فأما حديث رد الشمس بعد مغيبها  ، فقد أنبأني شيخنا المسند الرحلة بهاء الدين القاسم بن المظفر بن تاج الأمناء بن عساكر  إذنا ، قال : أخبرنا الحافظ أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عساكر ،  المشهور بالنسابة كتابة قال : أنا الحافظ الكبير  أبو القاسم علي بن الحسين بن هبة الله بن عساكر  في كتابه قال : أخبرنا أبو المظفر بن القشيري  وأبو القاسم المستملي ،  قالا : ثنا أبو عثمان الحيري  أنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن الحسن الداندانقاني  بها ، أنا محمد بن أحمد بن محبوب    . وفي حديث ابن القشيري    : ثنا أبو العباس المحبوبي ،  ثنا سعيد بن مسعود    ( ح ) قال الحافظ  أبو القاسم بن عساكر    : وأنا أبو الفتح الماهاني ،  أنا شجاع بن علي ،  أنا أبو عبد الله بن منده ،  أنا عثمان بن أحمد التنيسي ،  أنا أبو أمية محمد بن إبراهيم  قال : حدثنا  عبيد الله بن موسى ،  ثنا  فضيل بن مرزوق ،  عن إبراهيم بن الحسن    - زاد أبو أمية    : بن الحسن    - عن فاطمة بنت الحسين ،  عن  أسماء بنت عميس  قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوحى إليه ورأسه في حجر علي ،  فلم يصل العصر حتى غربت الشمس ، فقال رسول   [ ص: 566 ] الله صلى الله عليه وسلم : صليت العصر ؟ - وقال أبو أمية    : " صليت يا علي ؟    " - قال : لا . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - وقال أبو أمية    : فقال النبي صلى الله عليه وسلم - : اللهم إنه كان في طاعتك وطاعة نبيك - وقال أبو أمية    : " رسولك " - فاردد عليه الشمس . قالت أسماء    : فرأيتها غربت ثم رأيتها طلعت بعد ما غربت . وقد رواه الشيخ  أبو الفرج بن الجوزي  في " الموضوعات " من طريق أبي عبد الله بن منده ،  كما تقدم ، ومن طريق  أبي جعفر العقيلي ،  ثنا أحمد بن داود ،  ثنا عمار بن مطر ،  ثنا  فضيل بن مرزوق ،  فذكره ، ثم قال : وهذا حديث موضوع ، وقد اضطرب الرواة فيه ، فرواه سعيد بن مسعود ،  عن  عبيد الله بن موسى ،  عن  فضيل بن مرزوق ،  عن عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار ،  عن علي بن الحسن ،  عن فاطمة بنت علي ،  عن أسماء ،  وهذا تخليط في الرواية . قال : وأحمد بن داود  ليس بشيء ؛ قال  الدارقطني    : متروك كذاب . وقال  ابن حبان    : كان يضع الحديث . وعمار بن مطر  قال فيه  العقيلي    : كان يحدث عن الثقات بالمناكير . وقال  ابن عدي  متروك الحديث . قال :  وفضيل بن مرزوق  قد ضعفه يحيى ،  وقال  ابن حبان    : يروي الموضوعات ويخطئ عن الثقات . 
وبه قال إلى الحافظ  أبي القاسم بن عساكر ،  قال : وأخبرنا أبو محمد   [ ص: 567 ] ابن طاوس ،  أنا عاصم بن الحسن ،  أنا أبو عمر بن مهدي ،  أنا أبو العباس بن عقدة ،  ثنا أحمد بن يحيى الصوفي ،  حدثنا عبد الرحمن بن شريك ،  حدثني أبي عن عروة بن عبد الله بن قشير  قال : دخلت على فاطمة بنت علي ،  فرأيت في عنقها خرزة ، ورأيت في يديها مسكتين غليظتين ، وهي عجوز كبيرة ، فقلت لها : ما هذا ؟ فقالت : إنه يكره للمرأة أن تتشبه بالرجال   . ثم حدثتني أن  أسماء بنت عميس  حدثتها أن علي بن أبي طالب  دفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقد أوحي إليه ، فجلله بثوبه ، فلم يزل كذلك حتى أدبرت الشمس . تقول : غابت أو كادت أن تغيب . ثم إن نبي الله صلى الله عليه وسلم سري عنه فقال : " أصليت يا علي    " قال : لا . فقال النبي صلى الله عليه وسلم اللهم رد على علي الشمس فرجعت الشمس حتى بلغت نصف المسجد قال عبد الرحمن    : وقال أبي : حدثني موسى الجهني  نحوه . ثم قال الحافظ  ابن عساكر    : هذا حديث منكر ، وفيه غير واحد من المجاهيل . 
وقال الشيخ  أبو الفرج بن الجوزي  في " الموضوعات " : وقد روى ابن شاهين  هذا الحديث عن  ابن عقدة    . فذكره ، ثم قال : وهذا باطل ، والمتهم به  ابن عقدة ،  فإنه كان رافضيا يحدث بمثالب الصحابة . 
 [ ص: 568 ] قال الخطيب    : ثنا علي بن محمد بن نصر ،  سمعت حمزة بن يوسف  يقول : كان  ابن عقدة  بجامع براثا  يملي مثالب الصحابة - أو قال : الشيخين - فتركته . وقال  الدارقطني    : كان  ابن عقدة  رجل سوء . 
وقال  ابن عدي  سمعت أبا بكر بن أبي غالب  يقول :  ابن عقدة  لا يتدين بالحديث ؛ لأنه كان يحمل شيوخا بالكوفة  على الكذب ، فيسوي لهم نسخا ويأمرهم أن يرووها ، وقد تبينا ذلك منه في غير شيخ بالكوفة    . 
وقال الحافظ أبو بشر الدولابي  في كتابه " الذرية الطاهرة " : حدثنا إسحاق بن يونس ،  ثنا  سويد بن سعيد ،  ثنا المطلب بن زياد ،  عن إبراهيم بن حيان ،  عن عبد الله بن حسين ،  عن فاطمة بنت الحسين ،  عن الحسين  قال : كان رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجر علي  وهو يوحى إليه   . فذكر الحديث بنحو ما تقدم . إبراهيم بن حيان  هذا تركه  الدارقطني  وغيره . وقال محمد بن ناصر البغدادي الحافظ    : هذا الحديث موضوع . قال شيخنا الحافظ أبو عبد الله الذهبي    : وصدق ابن ناصر    . وقال  ابن الجوزي    : وقد رواه ابن مردويه  من   [ ص: 569 ] حديث داود بن فراهيج ،  عن  أبي هريرة  قال : نام رسول الله صلى الله عليه وسلم ورأسه في حجر علي ،  ولم يكن صلى العصر حتى غربت الشمس ، فلما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا له ، فردت عليه الشمس حتى صلى ، ثم غابت ثانية   . ثم قال : وداود  ضعفه شعبة ،  ثم قال  ابن الجوزي    : ومن تغفيل واضع هذا الحديث أنه نظر إلى صورة فضيلة ، ولم يتلمح عدم الفائدة ، فإن صلاة العصر بغيبوبة الشمس صارت قضاء ، فرجوع الشمس لا يعيدها أداء ، وفي الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : أن الشمس لم تحبس على أحد إلا ليوشع    . 
قلت : هذا الحديث ضعيف ومنكر من جميع طرقه ، فلا تخلو واحدة منها عن شيعي ومجهول الحال ، وشيعي ومتروك ، ومثل هذا الحديث لا يقبل فيه خبر واحد إذا اتصل سنده ؛ لأنه من باب ما تتوفر الدواعي على نقله ، فلا بد من نقله بالتواتر والاستفاضة ، لا أقل من ذلك ، ونحن لا ننكر هذا في قدرة الله تعالى ، وبالنسبة إلى جناب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقد ثبت في " الصحيح " أنها ردت ليوشع بن نون ،  وذلك يوم حاصر بيت المقدس  واتفق ذلك في آخر يوم الجمعة ، وكانوا لا يقاتلون يوم السبت ، فنظر إلى الشمس وقد تضيفت للغروب ، فقال : إنك مأمورة ، وأنا مأمور ، اللهم احبسها علي . فحبسها الله عليه حتى فتحوها . ورسول الله صلى الله عليه وسلم أعظم جاها ، وأجل منصبا ، وأعلى قدرا من يوشع بن نون ،  بل من سائر الأنبياء على الإطلاق ، ولكن لا نقول إلا ما صح عندنا عنه ،   [ ص: 570 ] ولا نسند إليه ما ليس بصحيح ، ولو صح لكنا من أول القائلين به ، والمعتقدين له . وبالله المستعان . 
وقال الحافظ أبو بكر محمد بن حاتم بن زنجويه البخاري  في كتابه " إثبات إمامة أبي بكر الصديق    " فإن قال قائل من الروافض : إن أفضل فضيلة لأبي الحسن  وأدل دليل على إمامته ما روي عن  أسماء بنت عميس  قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوحى إليه ورأسه في حجر علي بن أبي طالب ،  فلم يصل العصر حتى غربت الشمس ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي : " صليت ؟ " قال : لا . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اللهم إنه كان في طاعتك وطاعة رسولك فاردد عليه الشمس " . قالت أسماء    : فرأيتها غربت ، ثم رأيتها طلعت بعد ما غربت . قيل له : كيف لنا بصحة هذا الحديث لنحتج على مخالفينا من اليهود  والنصارى ؟    ! ولكن الحديث ضعيف جدا ، لا أصل له ، وهذا مما كسبت أيدي الروافض ، ولو ردت الشمس بعد ما غربت لرآها المؤمن والكافر ، ونقلوا إلينا أن في يوم كذا من شهر كذا في سنة كذا ردت الشمس بعد ما غربت ، ثم يقال للروافض : أيجوز أن ترد الشمس لأبي الحسن  حين فاتته صلاة العصر ، ولا ترد لرسول الله ولجميع المهاجرين  والأنصار    - وعلي  فيهم - حين فاتتهم صلاة الظهر والعصر والمغرب يوم الخندق ؟    ! قال : وأيضا مرة أخرى عرس رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمهاجرين  والأنصار  حين قفل من غزوة خيبر    . فذكر نومهم عن صلاة الصبح وصلاتهم لها بعد طلوع الشمس . قال : فلم يرد الليل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى   [ ص: 571 ] أصحابه . قال : ولو كان هذا فضلا ، أعطيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وما كان الله ليمنع رسوله شرفا وفضلا . يعني أعطيه علي بن أبي طالب  
ثم قال : وقال إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني    : قلت لمحمد بن عبيد الطنافسي    : ما تقول فيمن يقول : رجعت الشمس على علي بن أبي طالب  حتى صلى العصر ؟ فقال : من قال هذا فقد كذب . 
وقال إبراهيم بن يعقوب    : سألت  يعلى بن عبيد الطنافسي  قلت : إن ناسا عندنا يقولون : إن عليا  وصي رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجعت عليه الشمس . فقال : كذب هذا كله . 
				
						
						
