رواه عبد الرحمن بن الفضل بن الموفق ،  عن أبيه ، عن إسرائيل ،  عن الأوزاعي ،  عن سالم  عن سديسة ،  ورواه إسحاق بن يسار ،  عن الفضل ،  فقال : عن سديسة ،  عن حفصة ،  عن النبي صلى الله عليه وسلم . فذكره . رواه أبو نعيم  وابن منده    . 
ومنهن سلامة  حاضنة إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم    . روت عنه حديثا في فضل الحمل والطلق والرضاع والسهر ، فيه غرابة ونكارة من جهة إسناده ومتنه ، رواه أبو نعيم ،  وابن منده  من حديث هشام بن عمار بن نصير  خطيب دمشق  عن أبيه عن عمرو بن سعيد الخولاني ،  عن أنس  عنها . ذكرها ابن الأثير . 
ومنهن سلمى     . وهي أم رافع  امرأة أبي رافع ،  كما رواه الواقدي  عنها ، أنها قالت : كنت أخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا وخضرة  ورضوى  وميمونة بنت سعد ،  فأعتقنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كلنا   . 
قال الإمام أحمد    : حدثنا أبو عامر ،  وأبو سعيد مولى بني هاشم ،  ثنا عبد   [ ص: 292 ] الرحمن بن أبي الموالي ،  عن فائد مولى ابن أبي رافع ،  عن علي بن عبيد الله بن أبي رافع ،  عن جدته سلمى  خادم النبي صلى الله عليه وسلم قالت : ما سمعت أحدا قط يشكو إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعا في رأسه إلا قال : " احتجم " . ولا وجعا في رجليه إلا قال : " اخضبهما بالحناء   " وهكذا رواه أبو داود  من حديث ابن أبي الموالي ،   والترمذي   وابن ماجه  من حديث  زيد بن الحباب ،  كلاهما عن فائد ،  عن مولاه عبيد الله بن علي بن أبي رافع ،  عن جدته سلمى  به . وقال الترمذي    : غريب إنما نعرفه من حديث فائد    . وقد روت عدة أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم يطول ذكرها واستقصاؤها . قال مصعب الزبيري  وقد شهدت سلمى  وقعة خيبر    . 
قلت : وقد ورد أنها كانت تطبخ للنبي صلى الله عليه وسلم الحريرة فتعجبه . وقد تأخرت إلى بعد موته عليه الصلاة والسلام ، وشهدت وفاة فاطمة  رضي الله عنها ، وقد كانت أولا  لصفية بنت عبد المطلب  عمته عليه الصلاة والسلام ، ثم   [ ص: 293 ] صارت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكانت قابلة أولاد فاطمة ،  وهي التي قبلت إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم ،  وقد شهدت غسل فاطمة  رضي الله عنها ، وغسلتها مع زوجها علي بن أبي طالب   وأسماء بنت عميس  امرأة الصديق    . 
وقد قال الإمام أحمد    : حدثنا أبو النضر ،  ثنا إبراهيم بن سعد ،  عن محمد بن إسحاق ،  عن عبيد الله بن علي بن أبي رافع ،  عن أبيه ، عن سلمى  قالت : اشتكت فاطمة  عليها السلام ، شكواها الذي قبضت فيه ، فكنت أمرضها ، فأصبحت يوما كأمثل ما رأيتها في شكواها تلك . قالت : وخرج علي لبعض حاجته ، فقالت : يا أمه ، اسكبي لي غسلا . فسكبت لها غسلا ، فاغتسلت كأحسن ما رأيتها تغتسل ، ثم قالت : يا أمه ، أعطني ثيابي الجدد . فأعطيتها فلبستها ، ثم قالت : يا أمه ، قدمي لي فراشي وسط البيت . ففعلت ، واضطجعت ، فاستقبلت القبلة وجعلت يدها تحت خدها ، ثم قالت : يا أمه ، إني مقبوضة الآن ، وقد تطهرت فلا يكشفني أحد . فقبضت مكانها . قالت ، فجاء علي  فأخبرته   . وهو غريب جدا . 
ومنهن سيرين     - ويقال : شيرين    - أخت مارية القبطية ،  خالة إبراهيم  عليه السلام . وقد قدمنا أن المقوقس  صاحب إسكندرية ،  واسمه   [ ص: 294 ] جريج بن مينا ،  أهداهما مع غلام اسمه مأبور ،  وبغلة يقال لها : الدلدل . فوهبها رسول الله صلى الله عليه وسلم  لحسان بن ثابت ،  فولدت له ابنه عبد الرحمن بن حسان    . 
ومنهن عنقودة   أم صبيح الحبشية  جارية عائشة    . كان اسمها عنبة ،  فسماها رسول الله صلى الله عليه وسلم عنقودة    . رواه أبو نعيم    . ويقال : اسمها غفيرة    . 
فروة ظئر النبي صلى الله عليه وسلم - يعني مرضعه - قالت : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم   " إذا أويت إلى فراشك فاقرئي " قل يا أيها الكافرون " فإنها براءة من الشرك " ذكرها أبو أحمد العسكري    . قاله  ابن الأثير  في " الغابة " . 
فأما فضة النوبية     . فقد ذكر  ابن الأثير  في " الغابة " أنها كانت مولاة لفاطمة  بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم أورد بإسناد مظلم ، عن محبوب بن حميد البصري ،  عن القاسم بن بهرام ،  عن ليث ،  عن مجاهد ،  عن ابن عباس ،  في قوله تعالى : ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا    [ الإنسان : 8 ] . ثم   [ ص: 295 ] ذكر ما مضمونه ، أن الحسن  والحسين  مرضا فعادهما رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعادهما عامة العرب ، فقالوا لعلي    : لو نذرت ؟ فقال علي    : إن برئا مما بهما صمت لله ثلاثة أيام . وقالت : فاطمة  كذلك ، وقالت فضة  كذلك . فألبسهما الله العافية فصاموا . وذهب علي ، فاستقرض من شمعون الخيبري  ثلاثة آصع من شعير ، فهيئوا منه تلك الليلة صاعا ، فلما وضعوه بين أيديهم للعشاء ، وقف على الباب سائل فقال : أطعموا المسكين ، أطعمكم الله على موائد الجنة . فأمرهم علي فأعطوه ذلك الطعام وطووا ، فلما كانت الليلة الثانية صنعوا لهم الصاع الآخر ، فلما وضعوه بين أيديهم وقف سائل فقال : أطعموا اليتيم . فأعطوه ذلك وطووا . فلما كانت الليلة الثالثة قال : أطعموا الأسير . فأعطوه وطووا ثلاثة أيام وثلاث ليال . فأنزل الله في حقهم هل أتى على الإنسان    [ الإنسان : 1 ] إلى قوله : لا نريد منكم جزاء ولا شكورا    [ الإنسان : 9 ] وهذا الحديث منكر ، ومن الأئمة من يجعله موضوعا ، ويسند ذلك إلى ركة ألفاظه ، وأن هذه السورة مكية ، والحسن  والحسين  إنما ولدا بالمدينة    . والله أعلم . 
ليلى مولاة عائشة     . قالت : يا رسول الله ، إنك تخرج من الخلاء فأدخل في أثرك فلم أر شيئا ، إلا أني أجد ريح المسك . فقال : " إنا معشر الأنبياء تنبت أجسادنا على أرواح أهل الجنة ، فما خرج منا من نتن ابتلعته الأرض "  [ ص: 296 ] رواه أبو نعيم  من حديث أبي عبد الله المدني    - وهو أحد المجاهيل - عنها . 
مارية القبطية أم إبراهيم  ،  عليه السلام . تقدم ذكرها مع أمهات المؤمنين . وقد فرق  ابن الأثير  بينها وبين مارية أم الرباب ،  قال وهي جارية للنبي صلى الله عليه وسلم أيضا . حديثها عند أهل البصرة   رواه عبد الله بن حبيب ،  عن أم سليمان ،  عن أمها ، عن جدتها مارية  قالت : تطأطأت للنبي صلى الله عليه وسلم حتى صعد حائطا ليلة فر من المشركين   . ثم قال : ومارية  خادم النبي صلى الله عليه وسلم . روى أبو بكر بن عياش ،  عن المثنى بن صالح ،  عن جدته مارية    - وكانت خادم النبي صلى الله عليه وسلم - أنها قالت : ما مسست بيدي شيئا قط ألين من كف رسول الله صلى الله عليه وسلم   . قال أبو عمر بن عبد البر  في " الاستيعاب " : لا أدري أهي التي قبلها أم لا ؟ 
ومنهن ميمونة بنت سعد     . قال الإمام أحمد    : حدثنا علي بن بحر ،  ثنا عيسى ،  هو ابن يونس ،  ثنا ثور ،  هو ابن يزيد ،  عن زياد بن أبي سودة ،  عن أخيه ، أن ميمونة  مولاة النبي صلى الله عليه وسلم قالت : يا رسول الله ، أفتنا في بيت المقدس    . قال :   " أرض المنشر والمحشر ، ائتوه فصلوا فيه ، فإن صلاة فيه كألف صلاة فيما سواه " قالت : أرأيت من لم يطق أن يتحمل إليه أو يأتيه ؟ قال :  [ ص: 297 ]   " فليهد إليه زيتا يسرج فيه ، فإنه من أهدى له كان كمن صلى فيه " وهكذا رواه ابن ماجه ،  عن إسماعيل بن عبد الله الرقي ،  عن عيسى بن يونس ،  عن ثور ،  عن زياد ،  عن أخيه عثمان بن أبي سودة ،  عن ميمونة  مولاة النبي صلى الله عليه وسلم . وقد رواه أبو داود ،  عن النفيلي ،  عن مسكين بن بكير ،  عن سعيد بن عبد العزيز ،  عن زياد ،  عن ميمونة ،  لم يذكر أخاه . فالله أعلم . 
وقال أحمد    : حدثنا حسين  وأبو نعيم ،  قالا : ثنا إسرائيل ،  عن زيد بن جبير ،  عن أبي يزيد الضبي ،  عن ميمونة بنت سعد  مولاة النبي صلى الله عليه وسلم قالت : سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن ولد الزنا ، قال : " لا خير فيه ، نعلان أجاهد بهما في سبيل الله ، أحب إلي من أن أعتق ولد الزنا   " وهكذا رواه  النسائي  عن عباس الدوري ،   وابن ماجه  من حديث أبي بكر بن أبي شيبة ،  كلاهما عن  أبي نعيم الفضل بن دكين  به . وقال الحافظ أبو يعلى الموصلي    : ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ،  ثنا المحاربي ،  ثنا موسى بن عبيدة ،  عن أيوب بن خالد ،  عن ميمونة    - وكانت تخدم النبي صلى الله عليه وسلم - قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم   : " الرافلة في الزينة ،   [ ص: 298 ] في غير أهلها كالظلمة يوم القيامة لا نور لها " ورواه الترمذي  من حديث موسى بن عبيدة    . وقال : لا نعرفه إلا من حديثه ، وهو يضعف في الحديث ، وقد رواه بعضهم عنه فلم يرفعه . 
ومنهن ميمونة بنت أبي عنبسة  أو بنت عنبسة .  قاله أبو عمر  وابن منده    . قال أبو نعيم    : وهو تصحيف ، والصواب ميمونة بنت أبي عسيب ،  كذلك روى حديثها المنتجع بن مصعب أبو عبد الله العبدي ،  عن ربيعة بنت يزيد ،  وكانت تنزل في بني قريع ،  عن منبه ،  عن ميمونة بنت أبي عسيب    - وقيل : بنت أبي عنبسة    - مولاة النبي صلى الله عليه وسلم ، أن امرأة من جرش أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : يا عائشة ،  أغيثيني بدعوة من رسول الله صلى الله عليه وسلم تسكنيني بها ، وتطمنيني بها . وأنه قال لها : " ضعي يدك اليمنى على فؤادك فامسحيه ، وقولي : بسم الله ، اللهم داوني بدوائك ، واشفني بشفائك ، وأغنني بفضلك عمن سواك " قالت ربيعة    : فدعوت به فوجدته جيدا   . 
 [ ص: 299 ] ومنهن أم ضميرة  زوج أبي ضميرة    . قد تقدم الكلام عليهم رضي الله عنهم . 
ومنهن أم عياش  ،  رضي الله عنها . بعثها رسول الله صلى الله عليه وسلم مع ابنته تخدمها حين زوجها بعثمان بن عفان  رضي الله عنهما . قال أبو القاسم البغوي  حدثنا هدبة ،  ثنا عبد الواحد بن صفوان ،  حدثني أبي صفوان ،  عن أبيه ، عن جدته أم عياش    - وكانت خادم النبي صلى الله عليه وسلم - بعث بها مع ابنته إلى عثمان  رضي الله عنهم ، قالت : كنت أمغث لعثمان  التمر غدوة فيشربه عشية ، وأنبذه عشية فيشربه غدوة ، فسألني ذات يوم ، فقال : " تخلطين فيه شيئا ؟ " فقلت : أجل . قال : " فلا تعودي "   . 
فهؤلاء إماؤه رضي الله عنهن . 
وقد قال الإمام أحمد    : حدثنا  وكيع ،  ثنا القاسم بن الفضل ،  حدثني ثمامة بن حزن  قال : سألت عائشة  عن النبيذ ، فقالت : هذه خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلها . لجارية حبشية ،  فقالت : كنت أنبذ لرسول الله صلى الله عليه وسلم في سقاء عشاء فأوكيه ، فإذا أصبح شرب منه   . ورواه مسلم   والنسائي  من حديث القاسم بن الفضل  به . هكذا ذكره أصحاب الأطراف في مسند عائشة ،   [ ص: 300 ] والأليق ذكره في مسند جارية حبشية  كانت تخدم النبي صلى الله عليه وسلم ، وهي إما أن تكون واحدة ممن قدمنا ذكرهن ، أو زائدة عليهن . والله تعالى أعلم . 
				
						
						
